تفصيل
- الصفحات : 164 صفحة،
- سنة الطباعة : 2022،
- الغلاف : غلاف مقوى،
- الطباعة : الأولى،
- لون الطباعة :أسود،
- ردمك : 978-9931-08-360-3.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرورِ أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يُضلل فلا هادي له .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
﴿ $pkr’¯»t tûïÏ%©!$# (#qãYtB#uä (#qà)®?$# ©!$# ¨,ym ¾ÏmÏ?$s)è? wur ¨ûèòqèÿsC wÎ) NçFRr&ur tbqßJÎ=ó¡B ÇÊÉËÈ ﴾ سورة آل عمران:102 ) .
﴿$pkr’¯»t â¨$¨Z9$# (#qà)®?$# ãNä3/u Ï%©!$# /ä3s)n=s{ `ÏiB <§øÿ¯R ;oyÏnºur t,n=yzur $pk÷]ÏB $ygy_÷ry £]t/ur $uKåk÷]ÏB Zw%y`Í #ZÏWx. [ä!$|¡ÎSur 4 (#qà)¨?$#ur ©!$# Ï%©!$# tbqä9uä!$|¡s? ¾ÏmÎ/ tP%tnöF{$#ur 4 ¨bÎ) ©!$# tb%x. öNä3øn=tæ $Y6Ï%u﴾ سورة النساء: 1 ) .
﴿ $pkr’¯»t tûïÏ%©!$# (#qãZtB#uä (#qà)®?$# ©!$# (#qä9qè%ur Zwöqs% #YÏy ÇÐÉÈ ôxÎ=óÁã öNä3s9 ö/ä3n=»yJôãr& öÏÿøótur öNä3s9 öNä3t/qçRè 3 `tBur ÆìÏÜã ©!$# ¼ã&s!qßuur ôs)sù y$sù #·öqsù $¸JÏàtã ÇÐÊÈ ﴾ سورة الأحزاب:70-71)(1).
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
ثم أما بعد:
لقد أدركت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ما للصحافة من دور متميز في نشر مبادئها وأفكارها والدفاع عنها، فلقد ساهمت مساهمة فعالة في بعث روح النهضة العربية والإصلاحية الحديثة .
يقول الشيخ عبد الحميد ابن باديس- رحمه الله تعالى- في المقال الافتتاحي الذي صدّر به جريدة (المنتقد ) قائلا: “ بسم الله ثم باسم الحق والوطن ندخل عالم الصحافة العظيم، شاعرين بعظمة المسؤولية التي نتحملها فيه، مستسهلين كل صعب في سبيل الغاية التي نحن إليها ساعون، والمبدأ الذي نحن عليه عاملون، وها نحن نعرض على العموم مبادئنا التي عقدنا العزم علي السير عليها، لا مقصرين ولا متوانين، راجين أن ندرك شيئا من الغاية التي نرمي إليها بعون الله ثم بجدّنا وثباتنا وإخلاصنا، وإعانة إخواننا الصادقين في خدمة الدين والوطن “ .
فابن باديس- رحمه الله- كان يدرك حجم المسؤولية، والوضع الذي تعيشه الأمة، ولهذا فابن باديس اتخذ من الصحافة وسيلتين:
الوسيلة الأولى: تعليمة تربوية .
والوسيلة الثانية: الدفاع عن قضايا الأمة والعروبة .
فبدأ هو ورفاقه من العلماء الذين معه على تغيير أوضاع المجتمع الجزائري، وبناءا على إيمانه بأهمية العمل التدريجي والمرحلي فقد انطلقت البداية من تغيير الأفكار انطلاقا من قوله تعالى: ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَومٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِم ﴾ سورة الرعد:11) .
فركز جهوده على نشر التعليم والتثقيف ونشر المعرفة، وترقية الوعي، وإصلاح الفكر واللسان، وتصحيح العقيدة ومحاربة الخرافات والأباطيل التي كانت سائدة في المجتمع والعودة بها إلى ينابيع الإسلام الصحيح .
وما من شك ما للصحافة من مسؤولية كبيرة ودور عظيم لأنها المرآة التي تنعكس فيها صورة الأمة، واللسان النطق بحياتها والمعبر عن آلامها وآمالها، عندما علماء الإصلاح لحملتهم الإصلاحية الشاملة، فأدركوا ما للصحافة من دور الذي يمكن أن تؤديه في الخروج بالدعوة الإصلاحية التي شرعوا فيها، والدعوة إلى التعريف بها .
وفي هذا يقول أبو اليقظان- رحمه الله- :
إن الصحافة للشعوب حيــاة { والشعب مــــن غيــــــــــر لسان
فهي اللسان المفصح الذلــق { الذي موات ببيانه تتدارك الغايات
فهي الوسيلة للسعادة والهـنا { وإلى الفضائل والعــــــــلا مرقاة
الضعيفة ترفع الرغبات من { وتبلغ الأصوات إلى الأمــــم فيها
فلقد كانت الجرائد والمجلات التي أنشأها الشيخ عبد الحميد ابن باديس قد ساهمت مساهمة فعالة في تحولات تاريخ الحركة الفكرية والأدبية في الجزائر، فكانت حملته القضاء على الجمود الفكري في الفهم الحقيقي للإسلام وتخلصه من الضلالات والخرافات الشائعة في صفوف الأمة، ولذا كانت وسيلة الصحافة أنها تهدف إلى ذلكم التحول في مجريات الحركة .
وأيضا كان للصحافة تأثير في البناء والعمل الصالح إذا أريد لها ذلك، والعكس أيضا صحيح إذا توجهت نحو الهدم والتدمير في أي ميدان، فالصحافة سلاح ذو حدين، ولا يحسن أن يكون هذا السلام إلا في يد الإنسان العاقل الذي يحسن أين يضعه، كما قال المتنبي:
ووضع المدى في موضع السيف بالعلا
مضر كموضع السيف في موضع الندى
ولذا قال أحدهم: “ الصحف على ما قيل أقلام الحق، ولكن إذا صحت مبادئها وألسنة الصدق، ولكن إذا استقامت غايتها وأخلصت للوطن خدمتها، بل هي والحالة هذه فهي لسان الأمة مرآة أحوالها ودواء أدوائها “ .
ولهذا فاتخاذ جمعية العلماء للصحافة كوسيلة وصل بين الفعاليات في الأمة وجماهير الشعب في المدن والأرياف الجزائرية، فلقد كانت الصحافة الوسيلة الأساسية لها في نشر مبادئها وأهدافها، بحيث أصبحت تلك الصحف تعبر عن وجهها الإصلاحي الديني والاجتماعي والسياسي دور بالغ في الإقناع وتبليغ الرأي العام .
ومن أجل هذا كله فقد أدرك رجال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ما للصحافة من أهمية قصوى في نشر مبادئ الإصلاح ومن هؤلاء الأستاذ علي مرحوم- رحمة الله عليه- الذي جاهد بلسانه وقلمه في تنوير الرأي العام، ومن الذين أخلصوا في خدمة قضايا أمته .
فلقد أسهم مساهمة فعالة في الكتابة في صحف الجمعية، حيث اعتبر الصحافة من الوسائل الضرورية في الإصلاح والنهوض بالمجتمع، ونجده- رحمه الله- وهو يشيد بأول صحيفة ظهرت لجمعية العلماء وهي جريدة ( المنتقد ) حيث يقول: “ كان ظهور هذه الصحيفة في ذلك العهد المظلم، وفي إبان اشتداد الاستبداد الاستعماري فتحاً جديداً في عالم الصحافة العربية الحرة في الجزائر، وبداية لخوض معركة جديدة شاقة في عدة مجالات وطنية، تتناول الأدب، والفكر، والثقافة، والسياسة، إضافة إلى الإصلاح الديني والاجتماعي الشامل “ .
ثم يقول: “ وكان شعارها- أي جريدة المنتقد- الحق فوق كل أحد والوطن قبل كل شيء، وإذا أمعنا النظر في هذه الكلمات وتأملنا كنهها تأملا عميقا وقارناه بجهاد الشيخ ابن باديس طوال ربع قرن من حياته، أدركنا ولا ريب مدى انطباق مفاهيمها ومدلولاتها على ما حققه الشيخ من منجزات عظيمة في ميادين شتى: علمية وإصلاحية وسياسية ووطنية بصفة شاملة، وخاصة منها في ميدان الصحافة الذي كان قاعا صفصفا لا تكاد ترى فيه صحيفة ذات أثر أو تأثير حقيقي في المجتمع “ .
فجاء اهتمام جرائد الجمعية في سنواتها الأولى بالاهتمام بالوعظ والإرشاد في المساجد، خاصة بعد إصدار قرار منع المساجد عن أعضاء الجمعية، وكانت إصلاح قضايا العقيدة الدينية ومحاربة أعدائها من الطرقيين الشغل الشاغل، وكانت لا تزال في مرحلة بناء المداس في مختلف المناطق في الوطن، بالإضافة إلى تصديها للقوانين الاستعمارية الجائرة في حق التعليم العربي الحر.
ولم تكن تقتصر الصحف الإصلاحية على محاربة البدع والطرق الصوفية المنحرفة، بل تعدت إلى أبعد من ذلك وهو محاربة الاستعمار بكل أشكاله، وهذا ما يوضحه لنا الشيخ عبد الحميد ابن باديس في هذا المقطع إذ يقول: “ إن فرنسا تعد وتخلف لأنها رأت مصلحتها في الإخلاف، ولا يُرجى منها إقلاع عنه ما دامت تعتقد مصلحتها فيه، والجزائر تنخدع وتطمع ويمكن أن يطول انخداعها ويستمر طمعها، ويمكن أن ينجلي لها سراب الغرور فتقلع عن الانخداع وتقطع حبل الطمع، وتتصل باليأس وما يثمره اليأس ويقتضيه .
وأما- نحن الجزائريين- فإننا نعلم من أنفسنا أننا أدركنا هذا الإخلاف العرقوبي، وأدركنا مغزاه، وأخذ اليأس بتلابيب كثير منا وهو يكاد يعم، ولا تردد في أنه قد آن أوانه ودقت ساعته .
ماذا تريد فرنسا من مماطلتنا ؟
لقد أعلن شاعرنا القومي على هذا السؤال في قصيدته.. حيث يقول:
ولعل من نظم السياسة { أن نغش وأن نغر
ولعل منهـــا أن يُدَس { لنا ونجـــدب للحفر
ولعــــل منها أن يُبَس { لنا لنحلب كالبقــــر
ولعل منها أن نماطل { كي يساورنا الضجر
كذب رأي السياسة وساء فألها: كلا والله لا تسلمنا المماطلة إلى الضجر الذي يقعدنا عن العمل، وإنما تدفعنا إلى اليأس الذي يدفعنا إلى المغامرة “ .
تم يختم كلامه بهذه الوصية الغالية إذ يقول: “ أيها الشعب العربي، أيها الشعب الأبي حذاري من الذين يمنونك ويخدعونك، حذاري من الذين يرمونك ويخدرونك، حذاري من الذين يأتونك بوحي من غير نفسك وضميرك، ومن غير تاريخك وقوميتك، ومن غير دينك وملتك، وأبطال دينك وملتك “ .
ولم نتكلم عن الصحف التي أنشأتها جمعية العلماء وطريقة منهجيتها والذي كان الهدف من ورائها هو النهوض بالأمة من السبات العميق الذي عاشته دهرا من الزمن، فالكتاب الذي بين أيدينا سيحدثنا عن كل هذه التفاصيل .
ومما يؤسف له أن هذه الشخصية المرموقة لم تنل عناية كبيرة من قبل الكتاب والباحثين نظرا لما يحتله كما قلت من مكانة علمية ولا زال اسمه مغمورا للأسف الشديد، اللهم إلا من بعض المقالات التي كتبت في يوم وفاته أو مقال أو مقالين في مجلة محكمة .
ولذا جاء هذا العمل كما قلت المتواضع والذي هو بعنوان ( نظرة على تاريخ الصحافة العربية الجزائرية ) كمساهمة أسأل الله أن يكتب لنا به القبول عنده، فهي إضافة إيجابية عساها أن تبعث في روح الطلاب والباحثين التفاتة حول هذه الشخصية التي نسأل الله أن يجعل كل ما قدمه في سبيل دينه ووطنه في ميزان حسناته يوم القيامة .
عملي في الكتاب:
المقدمة والتي شرحت من خلالها الدوافع التي دفعت بي إلى إخراج هذا العمل ثم ترجمة للمؤلف .
نظرة على تاريخ الصحافة العربية الجزائرية والذي جاء في ثلاثة حلقات، ولقد اخترتها من مجموع مقالاته .
ثم تعقيب وتحقيق حول تاريخ الصحافة العربية الجزائرية يرد به على أحمد توفيق المدني .
مرور خمسين عاما على تأسيس جمعية العلماء ولما له من صلة وثيقة بالموضوع .
ثم عرجت بملاحق ومنها مقال حول الصحافة للطيب العقبي- رحمه الله تعالى.
وفي الأخير أسأل الله أن يجعل عملي خالصا لوجهه الكريم وأن يكتب له القبول عنده إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك عليه .
كتبه الفقير إلى عفو ربه ومولاه
أبو أسامة عمر خلفة
القبة- الجزائر
5 صفر 1443هـ الموافق لـ 12 سبتمبر 2021م