تفصيل

  • الصفحات : 250 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2022،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،

تُعد الدراسات التربوية من الماضي القديم إلى حاضرنا المزدهر من أهم ميادين الدراسة والبحث، وتنبع أهميتها من أهمية التربية نفسها، ذلك لأن موضوع التربية هو الإنسان الذي هو خليفة الله في الأرض والمسؤول عن إعمارها، فعالمنا اليوم وما يشهد من تغيرات وتحولات هائلة في كافة الأصعدة الاجتماعية، السياسية، الاقتصادية، العلمية والثقافية، وتدفق ينابيع المعرفة، إنما هو بفضل من الله عز وجل، ثم هو نتاج عقول العلماء والمفكرين عبر سنين طوال، لذا فقد كان من الطبيعي أن تواكب التربية والتعليم عامة، وعلم الاجتماع وعلم النفس خاصة، كل هذا التطور العظيم، إذ تهتم التربية بعقل الإنسان وروحه وجسده، فهي تعنى به منذ الطفولة حيث كانت الأسرة هي الخلية الأولى التي يتعلم منها قواعد السلوك والتمييز بين الخطأ والصواب (أفنان بنت محمد جميل بن علي الخياط:1431، ص01).

ونظرا للتغيرات التي مست النظم السياسية والاجتماعية، والاقتصادية، وخروج المرأة للعمل، وتحول الأسرة من حجمها الكبير إلى حجمها الصغير،ومن أسرة ممتدة إلى أسرة نووية، تغيرت الأدوار داخلها وكثرت مسؤولياتها فأصبحت هناك مؤسسات بديلة تحمل عنها جزءا من مسؤولياتها وتشاركها في أداء مهامها ورعاية أبنائها وفق ما هو قانوني .

ومن بين هذه المؤسسات التي أصبحت تشارك الأسرة في تأدية وظيفتها ألا وهي: مؤسسة رياض الأطفال، هذه الأخيرة التي تعد  كمؤسسة تعليمية وتربوية لها مواصفاتها الخاصة والتي تهدف من خلال برامجها ونشاطاتها إلى تنشئة الطفل وتحقيق له نمو متكامل بأبعاده الجسمانية والاجتماعية والعقلية غير أنه تداولت الكثير من الأسئلة حول من يعتني بالطفل؟ وهل سيكون ذو كفاءة عالية ومهارة جيدة ليوجهه؟ ومن هنا ظهرت نظريات سوسيولوجية، ودراسات وفلسفات تربوية خاصة بهذا المجال وكان من بين العلماء الذين اهتموا بكيفية إنشاء مؤسسة رياض الأطفال، ومحاولة إيجاد من يرعى الطفل من بعد الأسرة كان من بينهم المربي الألماني فريديريك فرويل والمربية مريا منتسوري، وغيرهم من المربين الذين اهتموا بهذا المجال، حيث وجدوا أن المرأة  هي الأحق لأن تكون مربية وهي الأقرب من الطفل من حيث فهم ميولاته ومشاعره وتوجهاته على غير الرجل، وما تحمله من خصائص شخصية وكفاءات ومهارات تفرض عليها ألا تكون فقط مدرسة عادية بل أن تكون رائدة وقدوة وأم حنون وقائدة ورفيقة دربه إلى العالم الخارجي، ذلك لأنها تمثل أولى المحكات التي يقابلها خارج نطاق الأسرة وإكساب الطفل في حياته السلوك الإيجابي أو السلبي نحو الوسط الذي يعيش فيه.

ونظرا لأهمية رياض الأطفال والدور  الذي تقدمه  المربية تجاه الطفل، قام خبراء الدول المتقدمة بتخصيص العديد من البحوث والدراسات العلمية حول الطفولة بصفة عامة، وكذا اهتمام الدول العربية بمرحلة رياض الأطفال بصفة خاصة، والدور الذي تقوم به هذه المؤسسات في الجزائر على وجه الخصوص(سميرة قارة:2012، ص02).

بتغير ظروف الحياة والتطوّر في جميع ميادينها، وتحول الأسرة من شكلها التقليدي إلى ظهور أخرى نووية، وخروج المرأة للعمل، تقلصت مهمتها نوعاً ما، وأصبحت هناك مؤسسات أخرى تشاركها في تأدية وظيفتها، مكملة لها ولدورها ألا وهي -مؤسسة رياض الأطفال- هذه الأخيرة التي أنشأت في أوّل الأمر كضرورة اجتماعية أكثر منها ضرورة تربوية، باتت الحاجة إليها ملحة في السنوات الأخيرة، وذلك نظراً لأهميتها التي تبرز في تقديمها لفرص تعلم جيدة، واعتبارها الجسر والمربية فيها كهمزة وصل بين الطفل والبيئة الاجتماعية والتربوية والتعليمية له.

حيث تُشير الدّراسات العلمية والتربوية على أهمية الأداء والتكوين الجيد للمربية وكذلك تخصصها في مجال التربية، وعلم الاجتماع، وعلم النفس، وضرورة ثقافتها العامة وخصائصها الشخصية، هذا الجانب الذي يغيب عند العديد من المربيات، خاصة وأن عليها أداء مجموعة من الأدوار، تتطوّر حسب سَيْر العملية التعليمية والتربوية والسلوكية، من تنظيم بيئة وإدارة موقف تعليمي، إلى إدارة إعطاء تعليمات ثُّم تنتقل إلى إدارة مجموعات، وغيرها من الوظائف التي تتطور باستمرار.

فالتفاعل بين المربية والأطفال من خلال الاتصال والتواصل، داخل الرّوضة يسمح لها القيام بأدوار ومهام تربوية كثيرة لقاء تفاعلها مع الطفل، فهي المسؤولة عن كل ما يتعلق بالطفل، إضافة إلى أنّها تُوجِّه  نشاطهُ وسلوكهُ.

ويتفق معظم المنشغلين بالتربية على أهمية رفع قدرات ومهارات مربية رياض الأطفال، وتدربيها في الدّول المتقدمة والنامية على السّواء، وفي الوقت نفسه ظهرت عدة اتجاهات تربوية تهتم بتدريب المربية، وتكوينها على تأدية مهامها التربوية خاصة أثناء تفاعلها مع الأطفال.

إنّ التّعامل مع الأطفال يحتاج إلى مهارات وخبرات، ومعرفة، خاصة أنّه ليس باستطاعة أية مربية، أن تنجح  بسهولة في تعاملها معهم، ولأن تربيتهم في الرّوضة يختلف على ما هو عليه الحال في تربية الطفل في المؤسسات الأخرى، ذلك أنّ الأطفال في الرّوضة يأتون من بيئات مختلفة، ويتزودون بمهارات وأنماط سلوكية متنوعة ولذلك تحتاج مربيات الرّوضة إلى خبرات في التعامل، ذلك أنّه يقع على عاتقها مسؤولية كبيرة في تنشئة الطفل اجتماعيا، تتلاءم مع قيم مجتمعه، خاصة أنّه في مرحلة تعدُ من أصعب وأهم المراحل في حياته، ألاَّ وهي “مرحلة الطفولة المّبَكِرة”، هذه الأخيرة التي يتم فيها اكتساب الخبرات والمهارات والمعارف، وتتعدّدُ تفاعلاته الاجتماعية، التي يتعرض لها داخل الرّوضة، سواء مع مربيته أو مع أقرانه.

حيث تُشير أدبيات دراسات الطفولة على ضرورة أن تتكفل مؤسسات مرحلة “الطفولة المُبَكِرة”، في المقام الأول بحرية الحركة لأطفالها، والتي تعتمد على النّشاط واللّعب الحر، والموَّجهِ في عملية التعلم والتعليم، وتُؤكد أهمية تنمية قدرات الطفل من خلال العمل الفردي والجماعي، ووجود الأطفال في هذه السٍّن العمرية، حدث لن يتكرر وتعتبر السنوات الأولى في حياة الطفل، من أهم مراحل الحياة، وأكثرها تأثيرا  في مستقبل الإنسان، فهي مرحلة تكوينية، يوضع فيها الأساس لشخصيته ويكتسب فيها عاداته وأنماط سلوكه المختلفة، كما أنّ كل ما يتعرض له من خبرات وعلاقات وتفاعلات، يكون لها أثرها على اتجاهاته المستقبلية(إخلاص حسن السيد عشرية، العدد3،2011، ص77).

لذا يجب أن تتميز الرّوضة بتنوع الكفاءات التعليمية التي تحظى بها المربيات بالإضافة إلى توفير الوسائل التعليمية المتطورة، حتى يتسنى للطفل اكتساب مهارات وخبرات تُسَهٍلُ عليه التّواصل مع أقرانه، والهدف من ذلك إثراء نمو الطفل، لأنّه عند ممارسته للأنشطة المختلفة يكون متلقياً أحياناً، ومتكلماً أحيانا أخرى لوجود زملائه والمربيات(عباس يسعاد، د.س، ص141).

وعليه يتم تسليط الضوء، على مدى خبرة المربية وأدوارها داخل الرّوضة في إسهامها لتنشئة اجتماعية إيجابية وسليمة للطفل وعليه فقد حاولنا من خلال دراستنا هذه، معرفة الدور الذي تقدمه مربية الروضة وكيفية مساهمتها في تنشئة الطفل تنشئة اجتماعية سليمة، حيث اتبعنا في دراستنا لهذا الموضوع خطة بحث تمثلت في أربع فصول، بداية من مقدمة حيث كانت عبارة عن تقديم وإشارة للموضوع، وفيما يتعلق بالفصل الأول والذي جاء بعنوان: رياض الأطفال كمؤسسة تربوية فقد تناولنا فيه خمسة مباحث تمثلت في إعطاء لمحة تاريخية حول رياض الأطفال ورياض الأطفال عبر العالم وفي الجزائر وأهمية رياض الأطفال وأهدافها.

أما الفصل الثاني والذي جاء بعنوان: مربية الروضة والذي تناولنا فيه خمسة مباحث تطرقنا فيها إلى الحديث عن تكوين المربيات، والخصائص الشخصية لهن، وكذا أدوارهن وعلاقتهن بالأسرة وكذا المشكلات التي تواجههن في رياض الأطفال.

أما الفصل الثالث والذي جاء بعنوان: التنشئة الاجتماعية للطفل وتناولنا فيه سبعة مباحث، تطرقنا فيها إلى الحديث عن التنشئة الاجتماعية من حيث مؤسساتها، أساليبها، أشكالها، أهدافها، شروطها وعناصرها، مضمونها وأهميتها، سماتها ووظائفها وخصائصها، كما تطرقنا فيه إلى مراحل الطفولة والذي تمثل في مرحلة الطفولة المبكرة، والخصائص النمائية لطفل الروضة وحاجاته.

أما الفصل الرابع الذي جاء بعنوان إجراءات الدراسة في جانبها المنهجي، والذي تناولنا فيه أربع مباحث تمثلت في الإجراءات المنهجية( كتحديد عينة ومنهج الدراسة)، ومن ثمة مجالات الدراسة(كالمجال البشري، والجغرافي، والزمني ) وأدوات جمع البياناتّ، حيث تطرقنا  في الفصل إلى عرض النتائج وتحليلها وبالإجابة على بعض التساؤلات ومن ثمة النتائج العامة للدراسة وفي الأخير الخاتمة ومجموعة من التوصيات والاقتراحات نراها مهمة لتعزيز دور مربية الروضة للمساهمة في تنشئة الطفل.