تفصيل

  • الصفحات : 126 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2023،
  • الغلاف : غلاف مقوى ،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-585-0.

لم يعهد الشّعر منذ الأزل الاستقرار أو التّقوقع في منجز معين فكان كالشجرة تُحافظ على الجذور وتُغيّر الأوراق باستمرار، ذلك أنّ التّحول والتّغيّر والتّجديد سنة الحياة، فلكلّ عصر مصطلحاته، أفكاره، زخمه، تطلّعاته، يحملها الزّمن الفار إلى ولهه الحربائي.

إنّ قُدرةَ الشعر على مُلاحقة الزّمن الفار إلى المُستقبل جعلت منه نصا مرجأ إلى حين لا يحين، وصورة تتعسر على الرّسم بالألوان،  فما من مُستجدات عصرية سيان تعلّقت بدغمائية الفكر السوداوي أو الباروكي، أو اختبارات اللّغة، إلا وكان الشعر من أوائل المُواكبين لها،  وعليه رام البحث الموْسوم بـ: فاعليات الظّواهر الفنّية في خلق دينامية التّجربة الشّعرية، الشعر الجزائري خلال القرن الواحد والعشرين أنموذجا،مُسايرة مختلف التّطورات، والمستجدات الفكرية والفنّية على الصعيد العربي والغربي، وكذا تغذية جذوره بمختلف التّجارب الدّينامية، والنّسج على منوالها فكانت الظواهر الفنّية بشتى أنواعها (الالتزام الفنّي، التناص، الصورة الشّعرية)، أحد أهم التّقنيات التي حظيّت بالعناية والاهتمام البالغ من طرف رواد الحركة الأدبية الجزائرية المعاصرة، نظرا لقدرتها على احتواء الأحداث والتّعبير عنها بطريقة مُخاتلة، والحفر في أعماق القصيدة، فتنفتح أبعادها الدّلالية وتستمر في الإشعاع والتّوهج رغم توقف الأحداث وانتهائها.

وعليه تتضح مبرّرات اختياري للبحث والتي من بينها:

قدرة الظواهر الفنّية المتجلية في متون الشعر الجزائري المعاصر على  الانتقال دون مواربة من كتابة الوعي إلى وعي الكتابة،  فلم يعُد ديدن الشعراء الجزائريين المعاصرين مسايرة الوقائع والأحداث التّاريخية، والإفراج عنها بطريقة تجعل من النّص الشعري وكالات للأنباء، أو وثائق للتّأريخ، وإنما أضحى هاجس الشعراء الجزائريين استثمار إمكانات التّاريخ في إطار جمالي يعي الواقع بغير الواقع.

كما أنّ الهدف من هذه الدّراسة هو التّأكيد على دينامية التّجربة الشعرية الجزائرية المعاصرة التي أضحت خلال القرن الواحد والعشرين لوغوسا باروكيا يُجابه كلّ من سولت له نفسه انتهاك حرمة الفن والوطن.

وبناء على الأهداف المرجوة تعرّضت الدّراسة إلى طرح الإشكالات الآتيّة:

هل تمكّنت الظواهر الفنّية المتطارحة من الانتقال بالقصيدة الجزائرية المعاصرة إلى وعي الكتابة الشعرية؟.

ما الذي أضافته الظواهر الفنية عموما للشعر الجزائري المعاصر؟.

هل حقق الشعر الجزائري المعاصر التّناسب الطردي بين الالتزام الفنّي والالتزام الإنساني لحظة معالجته للمعضلات الاجتماعية والأزمات السياسية؟.

هل حافظت الصّورة الشعرية المتجلية في الشعر الجزائري المعاصر على بنيتها التجسيمية؟، أم أنّها أضحت سليلة الأبعاد الرّمزية والخيالية؟.

ترى هل فارق التّناص في الشعر الجزائري المعاصر استراتيجية البريد المضمون؟.

فهذه الاستفهامات سيتمّ تطارحها اعتمادا على المنهج التأويلي فهو الأنسب والأقدر على استكناه غور الظواهر الفنّية التي أضحت في الشعر الجزائري المعاصر حرباء  تتلون مع كلّ سياق جديد.

وقد اقتضى البحث أن يُقسّم إلى ثلاثة فصول ومدخل وخاتمة، تضمن المدخل الحديث عن تطور التّجربة الشّعرية الجزائرية، أما الفصل الأول الموسوم بــ: الالتزام بين القضايا الفنّية والإنسانية فقد اشتمل على ثلاثة مباحث، تضمن المبحث الأول الشّبكة

المفاهيمية للالتزام، وتطرق المبحث الثاني إلى فعّاليات الالتزام في القضايا الإنسانية، واستقطب المبحث الثالث المغزى من الالتزام.

أما الفصل الثاني المعنون بــ: التناص في ضوء الشعر الجزائري المعاصر فقد انحصر هو الآخر  في ثلاثة مباحث، امتد المبحث الأول في رحاب التّناص، فيما تعرض المبحث الثاني إلى ماهية التّناص، في حين احتوى المبحث الثالث على أشكال التناص، وبموازاة الفصل الثاني تضمن الفصل الثالث الموسوم بـ المخاض الدّلالي للصورة في الشعر الجزائري المعاصر أربعة مباحث هي كالأتي: 1/ كيفية تَخَلُق الصّورة الشعرية، 2/ الصّورة الشعرية في ميزان النّقد المعاصر، 3/ آراء النّقاد المعاصرين حول تدفق الصّور في الشعر 4/ أنواع الصّورة الشّعرية.

وبغية إثراء البحث وتوسيع مجال الدّراسة اعتمدنا على مجموعة من المصادر والمراجع نوجز منها:

دواوين الشاعر محمد علي سعيد: “روح المقام”، “صداح البحر”، “جيوب الرذاذ”، دواوين الشّاعر أحمد عبد الكريم: “موعظة الجندب”، “معراج السنونو”، ديوان الشاعر مصطفى دحيّة: “بلاغات الماء”…، حيث احتضنت هذه المصادر الجانب التّطبيقي من البحث، بالإضافة إلى مراجعَ أثرت عملية التّحليل وجعلتها ذات طابع أكاديمي نذكر منها:   ” الصورة الفنّية في الخطاب الشعري الجزائري ” لعبد الحميد هيمة، ” الالتزام في الشعر العربي” لأحمد أبي حاقة، ” الالتزام في القصة القصيرة الجزائرية المعاصرة ” لأحمد طالب، “الصورة الشعرية في النقد العربي الحديث” لبشرى موسى صالح، ” الصورة الشعرية عند خليل حاوي” لهدية جمعة البيطار ” أشكال التّناص وتحولات الخطاب الشعري المعاصر” لحافظ المغربي، “التناص” لعبد الجليل مرتاض.