تفصيل

  • الصفحات : 240 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2023،
  • الغلاف : غلاف مقوى ،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-627-7.

مقدمة

شَكلت حركية التغيير السياسي  في بعض دول الوطن العربي نقطة تحول مجهولة المستقبل  لم تكن ليبيا بعيدة عنها، والتي كانت شرارتها الأولى في تونس الجارة الغربية لليبيا. حيث بدأ الحراك في شرق ليبيا في مدينتي “البيضاء وبنغازي”، مطالبة بإصلاح اقتصادي، ثم تطورت إلى المطالبة بإسقاط النظام بعد محاولة قمعها .

وكان الحراك والأحداث الليبية امتداداً لثورتي تونس ومصر، أو ما يعرف بثورات “الربيع العربي”، وقد أعتبر امتداد ظاهري فقط لأنها اختلفت في أطرافها الفاعلة وأسباب قيامها، فتطوّر الأوضاع في الدولة الليبية سار بوتيرة متصاعدة ولافتة للنظر، فمن انتفاضة سلمية طالب فيها المواطنون بحقهم في إصلاحات اجتماعية وسياسية من شأنها أن ترتقي بمستوى وجودهم الإنساني ففجأة تحول المسار السلمي إلى مسار عنيف وانتقل إلى دوامة من المعارك المتتالية بين النظام والشعب وهو ما فتح الباب أمام القوى الأجنبية لتجد لها بؤرة تَدَخُل بدافع ما يسمى مسؤولية حماية المدنيين وهو المنفذ الذي تدخلت عسكريا بواسطته إلى ليبيا.

وما جعلنا نهتم بدراسة مستقبل الظاهرة الإرهابية الجديدة في ليبيا هو تزايد الوضع الليبي تأزمًا يومًا بعد يوم، حيث يسير الاقتتال الداخلي بوتيرة متسارعة، ويخيم على الوضع مشهد من الضبابية حول ماهية الأطراف المتصارعة داخل ليبيا وأهدافها، ودور القوى الخارجية في تعقيد الوضع وقيادته نحو مزيد من العنف بما يخدم مصالحها في المنطقة، وهو ما شكل مستقبل غير واضح في ليبيا خاصة على مستويات الهوية والاندماج الوطني والتحول الديمقراطي ومحددات المنتظم السياسي الجديد برمته.

فحالة الإنفلات الأمني في ليبيا والتدهور الداخلي الذي استخدمت فيه كل الوسائل في المواجهة المباشرة بين الأطراف المتنازعة واعتمدت على العديد من الأسلحة  أدى إلى وصول ليبيا إلى حالة إرهاب داخلي له العديد من التداعيات الخارجية على مختلف المناطق سواء المجاورة أو القريبة حدوديا مثل تونس،الجزائر، ما ساعد على بروز مختلف الحركات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة وداعش في المنطقة بسبب سهولة انتقال الأسلحة وترويجها.

وقد استفادت الجماعات الإرهابية في ليبيا من حالة الااستقرار الذي رافق سقوط نظام معمر القذافي خاصة فيما تعلق بانتشار الأسلحة وحالة الانفلات الأمني، ما أدى إلى تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين وخاصة عناصر المرتزقة وهو ما شكل تهديدا جديدا للاستقرار في ليبيا دون إغفال تأثير المعطى القبلي وغياب مؤسسات نظامية للدولة وكذا انتشار مختلف التهديدات اللاتماثلية التي من أبرزها الإرهاب الجديد الذي وجد في البيئة الليبية أهم منطقة للتوسع والانتشار في ظل توفر مختلف الوسائل الجديدة وخاصة منها الأسلحة البيولوجية والكيمائية وكذا خلو الرقابة على الفضاء السيبراني الليبي ولإحاطة هذا الدراسة بالفهم والتفسير تم تقسيم هذا الفصل إلى أربع مباحث، حيث تم التطرق في المبحث الأول إلى دراسة جيوسياسية لدولة ليبيا وذلك من خلال توضيح أهمية الموقع الجغرافي لهذه الدولة ودراسة أهم مقوماتها، خاصة منها الاقتصادية هذا لأن ليبية تحتوي على ثروات ومعادن باطنية هائلة، بعد ذلك تم في المبحث الثاني التطرق لمشكلة الصراع الليبي من خلال التركيز على مضمونه وأسبابه وإبراز أهم مظاهر هذا الصراع وتداعياته المختلفة، بعد التطرق لهذين العنصرين المهمين تم الانتقال في المبحث الثالث لدراسة أهم مظاهر التهديدات الإرهابية الجديدة انطلاقا من دراسة الجانب التقليدي للظاهرة وصولا إلى أهم الأشكال الجديدة التي برزت فيها، بعد ذلك تم التوجه في المبحث الرابع إلى معرفة تداعيات هذه الظاهرة الجديدة إقليميا ودوليا ومنه التعرف على أهم انعكاساتها سواء على المستوى الجوار الإقليمي  وكذا الدولي أيضا، وبعدها تم التوجه لمعرفة أهم سبل مواجهة هذه الظاهرة والتعرف على أهم الطرق والكيفيات للتخلص منها أو على الأقل الحد من انتشارها.

ومنه يعالج هذا الكتاب إشكالية مهمة جدا  من خلال محاولة التعرف على مستقبل الظاهرة الإرهابية الجديدة في ليبيا.