تفصيل

  • الصفحات : 249 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2023،
  • الغلاف : غلاف مقوى ،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-595-9.

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصّلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

تقوم صناعة المعاني على مبدأ التّناسب في جميع أركانها ومكوّناتها، ولا يمكن للمعاني أن تقوم دلالتها وتكتمل بنيتُها وتتجانس عناصرها دون أن تتناسب فيما بينها؛ فالتّناسب هو أساس الصّحة وأساس الدّلالة وأساس الإبداع فيها؛ وتتفاوت مراتب المعاني بقدر تفاوت المناسبة فيها، وأحسنُها أكثرها مناسبة؛ ومن هنا كانت العرب تُجلُّ المناسبة وتتقصّاها في منظومها ومنثورها، وعنايتها بكلامها إنّما هي عنايتها بتناسبه؛ ودليل ذلك فيه تلاؤم حروفه، وسلاسة ألفاظه، وسلامة وزنه، وحسن وقعه، وتناظُر أطرافه، وتضافُر أغراضه.. حتى يكون الكلام أطرب في الآذان وأعلق في الأذهان وأوقع في الوُجدان، فيعلوَ قدره وتكثُر فوائده وتبلُغ مقاصده من إقناع وإمتاع وفهم وإفهام.

وإذا كان الكلام يُفاضل بعضُه بعضًا بالتّناسب فلا شك أنّ القرآن الكريم أجلُّ الكلام قدرا، لتلاؤمِه وإحكامه وانسجامه وتمامِه وكمالِه وجمالِه ودقّته* واستوائِه، في أصواته ومبانيه وألفاظه ومعانيه وفواصله ومفاصله ومقاطعه وآيه وسوره، من غير تفكّك أو تخالف أو تنافر في ذلك كلِّه، وتنزيهه حاصل له من جهة نزوله لكونه نازلا من عنده سبحانه؛ تعالى ربّنا عن النّقص في تنزيله.

ومن هذه الأهميّة البالغة للتّناسب سعت دراستنا إلى تقييد مظاهر المناسبة في الألفاظ المعاني سواءٌ في الخطاب القرآنيّ الذي هو غاية نشأة الدّرس اللّغوي أو في الشّعر العربيّ الذي يعدّ الوسيلة الأولى في فهم الخطاب القرآني وبيان إعجازه؛ ومن هذا كلِّه كان موضوع هذه الدّراسة موسوما بـ: وجوه المناسبة في الألفاظ والمعاني -دراسة تطبيقية في القرآن الكريم وكلام العرب-.

– وتدور إشكالية الدّراسة حول مفهوم المناسبة اللفظية والمعنوية وجذورها في الفكر البلاغي القديم والحديث، وقد صيغت على النحو التالي: ما أهم وجوه المناسبة في الألفاظ والمعاني؟

وللإجابة عن هذا الإشكال اخترنا خطّة بحث تتكوّن من مقدّمة ومدخل وفصلين ثم خاتمة، وذلك على النحو الآتي:

– مدخل في الألفاظ والمعاني لبيان العلاقة التي تربط اللّفظ بالمعنى في النّظم.

– الفصل الأوّل وموضوعه “التّناسب اللَّفظي بين القدماء والمحدثين“؛ ويتناول الحديث عن الخصائص الصّوتية والصّرفية والدّلالية المتعلّقة باللّفظ، وفيه تتمّ معرفة الكيفيّات المختلفة لتناسب اللّفظ في ذاته ومع سياقه.

– الفصل الثاني وموضوعه “التناسب في المعاني بين القدماء والمحدثين“؛ ويتناول الحديث عن أوصاف المعاني المتناسبة ومظاهر المناسبة فيها إمّا من ناحيتها الشّكلية أو الضّمنية.

– ثم خاتمة مُجمِلة للنتائج والتوصيات.

أمّا منهجية الدّراسة فهي تجميعية تقوم على مبدأ التجميع لجملة من الآراء التي تلتقي حول موضوع واحد هو موضوع التّناسب، ولم تقتصر الدّراسة على ما تمّ تسميّته بالتّناسب ومرادفاته وحسب، بل كانت نظرتها أوسع لتشمل كلّ ماله علاقة بهذا المفهوم، ووقع اختيارها على ما كان واضح العلاقة بالتّناسب أو يحتاج تأويلا بسيطا في بيان تعلّقه به؛ وتمّ تجنُّب كلُّ ما يحتاج مبالغةً قد تفضي إلى الخروج عن الموضوع.

وركّزت الدّراسة على القرآن الكريم الذي كان له الحظ الأوفر من الشواهد فيها، ثم على الشّعر العربي القديم؛ وهذا راجع إلى طبيعة الدّراسات التي اعتنت بالتّناسب فأغلبها تنبع من القرآن الكريم، لأجل هذا نجد أنّ أكثر شواهد التّناسب هي شواهد قرآنية.

وقد تم اعتماد طريقتين في الاقتباس، فإذا كان الاقتباس حرفيا كانت القوسان على النّحو التالي: “…”، أما إذا كان الاقتباس مُتصرَّفًا فيه أو منقولا بمعنى أو مختصرا كانت القوسان على النحو التالي: “…”؛ وأمّا الأعلام وبعض العبارات والكلمات المفتاحية فهي تكون غالبا بنفس القوسين “…”، أمّا إذا كانت هذه الأخيرة داخل اقتباسٍ آخر أو كان قريبا منها اقتباسٌ منقولٌ بمعناه فإنه يتمّ تغيير القوسين إلى التّالي: (…) خشية اختلاط الاقتباسات.

 

مدخل

في الألفاظ والمعاني

 

 

* والدقة من المشترك اللفظي فتكون لما لاءم موضعَه من الألفاظ والمعاني بما يمتنع أن يكون غيرُه أحسن منه في موضعه، وتكون للكلام الخفيف والغريب، وتكون كذلك لما يصعب إدراك معناه إلّا على المتدبر الفطن؛ ولا شك أنّ المقصود الأول هو المراد هنا لوضوح ذلك.