تفصيل

  • الصفحات : 423 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2021،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-089-3.

تعتبر جمعية العلماء المسلمين الجزائريين من أهم الحركات الإصلاحية التي ظهرت في جزائر العصر الحديث والتي كانت ولازالت مثار الكثير من الدراسات باعتبار دورها التاريخي والاجتماعي والثقافي أثناء حقبة الاحتلال الفرنسي، والذي لم تحل مضايقاته المتنوعة من تفعيل أنشطتها بصحافة إصلاحية توعوية مثلت لسان حال الجمعية ومستودعا هاما لأفكارها ومنبرا مهما لرؤاها.

ولقد سعت الجمعية منذ نشأتها إلى مجابهة المساعي الاستئصالية للمحتل الفرنسي الذي لجأ إلى استخدام كل الوسائل الممكنة لتعطيل دور النوادي والمدارس والزوايا والمساجد والصحف وتدعيم دور مناوئيها مستهدفا بذلك الشخصية الجزائرية في هويتها وثقافتها وتاريخها. وهذا ما استدعى تدخلا عاجلا ومتنوعا ومستمرا لمواجهة هذه الممارسات والتخفيف من تأثيرها.

ومن بين ما يحسب للجمعية هو إدراكها المبكر بالدور الذي يمكن أن تضطلع به مؤسسات التنشئة الاجتماعية عموما ووسائل الإعلام خصوصا في نشر الوعي الثقافي وتعزيز روح الانتماء الحضاري ومحاربة البدع والخرافات وحشد الهمم، فقادت ردا قويا وطويل النفس على حملات الدعاية والتضليل التاريخي والثقافي التي لجأت إليها إدارة الاحتلال عبر توظيفها لوسائل الإعلام المطبوعة، خصوصا مع استقطاب المحتل لبعض الأقلام المتأثرين بثقافة المحتل إما مسايرة أو استرزاقا.

ومن ثم، عملت الجمعية –وبإمكاناتها المحدودة-على توظيف العمل الصحافي متبنية مشروعا ثقافيا إصلاحيا محاولة من خلاله المحافظة على ثقافة الشعب الجزائري وتاريخه ودينه ولغته.

ومن هنا، فلا مراء بأن الصحافة التي أنشأتها حركة الجمعية، باسمها أو باسم أهم ناشطيها وباللغتين العربية والفرنسية، تعتبر فضاءً يحوي منتجاتها الإعلامية والتي سعت من خلالها لتثقيف المجتمع الجزائري ونشر الوعي في أوساطه.

ونظرا لهذه الأهمية التاريخية والثقافية لنشاطها الإعلامي، فبإمكان هذه الصحافة الجمعوية البناءة أن تكون منطلقا للتجديد الإصلاحي والحركة الثقافية راهنا ومستقبلا، وذلك بالبحث في توقعات الدور الذي يمكن أن تقوم به في الأداء الصحافي وفي بناء المجال المجتمعي العام من خلال ما تقدمه من إسهامات في الإصلاح الثقافي والاجتماعي ضمن طرح جملة من السيناريوهات والتوقعات، خصوصا وأن هذه الجمعية قد عادت للظهور من جديد على الساحة الثقافية والفكرية وعلى الساحة الإعلامية أيضا.

ولأجل ما سبق من إشارات عامة، جاء هذا العمل الفكري، كتتويج مطبوع لمحاولات سابقة في شكل ندوات وملتقيات وطنية، من أجل التعريف ببعض النشاطات الصحفية للجمعية المتعلقة بدورها في الحركة الثقافية لأجل المساهمة في توعية الشعب الجزائري وتحضير أرضية مقاومة المحتل الفرنسي.

ولقد تم مقاربة جهدها هذا من خلال طلب الإجابة المعرفية على جملة من التساؤلات:

– إلى أي مدى ساهمت صحافة جمعية العلماء المسلمين في تفعيل الحركة الثقافية في الجزائر عبر صفحاتها بمختلف عناوينها؟

– ما طبيعة ووظيفة وغاية وقيمة هذا التفعيل الثقافي في صحافة الجمعية؟

– ما مدى إمكانية عودة دور هذه الجمعية وصحافتها راهنا ومستقبلا لأجل المشاركة في الحركة الثقافية والنهوض بثقافة المجتمع.

ومن هنا تبرز أهمية هذا العمل كإضافة معرفية أكاديمية تتناول صحافة الجمعية بالدراسة والتحليل من زوايا متعددة لتخرجها إلى فضاء البحث الإعلامي. وبناء على ذلك فقد جمع هذا العمل إسهامات ثرية ومتنوعة لباحثين من جامعات مختلفة، تناولت دور هذه الصحافة وتأثيرها في الحركة الثقافية الجزائرية سواء بالنسبة لصحافة جمعية العلماء التاريخية أو الجمعية وصحافتها الراهنة.

وفي الأخير، نأمل أن هذا الجهد المطبوع، الذي اشتمل على محاور غطتها المداخلات المنشورة والتي حاولت دراسة مضامين صحافة الجمعية والخوض في مختلف الزوايا الثقافية المتضمنة.

وقد تمثلت محاور هذا الكتاب فيما يلي:

-المحور الأول: واقع الحركة الثقافية في الجزائر ماضيا وحاضرا من خلال صحافة جمعية العلماء.

-المحور الثاني: مفهوم الثقافة والفعل الثقافي من خلال صحافة الجمعية.

-المحور الثالث: خلفيات البعد الثقافي لصحافة جمعية العلماء باستحضار المحتوى الصحفي لمختلف الصحف التي أنشأتها.

-المحور الرابع: الدراسة النقدية والتقييمية للمضمون الصحفي في زاويته الثقافية وفقا رؤى وطروحات مختلفة.

-المحور الخامس: استعراض أعلام صحافة جمعية العلماء المسلمين، تاريخهم، كتاباتهم، واتجاهاتهم.

-المحور السادس: صحافة جمعية العلماء المسلمين راهنا واستشراف دورها الإعلامي والثقافي والإسهام في حركة المجال العام.

وسيحقق للقارئ استقراء مختلفا لصحافة جمعية العلماء وفهم وجهتها الثقافية وإسهامها في قيادة شراع الحركة الثقافية الجزائرية نحو الوجهة التي تحافظ بها عن قيمها الثقافية النابعة من دينها ولغتها وتاريخها الحافل، فهذه الدراسات لا تتناول صحافة جمعية العلماء من حيث كونها مرحلة تاريخية ضمن أحداث مرت بها الجزائر، وإنما هي رصيد صحفي وفكري، ومشروع منظومة فكرية وإعلامية مختلفة، تفتح المجال على دراسات وإشكالات جديدة ذات خصوصية جزائرية تمتد بين ماض صحفي مميز وحاضر ومستقبل قد تكون فاتحته هذا الكتاب…

 

د. سكينة العابد

قسطينة: 8/8/2020