تفصيل

  • الصفحات : 205 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2023،
  • الغلاف : غلاف مقوى ،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-680-2.

بسم الله الرحمان الرحيم، وبه نستعين… أما بعد

يعتبر الاتصال السياسي، بكافة مفاهيمه المعروفة، حلقة الوصل بين المواطن والنُّخب السياسية وصُناع القرار في الدولة؛ وعلى هذا فإن للمواطن الحق في إيصال احتياجاته ورغباته ومطالبه إلى الحكومة والعاملين في المجال السياسي بشكل عام، وبالمقابل فإن هناك حاجة ماسّة للسياسيين والحكومة لتوصيل القرارات والرؤى إلى المواطن والحصول منه على الدّعم.

وقد كانت أبحاث الاتصال السّياسي تنصب على دراسة تواصل الحكومات مع الناخبين، لتتطور بعد ذلك إلى دراسة تبادل الحوار السياسي بين الأغلبية والمعارضة؛ ومع الوقت اتسعت لتشمل دراسة دور وسائل الإعلام في صناعة الرأي العام، أما الآن فقد أصبح مفهوم الاتصال السّياسي يشمل “دراسة دور التواصل في الحياة السّياسية بمعناها العام، بما في ذلك وسائل الإعلام واستطلاعات الرأي والتسويق السياسي والدعاية، مع الاهتمام بشكل خاص بالفترات الانتخابية، وعليه يمكن اعتبار التواصل السّياسي بأنه كل تواصل موضوعه السياسة”[1].

كما يمكن القول أن الاتصال السياسي هو أحد الأشكال الرئيسية للاتصال المؤسساتي وأحد المفاهيم الحديثة ذات الأهمية والمكانة الكبيرة في حقل العلوم السياسية، والكثير من العلوم الأخرى كعلوم الإعلام والاتصال  نظرا  للدور الذي أصبحت تلعبه العملية الاتصالية في الحياة السياسية بشكل عام والنظام السياسي والتنظيمات السياسية المكونة له بشكل خاص، وذلك من خلال إقامة جسور التخاطب وتبادل المعلومات  سواء بين صناع القرار السياسي والرأي العام أو بين مؤسسات النظام السياسي المختلفة بهدف استمرارية ورفع مستوى أدائها، إضافة إلى المساهمة في نقل وإيصال مطالب واحتياجات أفراد  المجتمع إلى النخبة الحاكمة، وكذا نقل وإيصال مخرجات وقرارات النخبة الحاكمة إلى المجتمع في شكل حركتين متعاكستين في الاتجاه ومتكاملتين في الوظيفة.

لقد عبر غابرييل الموند في عبارته الشهيرة:”كل شيء في السياسة اتصال” عن ماهية الأدوار والوظائف المتعددة التي تقوم بها وسائل الاتصال في خدمة النظام السياسي، وبالتالي أضحى الإعلام ضرورة  تلازم كل العمليات السياسية بما فيها القضايا الداخلية والخارجية.

كما أصبح  الإعلام جزءا متكاملا ضمن نسيج العمل السياسي، بامتلاكه القوة في التأثير في الرأي العام ونقل المواطن من مجرد مستقبل لمخرجات النظام السياسي إلى فاعل ومؤثر وصانع للقرار السياسي عن طريق إمداده بالمعلومات اللازمة والمساهمة في تشكيل وعيه السياسي وتنمية ثقافته السياسية وصولا إلى المساهمة في صنع القرارات بالمشاركة السياسية عبر أنماطها المختلفة من(مشاركة حزبية-مشاركة انتخابية-مشاركة حكومية…).

ويلقي هذا الكتاب الضوء على أسُس التواصل السياسي، والخطاب السياسي، كعنصر أساسي في عملية الاتصال السياسي، ويوضّح دور وسائل الإعلام التقليدية والجديدة في عمليّة التواصل السياسي كما يرصد أهميته بالنسبة للدولة والتنظيمات السياسية، وكيفيّة توظيفه في قيادة حملات انتخابية ناجحة.

وقد انتظم هذا الكتاب في خمسة فصول تم إعدادها لتلبية أهداف التعليم المتمثلة في تمكين تحقيق فهم مجال الاتصال السياسي في علاقة السلطة بالناخبين وكيفية تبادل الخطاب السياسي بين مختلف القوى الفاعلة (سياسيين، حكومة، أحزاب، مواطنين..) وكذا فهم دور الاتصال في الحياة السياسية.

وقد ارتأيت  تبويب وتنسيق فصول هذا الكتاب وتطعيمها بعناصر فرعية لها ارتباط وثيق ومفصلي بعلم الاتصال السياسي،  وعليه  فقد تناولت مدخل عام لعلم الاتصال السياسي في فصله الأول  مع  توضيح العلاقة بين الثنائية اتصال-سياسة بشرح نمط العلاقة بين البُنى الإعلامية والبُنى السياسية،  ثم تطرقت إلى علاقة الاتصال السياسي بوسائل الإعلام التقليدية والجديدة في فصله الثاني  وعرجت إلى تعداد أهم وظائف الاتصال السياسي  وكذا أهم المداخل النظرية ومقاربات تحليل ظواهره في الفصل الثالث، مرورا  (بالدعاية السياسية، التسويق السياسي، الترويج السياسي، الحملات الانتخابية،…) مفصلة في المحور الرابع، وصولا إلى دور وسائل الإعلام في صنع القرار السياسي، والعوامل المؤثرة فيه من طبيعة النظام السياسي وكذا النظام الإعلامي في فصله الأخير.

ختاما أرجو من الله عزّ وجل أن يكون هذا الجهد المتواضع الذي أضعه بين أيدي المهتمين إضافة متواضعة في هذا المجال؛ كما نسال الله أن يغفر لي أي تقصير أو سهو  قد يقع، فما أنا إلا بشر، إن أصبت فمن الله تعالى وله الفضل والشكر، وإن أخطأت فمن نفسي، وأرجو منه سبحانه وتعالى أن يتجاوز عن أخطائي وزلاتي.

.. والله من وراء القصد وهو نعم المستعان…

د. قدواح منال

 03-01-2023.

[1] محمدأسيداه وحافيظ إسماعيلي، الاراغة في التواصل السياسي، مجلة علامات، العدد27،2007.كلية الآداب والعلوم، جامعة محمد  الخامس، الرباط،ص137.