تفصيل
- الصفحات : 139 صفحة،
- سنة الطباعة : 2023،
- الغلاف : غلاف مقوى ،
- الطباعة : الأولى،
- لون الطباعة :أسود،
- ردمك : 978-9931-08-689-5.
تميز القرن الثامن عشر بـ “المسألة السياسية”، في حين كان “السؤال الاجتماعي” يطبع القرن التاسع عشر، أما في عصرنا الحالي فإن “السؤال البيئي” أصبح يشكل معظم النقاشات والحوارات، والتفكير فيه ليس مرتبطا فقط بما نسميه اليوم بالأزمة البيئية التي من مظاهرها الاحترار العالمي، زيادة توتر الأعاصير، ذوبان جليد الهيمالايا والأغطية الجليدية القطبية، تحمض المحيطات والأضرار التي لحقت السلسلة الغذائية، تدهور النظام الايكولوجي، إختفاء العديد من الأنواع كل يوم، وبصورة عامة تآكل الموارد، بل يتعدى التفكير إلى الطريقة التي يمكن من خلالها التعرف على الطابع البشري المنشئ لهذه الظواهر، وهذا لا يعني أن الإنسان يصبح عامل جيولوجي قادر عل تحديد حالة الكوكب فقط، بل أنه قادر حتى على إزعاج الظروف التي يعتمد عليها وجوده.
تعيش البشرية اليوم حالة من القلق على وجودها في الحاضر والمستقبل، نتيجة تزايد نشاطها المدمر والمخل بالتوزان البيئي، وهذا يستدعي بشكل عاجل إعادة النظر في علاقة الإنسان بالطبيعة، وتعقب ما تتعرض له الطبيعة من حرب وعنف أحدثته البشرية ضدها، فعالمنا اليوم أصبح بحاجة ماسة إلى تقديم نظريات تقوم بالتصدي لهذه التجاوزات، أملاً في مستقبل مغاير تماماً لحاضره، مستقبل يرقى إلى مستوى الاتفاق والتكافل بعيداً عن الهيمنة والاستغلال، عقد يقوم على تحقيق التوازن بين الإنسان والطبيعة، أي من أسياداً على الطبيعة إلى رفقاء بها.
من هنا كان المنعطف الإيتيقي المعاصر من الأخلاق إلى الأخلاقيات، على قدر ما هو تبرير للتحول من النظري إلى التطبيقي ومن العالم إلى الإنسان، مبرزا أهم إشكاليات اليومي والراهن مع الآخر، وداخل المؤسسة وفي إكتساب المنهج التعليمي وبحثا عن قيمة السلام وسط تقدم التقنية ورمزية اللغة وفلسفة التحليل. فكانت الفلسفة التطبيقية في شقها الإتيقي، مركزها المخبر الذي عبر عن دهشة وفضول، من وراءه تفلسف العلماء في الطب والبيولوجيا والبيئة، فكانت البيئة هي القوس الذي بدأت به محبة الحكمة عند اليونان في النظرية الكونية وإشكالية أصل الكون وعناصر بدايته ونهايته، لتصبح البيئة هي القوس الذي نغلقه في الأخلاقيات المعاصرة بما نسميه الإيكولوجيا في تفرعاتها وتبريراتها الفلسفية والسياسية والإقتصادية لعلاقة الإنسان بالبيئة.
والمذاهب الإيكولوجية المعاصرة التي نعرضها في كتابنا، هي قراءة أخلاقية فلسفية للبيئة تماشيا مع الفلسفات السابقة الوسيطة والحديثة التي لها صور وتمثلات متنوعة عن العالم والبيئة، سواء في إطار المنهج أو التجربة أو التعايش، وهذا ما يحقق من خلال جهاز مفاهيمي متنوع بين البيئة، الإيكولوجيا، الإتيقا، الإيكولوجيا العميقة، أخلاقيات البيئية.