تفصيل

  • الصفحات : 123 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2023،
  • الغلاف : غلاف مقوى ،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-493-8.

تعتبر الهندسة المالية من أهم مجالات الابتكار المالي، والتي تشتمل على مجموعة واسعة ومتعددة من الأدوات المالية المتداولة للتدخل في الأسواق المالية؛ فقد جاءت لتلبية الاحتياجات المتزايدة للمتعاملين الماليين من خلال الابتكار والتصميم والتطوير للأدوات والآليات الجديدة التي تتميز بأقل تكلفة ممكنة وأدنى مخاطرة وأيضا أعلى عائد. إلى جانب ذلك، تسعى الهندسة المالية إلى البحث عن صياغة الحلول الإبداعية لمشاكل التمويل، الأمر الذي جعلها تكتسي أهمية بالغة في الوقت الراهن.

تستند الهندسة المالية على استخدام المبادئ الرياضية لحل المشاكل المالية إلى جانب الأدوات والنظريات في كل من الاقتصاد، الإحصاء وعلوم الحاسوب، حيث تهدف من وراء ذلك إلى استحداث منتجات وأدوات مالية جديدة، كما يشار إلى أنها تحليل كمي تستخدمه البنوك التجارية وشركات التأمين والصناديق المالية.

لقد باتت الهندسة المالية علماً قائماً بذاته يرتكز أساساً على ابتكار وتطوير الأدوات المالية والتي تجسدت خاصة في التداول بما يسمى بالمشتقات المالية، حيث أن التطور وزيادة درجة الإقبال الذي عرفته الأسواق المالية مؤخراً قد أدى بالشركات والمستثمرين للسعي إلى إيجاد أدوات مالية جديدة وتطويرها بما يتماشى والتطور المالي الحاصل، فظهرت أدوات مالية حديثة تسمى بعقود “المشتقات،” وهي عبارة عن عقود مالية تشتق قيمتها من الأسعار الحالية للأصول محل التعاقد مثل الأسهم والسندات تُستعمل كأدوات للمضاربة وتعتبر فرصاً استثمارية هدفها تحقيق التحوّط عن طريق نقل المخاطر الناتجة عن عدم ثبات الكثير من الأصول.

ولعل من أبرز الجوانب في مجال الهندسة المالية هو تناولها لموضوع إدارة المخاطر، والذي يعتبر من المواضيع الأكثر أهمية في العمل المالي والمصرفي في الوقت الحالي، وذلك بالنظر إلى الدور البارز الذي تلعبه عملية إدارة المخاطر في الحد من الآثار السلبية للمخاطر المختلفة على أنشطة البنوك وأعمالها، خاصة وأن الأزمات المالية المتعاقبة، والتي من جملتها أزمة 2008 التي كبّدت البنوك خسائر فادحة قد سلطت الضوء على هذا الجانب الهام من جوانب العمل المالي والمصرفي. إن هذه الأزمات المتعاقبة دفعت القائمين على العمل المالي والمصرفي إلى البحث عن أساليب مبتدعة والعمل على ابتكار أدوات وتقنيات جديدة تساعد على الوقاية من هذه المخاطر والتحوّط منها بما يمكّن المصارف من تجنب حالات الإعسار والفشل في مختلف أنشطتها وأعمالها. من هنا جاءت الهندسة المالية لتقدم حلولاً عملية في هذا الإطار وتساعد على ابتكار أساليب تسهم في قياس المخاطر والتنبؤ بها، وتقدم الأدوات التي تساعد على الحد من آثارها، وتساهم في خلق منتجات مالية جديدة تلبي الاحتياجات المختلفة لجميع الأطراف العاملة في السوق.

في السياق ذاته، فإن المؤسسات المالية الإسلامية اليوم أمام فرصة من ذهب لإثبات مكانتها وتقديم منتجاتها في الأسواق المالية الدولية، وذلك في وقت شهد فيه الاقتصاد العالمي تطورات سريعة وتغيرات جذرية وأزمات حادة. إذ يستوجب على هذه المؤسسات السعي المستمر في إيجاد وتطوير مجموعة متنوعة من الأدوات والمنتجات المالية التي تتميز بكونها أقل تكلفة، أدنى مخاطر وأعلى عائد، والتي تجمع بين المصداقية الشرعية والكفاءة الاقتصادية، وهو ما يعرف بالهندسة المالية الاسلامية، والتي تعتبر صناعة ناشئة مقارنة بنظيرتها التقليدية. ولكي تثبت وجودها فهي بحاجة اليوم إلى محفظة متنوعة من الأدوات والمنتجات المالية التي تكون باستطاعتها أن تتماشى ومختلف المتطلبات التي تفرضها المتغيرات الاقتصادية المحلية والعالمية.

بناءً على ما تقدم، يأتي هذا الكتاب ليسلط الضوء على موضوع الهندسة المالية، وهو بالأساس كتاب موجه لطلبة الماستر في التخصصات ذات الصلة بالمالية والبنوك، وهو في الأصل مجموعة محاضرات في مقياس الهندسة المالية، تم تقديمها على مدار عدة سنوات حيث يعتبر المقياس سداسياً لا سنوياً. إلى جانب الطلبة الموجه لهم هذا الكتاب، فهو موجه كذلك لكل الممارسين في العمل المصرفي وكذا الراغبين في تكوين ثقافة اقتصادية بشكل عام.

في الفصل الأول من الكتاب، سيتم التعرض لماهية الهندسة المالية، نشأتها، أهميتها وأهدافها.ثم في الفصل الثاني، سيتم التطرق لعلاقة الهندسة المالية بالابتكار المالي، إدارة المخاطر وأيضا لمفهوم إعادة الهندسة المالية. في الفصل الثالث، سيتم استعراض الأدوات التي تستخدمها الهندسة المالية وكذا أهم منتجاتها. أخيراً في الفصل الرابع، سيتم تناول موضوع الهندسة المالية الإسلامية بشيء من التفصيل، وذلك بتسليط الضوء على ماهيتها، أبرز منتجاتها والتقنيات التي تستخدمها.