تفصيل

  • الصفحات : 338 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2020،
  • الغلاف : مقوى،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 9789931728603.

ترتبط أمشاج مباحث اللغة بالمباحث المعرفية الإنسانية و الاجتماعية، وفي مقدمتها المباحث الفلسفية اللغوية لأن اللغة أهم خصائص الإنسان الناطق المفكر، و حقول نظرية المعرفة و المنطق في الفلسفة ملزمة بالخوض والغوص في التداخلات المعرفية، لكون اللغة وسيلة التخاطب و التواصل و الاتصال، و لفظ الأفكار الذهنية، وهي أحد معايير تقييم الحضارات و الثقافات، و عامل مهم لنمو علومها و تبلور معارفها الإنسانية و الاجتماعية والتجريبية، و كلما زادت معارفها نمت مباحث اللغة فيها، و من ذلك أن كان للعربية اثنا عشر علما أفرزتها حضاراتها الإسلامية الممتدة على ثقافات متنوعة، و كان منها علم الدلالة الذي فرض نفسه كعلم ضروري في علوم الآلة و علوم الشريعة و الأدب العربي و الفلسفة، لكون الحضارة الإسلامية قائمة على مصدرية الوحي النازل بلغة العرب، فكانت العلوم المكتوبة بحرف العرب ملزمة لضبط أصول الدلالة في لسان العرب.

من أجل ذلك يتشرف القائمون على “المشروع الدولي رسالة الباحث” بطرح دراسات جوهرية في هذا المُؤلَّف:(دراسات في الدلالة وتطبيقاتهابرصد مختلف القضايا والمستجدات و المفاهيم النظرية والآليات الإجرائية التي تعنى بحقل الدلالة ضمن علوم اللغة، بصفة علم الدلالة من العلوم المتطورة التي تشعبت مباحثها ضمن علوم أخرى اجتماعية و إنسانية، من فلسفة و تاريخ و أنثروبولوجيا و علم الثقافات و علم الاصطلاح، و منابته التاريخية متجذرة في ثقافات الأمم الحضارية، فهو أحد انعكاسات التبلور الحضاري على مخارج اللسان ورقيم اليراع، و نمو المجتمع و نمو تعابيره و خطاباته و مفرداته معه.

فالإنسان غير مكتف بنفسه في معاشه ومُقِيماته، فلم يكن له بدٌّ من أن يسترفد العون من غيره؛ فاتَّخَذ الناسُ المدنَ ليجتمعوا ويتعاونوا، ولمعنى التعاون توزعت بين أفراد المجتمع المهن والمهارات والصنائع، وانقسمت بينهم أمور معاشهم، فحصرت كل طائف عملها بحرفة تتفرغ لها دون غيرها، تغني الطوائف الأخرى عن قصدها بالعمل بها لكفايتها لهم، فلا قدر للفرد الواحد أن يدرك جميع مقاصده بالعمل بها كلها، فحينئذ لا يخْلُو من أن تكون حاجته حاضرة عنده أو غائبة بعيدة عنه، فإن كانت حاضرةً بين يديه أمكنه الإشارة إليها، وإن كانت غائبة فلا بدّ له من أن يدلّ على محل حاجاته وغَرضه؛ فوضع الكلامَ دلالةً.

وكان الأصل أن يكون بإزاءِ كل معنى عبارة تدل عليه، غير أن ذاك غير ممكن؛ لأَن هذه الكلمات متناهيةٌ؛ لتناهي مواردها ومَصَادرها. فدعت الحاجةُ إلى وضع الأسماء المشتَركة؛ فجعلوا عبارة واحدة لمسَمَّيَات عدة؛ كالعَيْنِ والجَوْن واللون؛ ثم بإزاء هذا على نقيضه كلماتٍ لمعنًى واحد؛ لأن الحاجةَ تدعو إلى تأكيد المعْنى والتحريض والتقرير؛ فلو كُرّرَ اللفظ الواحد لسَمُجَ ومُجَّ، ويقال: الشيء إذا تكرّر تكرَّج، والطِّباعُ مجبولةٌ على مُعَاداة المُعَادات؛ فخالفوا بين الألفاظ، والمعنى واحد.