تفصيل

  • الصفحات : 310 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2020،
  • الغلاف : مقوى،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 9789931728641.

فقد أذعن العرب، المُخاطَبون بالقرآن، لعلو النظم القرآني، ثم جاء العلماء المسلمون فانبروا لتفسير مكامن الإعجاز، بعد أن كان الذوق هو المهيمن على التفسير الجمالي، حين كان يُراد الكشف عن أسرار المزية القرآنية، فوُضعت أسس علم البلاغة، المستخرجة من أساليب العرب في كلامهم.  وحينها  أصبح الذوق، مع ثلة من البلاغيين كعبد القاهر الجرجاني وجار الله الزمخشري، معللا، فهو عندهم سابق، ولكنه قابل للتعليل في أغلب المواضع، ويتضح هذا جليا من طريقتهم في التحليل؛ حيث اجتهدوا في الكشف عن مكمن المزية، وبيان الأسباب الموضوعية للجمال القرآني، فقاربوا الآليات العلمية الكاشفة عن الفرق بين كلام وكلام، ومن ثم، تميزوا بمنهجهم التعليلي الذي أخرج البيان من حيز الأذواق والانطباعات؛ موضحين أن سر الإعجاز يكمن داخل العبارة القرآنية، وفي حسن تناسق تراكيبه وبلاغته، يقول الخطابي:   “وقد استقرينا أوصافه الخارجة عنه، وأسبابه الثابتة منه، فلم نجد شيئاً منها يثبت على النظر، أو يستقيم في القياس، ويطرد على المعايير، فوجب أن يكون ذلك المعنى مطلوباً من ذاته، ومستقصى من جهة نفسه؛ فدل النظر وشاهد العبر على أن السبب له، والعلة فيه، أن أجناس الكلام مختلفة، ومراتبها في نسبة التبيان متفاوتة، ودرجاتها في البلاغة متباينة غير متساوية.” ([1])

وقد اختص الله كلامه بمستوى عال من النظم في كل سوره، متحديا به الثقلين، وقد يظهر هذا النمط الرفيع من الكلام متفرقا في أبيات من قصائد ” الفحولِ البُزْلِ، ثم المطبوعين الذين يلهمون القول إلهامًا. ثم إِنّك تحتاجُ إِلى أن تستقريَ عدَّة قصائدَ، بل أن تَفْليَ ديواناً من الشعر، حتى تَجْمعَ منه عدَّةَ أبياتٍ.”([2])

ويبقى هذا المستوى العالي، والذي يمثل إعجاز القرآن، أمرا محيرا، ولو قاربه العلماء، وهذا ما أشار إليه محمود شاكر، حين قال: “فالإعجاز فوق البلاغة التي كشف عنها الجرجاني الحجاب”([3])، وذلك بعد اعترافه وإقراره بالجهد الجبار لعبد القاهر، والذي لا مثيل له، قائلا:  ” وكل ما قاله عبد القاهر هنا حق قد أجاد التدليل عليه في كتابيه، بتحليل بالغ الروعة والقوة والصدق، معرقٌ في القدرة على تذوق البيان، وعلى البيان عن هذا التذوق”([4])، وهنا يمكن القول إنه ليست هناك نظرية كاملة للإعجاز تحيط بأسراره، بل كل ما قاله العلماء ووفقهم الله للإبانة عنه من أمر الإعجاز حق، كما قال ابن تيمية، حاشا القول بالصرفة، يقول شيخ الإسلام عن وجوه إعجاز القرآن:  ” هو  آية بينة معجزة من وجوه متعددة:  من جهة اللفظ، ومن جهة النظم، ومن جهة البلاغة في دلالة اللفظ على المعنى، ومن جهة معانيه التي أخبر بها عن الله تعالى وأسمائه وصفاته وملائكته، وغير ذلك. ومن جهة معانيه، التي أخبر بها عن الغيب الماضي، وعن الغيب المستقبل، ومن جهة ما أخبر به عن المعاد، ومن جهة ما بين فيه من الدلائل اليقينية، والأقيسة العقلية التي هي الأمثال المضروبة. . . وكل ما ذكره الناس من الوجوه في إعجاز القرآن، هو حجة على إعجازه، ولا تناقض في ذلك، بل كل قوم تنبهوا لما تنبهوا له. ومن أضعف الأقوال قول من يقول من أهل الكلام:  إنه معجز بصرف الدواعي.”([5])

وتأتي هذه الدراسات لمجموعة من المؤلفين، من منطلق الكشف عن بعض الأسرار المخبأة في كلام الباري؛ لتدلي بدلوها في إبراز جوانب من الإعجاز القرآني؛ ولتكشف عن لطائف لغوية جمة تضمنها كتاب الله الخالد، الذي لا يخلق على كثرة الرد؛ إذ هو حجة الرسول الدامغة، وآيته الكبرى الشاهدة برسالته، والناطقة بنبوته.

وختاماً، أقول: إنه لتشريف كبير أن أكون  منسقاً ومقدماً  لهذا المؤلف الجماعي، داعياً الله أن يتقبل منا هذا العمل، ويجعله ذخرا  للمشاركين في إعداده، والقائمين على نشره، وأخص بالذكر منهم:  أعضاء مختبر اللغة والتواصل بالمركز الجامعي أحمد زبانة- غليزان- بالجزائر .

?-د. زكرياء سلمان

 جامعة القاضي عياض، مراكش، المغرب