تفصيل

  • الصفحات : 226 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2023،
  • الغلاف : غلاف مقوى ،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-651-2.

تحاول الدول القوية أن تنقل رؤيتها للعالم عبر وسائل ووسائط الإعلام والاتصال التي تعتبر من فواعل القوة الناعمة، والتي تصنف فيها مختلف وسائل الإعلام الاتصال لاسيما القنوات الإخبارية التي تمثل حصان طروادة في مختلف الاستراتيجيات العالمية، هذا المذهب الجديد في طبيعة الصراعات القائمة تتبناه القوى العالمية وحتى الإقليمية التي تتصارع حول منطقة الوطن العربي، وتلعبُ على رقعته هذه الصراعات المحتدمة لاسيما بعد التغيرات السياسية والأمنية التي عصفت بالمنطقة العربية منذ نهاية 2010.

وتعمد الدول ومن ورائها قادة الرأي ورجال السياسة والمال وكذا الأنظمة إلى السيطرة على الآخر من خلال نشر نمطها، ثقافتها وإيديولوجيتها ببعث منظومتها  الفكرية عبر وسائل متعددة ومتنوعة فيما يعرف بالدبلوماسية الثقافية ( كما هو الحال في النموذج الفرنسي)، كما تدافع في ذات الوقت عن مصالحها، معتقداتها فكرها وأهدافها، وبصورة خاصة الصراعات الإستراتيجية للهيمنة ولضمان المصالح الاقتصادية التي تعتبر العامل الأساسي الذي يتحكم في سياسات الدول القوية، أما فيما يخص أبرز الوسائل المستعملة في فرض هذه السيطرة  فنجد في العصر الحالي مختلف وسائل الإعلام بصفة عامة والمتطورة تقنيا بشكل كبير كأحد أهم الفواعل التي تساهم في السيطرة على الآخر في شكل جديد للدعاية التي تسبق وتواكب الحروب العسكرية عادةً، وكأن العالم اليوم يعيش في حروب استباقية يتم تمريرها فكريا عبر مضامين ليست بريئة في الغالب من خلال ترتيب أولويات الذي تتحكم فيه المجموعات الإعلامية العملاقة التي تقوم بصناعة الخبر لحظة حدوثه والى غاية نشره وعرضه عبر مختلف الوسائط الاتصالية وتقديمه في إطار خبري يخدم أهدافها.

ومن إدراكنا أن العالم يعاني جملة من الصراعات والتغيرات والتبديلات السياسية والإيديولوجية وكذا النازعات العسكرية، وتحولات إستراتيجية في الرؤى والأهداف أرتأينا أن نقدم هذه المقاربة من خلال هذا الكتاب العلمي لإثراء التصور القائم، خاصة في خضم هذه االسياقات المتعددة  التي يحيا الإنسان في حالة من التطور المتجاذب الأطراف والسريع الذي لا يمكن التحكم فيه كون هذه المتغيرات لها أبعاد داخلية، إقليمية، ودولية، والعديد من العناصر التي يجب فيها مراعاة التفاعل فيما بينها لأنها تتأثر وتؤثر في جوانب ومجالات لا حصر لها وتأتي وسائل الإعلام والاتصال في المقام الأول وفي صدارة هذه الفواعل التي تساهم في ترجيح الكفة، في حالات الحرب أو الصراعات، دون أن نهمل الحالات العادية، لأن مشروع تأثيرها مدروس وعلى مستويات متعددة.

ونقدم من خلال صفحات هذا الكتاب نموذجا غربياً يعتبر المنطقة العربية منطقة نفوذ تاريخية يبنى عليها  الكثير من الطموحات السياسية والاقتصادية وفي ذات القوت الثقافية التي تعتبر أهم الركائز التي يعتمد عليها، حيث أن فرنسا عرفت علاقات قديمة مع الوطن العربي وأدركت الأهمية الاستراتيجية لهذه المنطقة منذ القدم فعملت على الحفاظ على تواجدها فيها بمختلف الوسائل المتاحة لغاية اليوم وهذا بتفعيل مختلف الآليات لتحقيق الوجود ومنها الإعلام السمعي البصري الخارجي الذي تسعى فرنسا من خلاله لمخاطبة الوطن العربي بلغته العربية وكذا تكييف البرامج وفق القيم الفرنسية ما تعتبره فرنسا ضمن “دبلوماسيتها الثقافية” التي تحاول تفعيلها في الوطن العربي ككل، ولعل الأمور تعقدت بعد الحرب الأوكرانية الروسية لاحقا، لكن نحسب هذا الكتاب هو تمهيد لرسم مختلف الخطوط التي تربط فرنسا مع الوطن العربي سواء على المستوى التاريخي ومواقف فرنسا من أهم القضايا التي مست الوطن العربي عبر التاريخ ولاحقا الامتداد الاستراتيجي من خلال دبلوماسيتها الثقافية التي تعتمد على فواعلها السمعية البصرية بشكل خاص.