تفصيل

  • الصفحات : 147 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2023،
  • الغلاف : غلاف مقوى ،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-590-4.

نادرة هي المصادر التاريخية التي تعمقت في دراسة نشأة وتطور الإدارة وتنظيماتها، ومن القليل الذين كتبوا حول تأريخ التنظيم جوردون تشايلد (Gordon Childe) في كتابة الموسوم بــ: “ماذا حدث في التاريخ؟، إذ خصص فصلا كاملا يستعرض فيه ثورة التحضر في مدن ما بين النهرين، ويوضح كيف كانت المدن العراقية في حضارة السوماريين تمارس العديد من التطبيقات التنظيمية، في الأنشطة الزراعية والجغرافية لتوفير السلع والخدمات الأساسية للسكان آنذاك”([1])،.. فالحاصل أن الإدارة والتنظيم هما قديمان قدم الحضارات الإنسانية المختلفة، والتي تعاقبت عبر الأزمنة، فقد أقامت الأمم والدول القديمة حضارات، ولا تزال هناك شواهد تدل على ذلك، ومن بينها، المدن والأهرامات، القصور والمساجد والكنائس، والدواويين، وإعداد وتنظيم الجيوش الكبيرة، واستراتيجيات إدارة الحروب وتنظيم المحاكم،… وغيرها، وهذا يعني أن الإدارة والتنظيم كانا موجودين منذ (6000) سنة مضت، من حيث الممارسة والتطبيق، في كل من الحضارة السومارية، البابلية، الفرعونية، الإغريقية، الرومانية، الصينية، الهندية والإسلامية، إلاّ أنهما (مصطلحي الإدارة والتنظيم) لم يكونا يحملان التسمية التي نتعارف عليها اليوم، وترجع البدايات الأولى لتطور علم الإدارة والتنظيم إلى أوائل القرن (20)، ففي القرن (18) ظهرت الثورة الصناعية (1750 – 1850)، وظهرت المصانع الكبرى، ورافق ذلك بالموازاة ظهور العديد من المشاكل الإدارية والتنظيمية، وهذا ما كان دافعا أساسيا للبحث عن الحلول لتطويع تلك المشكلات، وفي النصف الثاني من القرن الماضي بدأ ظهور المنظمات الخدماتية مثل: (قطاع الصحة، التعليم،…الخ)، فتزايدت الحاجة إلى أساليب وطرق أكثر كفاءة وفعالية لتوظيف الجهود البشرية واستخدام الموارد المالية والمادية المتاحة لتلك المنظمات لضمان استمراريتها وتحقيق أهدافها.

وخلال العقود الماضية تراكمت قاعدة معرفية واسعة من المبادئ والمفاهيم الإدارية والتنظيمية نتيجة الأبحاث والدراسات والخبرات والتجارب المكثفة في حقل العلوم الإدارية والتنظيمية، وقد صنفها الباحثون والمفكرون في نظريات تسمى بـــ: نظريات التنظيم.

لكن، لماذا الاهتمام بالمنظمة والتنظيم؟..، قد أجاب عن السؤال أحد كبار منظري علم الإدارة والتنظيم وهو هنري مينتزبارغ (Henry Mintzberk) حين قال: ” أن الإنسان يبدأ مشوار حياته في منظمة، وتستمر (حياته) ضمن منظمات مختلفة، وفي آخر لحظات حياته ترافقه فيها أيضا منظمة”([2])، ولعلها إجابة فلسفية كفيلة ببيان أهمية المنظمة  في حياتنا، الأمر الذي يجعل من دراستها ضرورة لا بد منها، كذلك فإن التنظيم هو جوهر الحياة، فكل البيولوجيون اليوم يؤكدون أن التنظيم هو عصب حياة الإنسان، وأن اختلال التنظيم هو أولا المرض، ثم الموت والزوال الحتمي، هذا بيولوجيا، ونفس المنطق ينطبق على مجال إدارة المنظمات في حالة غياب التنظيم.

ويهدف هذه الكتاب إلى تزويد الطالب بالأدبيات الخاصة بنظريات التنظيم من أجل تقوية مداركه النظرية والتطبيقية حول هذا الميدان ومراحل تطوره، حيث نتعرض في مستهله إلى المفاهيم الأساسية التي ترتبط بنظريات التنظيم، والمتمثلة في كل من النظرية العلمية، التنظيم، الإدارة، والمنظمة، ثم نستعرض بالتفصيل مختلف اتجاهات التنظير في مجال التنظيم الإداري، والبداية ستكون مع اتجاهات التنظيم الكلاسيكية (التقليدية) التي تزامن ظهروها مع ظهور الثورة الصناعية في أوربا والولايات المتحدة الأمريكية، هذا الاتجاه الذي يندرج ضمنه كل من نظرية الإدارة العلمية، لــــ: ” فريديريك تايلور”، نظرية التقسيمات الإدارية لــــ: “هنري فايول”، ونظرية البيروقراطية، لــــ: “ماكس فيبر”، ثم نتطرق إلى اتجاه آخر والذي جاء كرد فعل مباشر للمدرسة الكلاسيكية، إلا وهو الاتجاه السلوكي لنظريات التنظيم، والذي انطلق من الفهم المعمق للجوانب النفسية والاجتماعية للإنسان (العامل)، الأمر الذي ساعد على تقديم تصورات أكثر عمقا عن السلوك التنظيمي، ويضم الاتجاه السلوكي كل من نظرية العلاقات الإنسانية لــ: “إلتون مايو”، نظرية الفلسفة الإدارية (نظرية X  وY)، لـــ:”ماك غريغور، إضافة إلى النظريات المعدلة التي تضم هي الأخرى كل من نظرية التناقض بين الفرد والتنظيم لــ: “كريس آرجريس”، نظرية التنظيم الاجتماعي لــ: “وايت باك”، نظرية التفاعل لــ:   “ويليام وايت”، وأخيرا  نظرية الدافعية لصاحبها”رانسيس ليكرت”، بعدها نتناول الاتجاهات الحديثة لنظريات التنظيم، والتي اعتمدت في مجملها على مداخل تختلف عن تلك التي اعتمدتها النظريات السابقة، بما يتوافق ويستجيب للتغيرات الحاصلة في البيئة الاقتصادية، الاجتماعية، التكنولوجية التي فرضتها المرحلة الحديثة، وتضم هذه الاتجاهات كل من نظرية النظم، النظرية الموقفية، نظرية (Z)، المدرسة الكمية في الإدارة، ونظرية الوقت المضبوط.

المؤلف

د/ إسماعيل حماني

الجزائر-2022

([1]) عامر الكبيسي: التنظيم الاداري الحكومي بين التقليد والمعاصرة (الفكر التنظيمي)، سلسلة الرضا للمعلومات، ط1، دار الرضا للنشر، سوريا، 2004، ص 16.

[2] السعيد لوصيف: محاضرات في مقياس المناجمنت، كلية العلوم السياسية والإعلام، جامعة الجزائر3، الجزائر، 2007.