تفصيل

  • الصفحات : 304 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2022،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-367-2.

قليلة هي الأيام التي تترك بصمة وعلامة بارزة في حياة الشعوب ولا تمر دون أن يتذكرها الناس ويستشعروا منها العزة والامتنان للأجيال التي صنعت الأمجاد فيها، ولعل أهمها يوم الطالب العالمي الذي اُختير له الحادي والعشرون من فبراير من كل عام تخليدًا لذكرى نضال الطلاب وشهدائهم.

يعود ذلك اليوم إلى ذكرى الأحداث التي مرت بها مصر سنة 1946، حيث كانت هناك مظاهرات واحتجاجات طلابية عارمة ضد الاحتلال البريطاني للمطالبة بإلغاء معاهدة (1936) واتفاقيتي (1899) الخاصتين بالسودان وضرورة جلاء القوات البريطانية فورًا عن البلاد. فمنذ مطلع القرن العشرين ونضالات طلاب مصر مستمرة، فالحركة الطلابية المصرية ساهمت بشكل فعال في دعم قضايا التحرر الوطنية والدفاع عن مصر، منذ بداية ثورة (1919) إلى مظاهرات (1935) وانتفاضة الطلبة (1946) ومرورًا بتصدرها لمعارضة السلطة في مظاهرات (1968) و(1972) وانتفاضة يناير (1977).

الحق أن الحركة الطلابية في التاريخ المصري الحديث بمثابة الروح التي تسري في جسد الأمة، تنبض بنبضها وتنتزع راية القيادة في وجه كل ظالم مر على هذه البلاد بداية من الاحتلال الأجنبي إلى الحكام المستبدين. الحركة الطلابية هي الوحيدة التي استطاعت على مر التاريخ أن توجد معادلتها الخاصة من النضال الوطني بعيدًا عن خلافات حزبية ومصالح سياسية كثيرًا ما يقع فيها الجميع، فمبادئ الحراك الطلابي تتلخص في مواجهة الظلم أيًا كان فاعله ومهما كانت العواقب بدون حسابات معقدة تمرس عليها الساسة.

وفي هذا السياق يتناول القسم الأول من الكتاب دور الطلاب في الحياة السياسية المصرية سنة 1946، من الأهمية بمكان لتوضيح مدى تدارك الطلاب في هذه الفترة للأحداث السياسية وأنه بالفعل قد كان في هذا الوقت نمو ثقافي وسياسي من جانب الطلاب والذي وصل بهم الى حد اتصالهم بفئات الشعب الأخرى من عمال ومثقفين لكي يقفوا يدًا واحدة للمطالبة بهدفهم الواحد وهو “الجلاء ووحدة وادي النيل”.

ترجع أهمية الطلاب ودورهم في الحركة الوطنية إلى أنهم يعبرون عن كل شرائح المجتمع، فهم قطاع طولي بامتداد كل الطبقات والقوى الاجتماعية. وهذا الإصدار عبارة عن دراسة تاريخية مفصلة لانتفاضة (1946) في مراحلها المختلفة بدايةً من الإعداد لها ومرورًا بأحداث كوبري عباس الشهيرة، وحتى تشكيل اللجنة الوطنية للطلبة والعمال ودورها الذي انتهى بقرار حكومة إسماعيل صدقي باعتقال العناصر الوطنية فيما عُرف وقتها بقضية الشيوعية الكبرى، فضلاً عن تقييم شامل للانتفاضة في أبعادها المختلفة. وتظهر أهمية الدراسة في أنها تعبر عن ملامح أساسية لدور الطلاب في الواقع السياسي المصري، مصداقًا لقول المؤرخ الأمريكي والتر لاكير (Walter Laqueur): “لم يلعب الطلاب دورًا في الحركة الوطنية مثل الدور الذي لعبه الطلاب في مصر”.

لقد شهدت مصر في تاريخها قيام العديد من الثورات التي كانت بمثابة مقدمات وأصول لثورة كبري حدثت عام 1952م. فقد ثارت القاهرة مرتين في عامي 1798م، 1800م في وجه الحملة الفرنسية على مصر، كما قامت حركة ضباط الجيش في فبراير 1881م وسبتمبر من نفس العام بقيادة الضابط أحمد عرابي، وهي هوجة عرابي المعروفة باسم الثورة العرابية والتي كانت ضد حكم الخديوي توفيق المطلق واستبداده هو وحكومته وزيادة التدخل الأجنبي في شئون البلاد. وقد انتهت هذه الهوجة باحتلال الإنجليز للقاهرة في 14 سبتمبر 1882 واستسلام أحمد عرابي وبعض زملائه، لتبدأ منذ ذلك الحين فترة من أسوء الفترات في تاريخ مصر وهي فترة الاحتلال البريطاني لمصر.

وقد بدأ الانجليز تلك الفترة بتسريح الجيش المصري الذي قاتلهم، ونظموا جيشًا صغير العدد يتولى قيادته قائد عام إنجليزي ويعاونه كثير من كبار الضباط الانجليز. ولما قامت الحرب العالمية الأولي أعلنت انجلترا الأحكام العرفية في مصر ثم أعلنت الحماية البريطانية عليها، وألغت السيادة العثمانية وتعرضت البلاد خلال الحرب للنكبات حتى عُقدت الهدنة في نوفمبر عام 1918 وتطلع الشعب المصري لنيل حريته واستقلاله، غير أن انجلترا تنكرت لمعونات مصر وتضحياتها أثناء الحرب وكانت تخطط علي أساس الاحتفاظ بمصر ودعم الوجود البريطاني بها.

كان لهذه السياسة أثرها في إشعال الثورة في جميع أرجاء البلاد فكانت ثورة شعبية اشتركت فيها جميع الهيئات والطوائف كما اشتركت فيها المرأة المصرية لأول مرة وهي ثورة 1919 بزعامة سعد زغلول. ولما استمر الاحتلال البريطاني لمصر وفسد النظام الملكي وساءت أحوال البلاد من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تألفت في الجيش جماعة من الضباط الشبان الذين رأوا ضرورة تغيير الأوضاع السائدة في مصر، وقد عُرف هؤلاء “بالضباط الأحرار” وكان يتزعمهم الضابط جمال عبد الناصر، وعمل هؤلاء الضباط في سرية تامة من أجل الإطاحة بالفساد والمفسدين، فأخذوا يخططون للقيام بالثورة حتى قام الجيش المصري بالثورة في 23 يوليو 1952 وهي الثورة التي أنهت الملكية وأعلنت الجمهورية.

وموضوع القسم الثاني من الكتاب هو دور الضباط في الحياة السياسية في مصـر (1948 – 1952) وتحديدًا تنظيم الضباط الأحرار. وفي الواقع، لقد حظيت المكتبة العربية بكتابات كثيرة عن الملك فاروق، وثورة يوليو، وجمال عبد الناصر والضباط الأحرار، وقد تفاوتت هذه الدراسات والمؤلفات فيما بينها في معالجة تنظيم الضباط الأحرار ودور جمال عبد الناصر قبل الثورة. ولعل هذا يوضح ويزيد من أهمية هذه الدراسة في محاولة الخروج بحقائق تاريخية من خلال معارك الأقلام السابقة، وذلك باتباع المنهج العلمي التاريخي التحليلي الذي يقوم علي أساس عرض الوقائع التاريخية ومحاولة الربط بين الأقوال والروايات المختلفة ومحاولة استنباط الحقائق من بينها وما يترتب عليها من استنتاجات من خلال الشرح والتفسير.([1])

 

وَاللهُ مَنْ وَرَاءِ الْقَصدِ،،،

هليوبوليس – آب 2021

 

 

 

([1]) يمكن التواصل مع مؤلف الكتاب من خلال البريد الإلكتروني: ashraf-salih@hotmail.com