تفصيل

  • الصفحات : 300 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2021،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-185-2.

بسم الله الرحمن الرّحيم، الحمد لله ربِّ العالمين وصلّى الله على سيِّد الخلقِ أجمعين وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومَن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين.

مِن الظّواهِر الأدبِيّة التي عرفها الأدب المغربِي في القديمِ وامتدّت إلى العصرِ الحديثِ المدائح النّبوِيّة؛ حيثُ انتشَرَتْ بشكلٍ كبيرٍ جدّا نظرا للمكانة التي يشغلُها شخصُ النّبِيّ × في وجدانِ الشّعراء والعلماء بالسّواءِ، ولذلِكَ بثّوا في قصائدِهِم حبّهم وعشقهم للنّبِيّ ×وشوقهم إلى لقياهُ، فكانت منهم المطوّلات والمخمّسات والمعارَضات وبالخصوصِ في مناسبة إحياء ذكرى الـمولِدِ كلَّ سنةٍ. ولم يعدُ اطفِيّش (ت:1332ه) وهو المشارِك في علومٍ مختلفةٍ، عن هذه السّنّة فكانَ له نصيبٌ معتبَرٌ بالمشارَكة بِمنظوماتهِ ومؤلّفاتهِ التي أحْيَتْ في قلوبِ قرّائِها هذا الوجد والولهَ به ×.

ونحنُ إذْ نقِفُ في إطار البحثِ الأكاديمي الخادِم للتّراثِ العربي والإسلامِي نقدّمُ للأسرةِ الجامعِيّة وللقارِئ العربِي هذه الدِّراسة المعنِيّة بتتبّعِ قضايا الدّرسِ اللّغوِي والأدبي لشرحِ اطفِيّش على القصيدة المدنِيّة في مدحِ مهدِيّ الأمّة، وكانَ اطفِيّش اتّخذ هذهِ القصيدة الـمدنيّة مطِيّةً ليفيدَ القارِئَ بمعلوماتٍ عن حياةِ النّبِيّ ×ويحدِّثهُ عن معجزاتهِ، ليكونَ ذلِك وسيلةً لربط الـمسلمين بنبيّهم ونيل بركاتِهِ، ولمْ يُهمِلْ طبيعة هذا النّظمِ الشّعرِيّ فتوسّلَ بالأدوات اللّغوِيّة المعروفة مِن أجلِ مقاربةِ معاني القصيدة، وقد أظهرَ خلالَ ذلِكَ مقدرةً مـميّزَةً في اسْتحضارِ هذه الأدوات خِدمةً لغايتهِ العلمِيّة والتّعليمِيّة.

وبالنّظرِ إلى الزّخَمِ الـمنهجي الذي شهدتهُ ساحةُ الدّراسات اللّغوِيّة والأدبِيّة في هذا العصْرِ تأثُّرا بالـمَوْجَةِ العالَـمِيّة التي غذّتها تيّارات فلسفِيّة مختلفة الـمشارِبِ غدا القارِئ العربِيّ وبالخصوص الباحث الجامِعي في حاجَةٍ ماسّةٍ إلى دراسات تطبِيقِيّة تقارِبُ هذا الزّخَم، وتجعلُهُ أوْفقَ إلى تقديمِ تفسيرات للظّاهرة اللّغوِيّة والأدبِيّة موافِقة لـما هي عليهِ في الواقِعِ، فهي تتميّزُ بِالتّعقِيدِ وضرورة تناولها مِن جوانبَ متعدّدة وبوَعيٍ منهجِيٍّ مضبوطٍ.

وأفضَت الدِّراسةُ التي اعتنَتْ بالجانِبِ اللّغويّ والأدبيّ لهذا الشّرْحِ إلى التّميِيزِ بينَ المستويات اللّغوِيّة المعروفة (الأصوات، والمفردات، والتّراكيب، والمعاني) فقد قَدَّمَاطفِيّش في شرحهِ مادّة موسوعِيّة تنبِئُ عن جهدٍ معتبَرٍ ومعايشة للقصيدةِ ورغبةً في مشاركة القارِئِ لهذه التّجربة الوجدانِيّة والعلميّة، فقامَت الدّراسةُ بِإِعادَةِ تنظيمِ مادّة الكتابِ وتحليلِها، لتقدّم للقارِئِ المعاصِرِ كتابا ألِّف في نهاية القرنِ 13ه/19م بمنهجٍ ما أصبَح يطيقُ مثلَهُ القارِئ الـمُعاصِر.

وفِي الختامِ فإنِّي أرجو أن يكون عملِي قد ارتقَى إلى مستوَى الكتابِ، ومكّن لنفسِهِ في مراقّ البحوث الأصِيلة، وحسبِي أنّ ما بذلتهُ من جهدٍ تقرّبٌ إلى المولى عزّ وجلّ بخدمة لغة كتابِهِ العزِيز، والرّفعِ مِن أهلِه الذِين سطّروا طرِيقَ الدّعوة، وألزموا أنفسَهم القيامَ بالواجِبِ الذِي نفرتْ عنهُ النّفوس، واستطابتِ الاكتفاءَ بما يسدُّ الرَّمقَ، ولا يُحقِّقُ الاكتفاءَ المطلوبَ، وإن وسمَ عملِي تقصِيرٌ، فهو حالُ الطّالب المبتدِئ، الرّاغِبِ فِي الزّيادة والتّحصِيلِ، ولا شكّ أنّ مجالَ البحثِ يحتاجُ إلى طولِ دربةٍ ومِراسٍ، فدراسة النُّصوصِ مجالٌ رحبٌ واسِعٌ، وقد أجِدُ لنفسِي مسوِّغا فِيما قصّرتُ فِيه وأخطأتُ باعتبارِ هذه الشّساعة والرّحابة، وأسأل الله أن يوفّقنِي في قابل الأيّامِ بالتزامِ مواصلة البحثِ والاجتهاد، وأن يجعلَ هذا العملَ متقبّلاً، وهو الهادِي والموفِّق للصّوابِ.

عبد الوهاب بافلح. غرداية يوم 14 ربيع الأوّل 1442ه 31 أكتوبر 2020م.