تفصيل

  • الصفحات : 368 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2019،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الاولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-691-86-0.

مثلت الصورة المرئية بتمظهراتهاالمختلفة شاهدا على القفزة النوعية التي حققها العلم في مجال إنتاج الصورة، وعرضها، وتركيبها، وهندستها، ليجد الإنسان المعاصر نفسه رهين الأنساق الثقافية التي تمليها الصورة، والتي تمت صناعتها في مخابر خاصة جعلت اليقينية التي كان العلم يطمح إليها في مهب الريح بعدما سيطرت عليه تيارات”ما بعد الحداثة”(postmodernisme)، أين تم الإعلان عن تشظي معاني النصوص، وتشتتها ليتحول المعنى إلى هيام لدى القارئ، وتحول العقل البشري في ظل هيمنة الآلة الرقمية، والفعل الرقمي إلى مستقبِل تأسره الطبيعة البراغماتية للصورة.

لقد استطاعت الصورة في عصرنا أن تكون الفضاء الرحب الذي يبرز ثقافات مختلفة، وأمكن لها أن تتجاوز عائق اللغة، وأن تسهم في انتشار الفكر، وشيوع الثقافة، يدعمها في ذلك أنها لغة بصرية يفهمها أهل الأرض جميعا، فهي نص لملايين المتلقين لما تمتلكه من قوة تعبيرية قادرة على استنساخ الواقع، وإعادة إنتاجه أو التمويه عليه من خلال المضاف التقني، وصارت الصورة اليوم بما امتلكته من مقومات تصنع المشهد، وتدعي إمكانية إعادة الواقع، وترويضه، وتوجيهه وفق غايات إيديولوجية مسبقة.

ولمَّا كانت الصورة ترتكز أساسا على الفرجة، والمعرفة، والثقافة، واللذة، فإننا نحن وهي معا نكون “مجتمع الفرجة”الذي سيطرت عليه الشاشة بمختلف تشكيلاتها: تلفزيون، وسينما، ومسرح، وفوتوغرافيا، وهواتف ذكية … لتنعكس تلك السيطرة في الأنساق الحسية المتعلقة بفنون اللباس وعالم الأزياء (الموضة)، وفنونالطعام، وفنون العمارة، وفنون السلوك، ونمط العيش.

إن تأثير الصورة في المجتمع البشري اليوم أمر يبعث على الانشغال خاصة أنها أحدثت خلخلة في البنى الاجتماعية والثقافية للمجتمعات، وعبثت بالعقول بعدما أمدها العلم بالمضافات التقنية التي سمحت لها بإحلال الخيال مكان الحقيقة، والوهم مكان الواقع، لينتج عن ذلك ذوق اجتماعي وثقافي جديد يميل إلى تفضيل الصورة النسخة عنالصورة الأصل، ويأنس إلى الخيال بدل الواقع، ويرتاح إلى الوهم على حساب الحقيقة.

واستنادا إلى هذا الطرح وردت النصوص النقدية المنضوية بين دفتي هذا الكتاب ضمن مشروع رسالة الباحث العميق والهادف، والمتماشي مع آمال الباحث العربي في خطوة جادة لتفعيل المنجز النقدي العربي المعاصر وفق معطيات حداثية أصيلة وعميقة الطرح والتأثير.

وسوف تجلي المقاربات النقدية المتضمنة الجانب النظري لخطاب الصورة من جهة، والجانب التطبيقي للخطاب المرئي من جهة ثانية، وذلك بتوسل الإجراءات النقدية التي تجود بها مناهج النقد النسقي وصولا إلى منجزات النقد الثقافي في سياق التفاعل مع (ما بعد/ حداثة) الإبداع والنقد على السواء.