تفصيل

  • الصفحات : 322 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2023،
  • الغلاف : غلاف مقوى ،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-749-6.

بسم الله الرّحمن الرّحيم، والصّلاة والسلام على أشرف المرسلين وبعد:

كانت التّرجمة ولاتزال تقنية، أو آلية إجرائية، اتكأ عليها الإنسان حينما أراد الاتصال بغيره من الشعوب الأخرى قصد الاتصال من أجل استلهام ما يمكن أن يحقق نهضته، أو يطورها، وكان هذا من خلال التّرجمة المباشرة المتمثلة في ترجمة الكتب، أو من خلال التّرجمة غير المباشرة المتمثلة في تبادل الأفكار، الأمر الذي جعل منها في نظر الباحثين الوسيلة الأولى في تحقيق عالمية الخطاب الفكري بين الجماعات البشرية.

ولما كانت اللّغة الأداة الأولى في الاتصال، أو في النقل، أو الاقتباس، يطل المصطلح كعنصر أساسي في هذه العملية،ذلك أنه بقدر التحكم فيه، تتحقق الفعالية المرجوة، والعكس صحيح، هذه الأهمية أدركها الدارسون والباحثون في كل التخصصات والحقول المعرفية، والحقل اللّساني واحد من هذه الحقول، حيث نالت دراسة المصطلح فيه مكانة هامة، وذلك من خلال تثبيت المصطلحات اللّسانية العلمية وضبط مفاهيمها والتدقيق في معانيها، ومحاولة توحيدها، ومن ثم إشاعتها.

وأمام التطور الذي شهده الدرس اللّساني الغربي، وجد الباحث العربي نفسه  مجبرا على الاقتباس  من الحضارة الغربية،إن أراد مواكبة هذه الحركة العلمية والاستفادة منها والتي رائدها فردينان دي سوسير، فكان فعل التّرجمة هو الطريق للتعريف باللّسانيات وإدخالها إلى الثقافة العربية، لكن التفاعل حكمته الأهواء والميول الشخصية البعيدة عن كل منهجية علمية، فكانت الكارثة حيث تباينت الآليات الترجمية وتباينت معها المقابلات العربية للمصطلحات الأجنبية بطريقة يصعب وصفها إذ أضحت إحدى العوائق الهامة التي بترت سيرورة الدرس اللّساني العربي المعاصر وشلت تطوره، فبدلا من أن ينطلق المتلقي العربي نحو المعرفة اللّسانية ناقدا، وقف حائرا أمام الكم الهائل من المصطلحات اللّسانية التي تسربت إلينا من ثقافات لسانية مختلفة،وليت الاختلاف قارا أو محصورا في دولة واحدة، فهو يختلف من قطر إلى قطر، فأضحى –كما قال أحمد محمود قدور في كتابه”اللّسانيات وآفاق الدرس اللغوي، ص23″ داء من أدواء لساننا العلمي العربي اختلاف المصطلحات الموضوعة لمدخل علمي عربي، وأمسى قاتلا انفصال الأقطار العربية بعضها عن بعض،وتباعد مجامعها اللغوية وجامعاتها ومستوياتها العلمية والاجتماعية والأخلاقية وانتماءاتها القومية ” ولنا في ترجمة كتاب “دروس في اللّسانيات العامة” لفردينان دو سوسير خير مثال.

فقد ترجم الكتاب إلى خمس ترجمات إلى العربية، فقد ترجمت الترجمات التونسية والسورية والمغربية انطلاقا من التّرجمة الفرنسية، في حين ترجمت العراقية والفلسطينية انطلاقا من التّرجمة الانجليزية، مما ساهم في خلق فوضى مصطلحية، آثارها عجزت جميع الهيئات على معالجتها إلى الآن، لأنها تمت بطريقة  -يمكن أن نقول عنها -تقصي شروط البحث العلمي.

وأمام  هذه الأزمة المصطلحية  يسعى الباحثون  إلى البحث عن أنجع السبل للخروج من هذه الأزمة.دأأ

ورغبة منا في المساهمة في البحث في تلك الدراسات اللّسانية التي تتناول التّرجمة، تأتي هذه الدراسة كجهد متواضع يحاول إثارة تساؤلات حول هذا الوضع والإجابة عليه، ومن تلك المؤلفات اخترنا كتاب ديسوسير”دروس في اللّسانيات العامة ” كنموذج للدراسة، محاولين بذلك معالجة أهم المسائل من خلال البحث الموسوم ب: آليات ترجمة النص اللساني- أعمال دو سوسير أنموذجا ومن أسباب اختيارنا لهذا الكتاب كونه مصدر هاما  في ميدان البحث اللّساني الحديث، فقد حظيت ترجمة كتابه بأهمية كبيرة بالنسبة للدارسين  والباحثين، مما جعله  مرجعا  هاما في عالم اللّسانيات وفي الثقافة العربية المعاصرة.

وقد كنا نهدف من وراء ذلك إلى تقديم أحد معالم التفكير اللّساني ومؤسس اللّسانيات فرديناند دي سوسير كما أشرنا إلى ذلك في الفصل التطبيقي عن طريق دراسة أعماله ومن ضمنها كتابه الشهير” دروس في اللّسانيات العامة “،  والذي ترجم إلى العديد من اللغات ومن بينها التّرجمة إلى اللّغة العربية حيث حقق له شهرة منقطعة النظير وأحدث ثورة تجديدية في عالم اللّسانيات، أين عرفت اللّسانيات أزهى مراحل نشأتها وأعطاها بعدا منهجيا جديدا ودقة في الطرح ولايستطيع أحد أن ينكر تأثيره على اللّسانيات في القرن العشرين حتى لقب بـ”سيبويه اللّسانيات في أوربا.   فهل حققت ترجمات كتاب دي سوسير الفائدة المرجوة من آليات ترجمة المصطلح اللساني؟ وهل عكست ترجمات كتاب دو سوسير المنهجية الصحيحة لآليات ترجمة المصطلح اللساني؟

وفي ضوء ذلك تم تنظيم البحث وفق مدخل وثلاثة فصول على النحو الآتي:

المدخل: يحمل عنوان: الترجمة من المنظور اللغوي حيث يبين العلاقة بين اللسانيات والترجمة وكذا الترجمة من الجانب التواصلي والتعايش اللغوي.

الفصل الأول: عنوانه: اشكالية ترجمة النص اللساني ويحوي أربعة  مباحث هي:

المبحث الأول: يحمل عنوان ماهية الترجمة، يستهل باعطاء تعريف لغوي للترجمة يليه مباشرة التعريف الاصطلاحي استنادا الى تعاريف عامة.

المبحث الثاني: يحمل عنوان : الترجمة والفكر اللساني المعاصر حيث نوضح فيه مفاهيم عامة عن اللسانيات والترجمة.

المبحث الثالث: يحمل عنوان: مصطلحات أساسية في الترجمة، يتم فيه تعريف بعض المصطلحات الأكثر استخداما وشيوعا في الترجمة.

المبحث الرابع: يحمل عنوان: الترجمة من المنظور اللساني، نبين فيه العلاقة الوطيدة التي تربط اللسانيات بالترجمة.

الفصل الثاني:عنوانه: لسانيات النص بين النشأة والتطور يحوي ثلاثة مباحث هي كالآتي :

المبحث الأول: يحمل عنوان: النص بين المفهوم والماهية، تم فيه تعريف النص لغة استنادا على بعض المعاجم القديمة وتعريف النص من الجانب الاصطلاحي اعتمادا على بعض المصادر الحديثة

المبحث الثاني: يحمل  عنوان: ثنائية الخطاب والنص، وهذا بتعريف الخطاب من الجانب اللغوي والاصطلاحي وتعريف النص لغة واصطلاحا.

المبحث الثالث: يحمل عنوان: علاقة علم النص بالعلوم الأخرى ومن أهمها علاقة علم النص بعلم الدلالة، علاقة علم النص بالترجمة، علاقة علم النص بالسيميائية.

الفصل الثالث: يحمل عنوان: دراسة تطبيقية لأعمال دو سوسير-كتاب محاضرات في اللسانيات العامة -أنموذجا- Cours de linguistique général  ، يحوي ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: عنوانه: فردينان دو سوسير، أعماله، وملخصات ترجمات كتابه Cours de linguistique général.

المبحث الثاني: عنوانه: قراءة في ترجمات كتاب دو سوسير،وهذا باعطاء ملخصات عن أهم ترجمات كتابه وخاصة الترجمة العراقية والتونسية.

المبحث الثالث: عنوانه: دراسة مقارنة بين الترجمات الخمس لكتاب دو سوسير من خلال فقرات مختارة، وهذا لتوضيح الفروق البينية بين كل هذه الترجمات وتبيين أهم الآليات الترجمية المعتمدة في الترجمة.

وقد اعتمدنا في هذه الدراسة على بعض الدراسات السابقة ومنها:

  • كتاب اشكالات الترجمة في بناء المصطلح العربي، ترجمة كتاب دو سوسير أنموذجا، لمصطفى طاهر الحيادرة،
  • كتاب: ترجمة المصطلح وتوطين اللسانيات، ترجمات كتاب دو سوسير الى اللغة العربية دراسة تحليلية مقارنة-ماستر، جامعة البويرة نزيهة بوبكر اشراف فتيحة حمودي-2014/2015.
  • تساؤلات فكرية لعبد السلام المسدي/جريدة الرياض، أربع مقالات.
  • كتاب: المسائل النظرية في الترجمة لجورج مونان.

كما اعتمدت على المقالات والمنشورات خاصة في جانبه التطبيقي، لأن أعمال دي سوسير مازالت تحت  أعين الدارسين والباحثين .

واعترضت بحثنا عدة عقبات وخاصة في جانبها التطبيقي،منها التضارب والاختلاف بين الترجمات الخمس، الأمر الذي جعلنا في حيرة اختيار المصطلحات المقابلة للمقابلات في مصدرها الأصلي،كما كان لعدم الفصل في التّرجمة الأصح أو الأفضل من طرف الدارسين أثر كذلك.

ولا يفوتنا في الختام أن نتقدم بخالص الشكر والعرفان والامتنان إلى كل أساتذتي، وفي مقدمتهم الأستاذ المشرف:سي أحمد محمود.

د. يمينة حاج هني