تفصيل

  • الصفحات : 321 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2023،
  • الغلاف : غلاف مقوى ،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-633-8.

يشهد العالم اليوم تطورات وتغيرات كبرى على مختلف الأصعدة،جرى خلالها التحول الاجتماعي من المجتمعاتالصناعية إلى المجتمعات الإلكترونية التيتقوم على استخدام التكنولوجيا الحديثة في شتى المجالات،بما أحدث تغيرات جمة في المنظومة الاجتماعية التي كانت تتصل بالإنسان كروح ليصبح ارتباطها بالإنسان كآلة خاضعة للتطور التكنولوجي.

ترتبط مجمل التغيرات الاجتماعية التي نشهدها في الوقت الحاضر بالرقمنة أساسا، إذ يتزايد يوما بعد يوم اعتماد الإنسان على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي أصبحت القاسم المشترك بين جميع أنشطته اليومية. فبداية من تسعينيات القرن الماضي غزت – وبقوة – تكنولوجيا المعلومات والاتصالات جميع مجالات المعرفة والأنشطة الحياتية تقريبا، بل وأصبحت هذه التكنولوجيات ركيزة أصيلة من ركائز الإنتاج، وكذلك كيانا قائماً بذاته جدير بالدراسة والتطوير.(نعيمة عبد الجواد، https://middle-east-online.com/)
ونظرا لاتصال المكون الرقمي بالجوانب المعرفية، فإن أسئلة كثيرة قد طرحت حول الإنتاج المعرفي وما له صلة بالبحوث العلمية، ولاسيما في الإنسانيات. وينطوي ذلك على تغيّر جذري في طرق نشر المعرفة وتخزينها ومعالجتها والوصول إليها. أدّت هذه الأسئلة إلى التفتيش عن مجالات معرفية جديدة، حملت أسماء كثيرة، لعل أحدثها هو “الإنسانيات الرقمية” Digital Humanities. (غسان مراد، http://www.aljaml.com/)

عن هذه الإنسانيات، ورد في ويكيبيديا ما نصه “أن الباحثين قد طوروا في العلوم الإنسانية العديد من مقاييس المجاميع الرقمية منها الكبير والصغير، مثل المجاميع الرقمية للنصوص التاريخية، جنباً إلى جنب مع الطرق والأدوات الرقمية التي تستخدم لتحليلها، بهدف اكتشاف كل معرفة جديدة وتصور البيانات البحثية في طرق جديدة وكاشفة ويسمى المجال الذي تحدث فيه كثير من هذه الأنشطة بالعلوم الإنسانية الرقمية؛ والتي هي علم عبر تخصصي يتناول علاقة الإنسان بالتكنولوجيا الرقمية من زوايا اجتماعية وإنسانية وتعليمية”.

واعتبرت ديان زوريشDiane Zorich في كتابها “استبانة عن مراكز الإنسانيات الرقمية بالولايات المتحدة” أن الغرض الأساسي من الإنسانيات الرقمية -أي تلك التي تستخدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات-هو تعزيز عمليات البحث والتعليم، وكذلك استحداث منتجات وعمليات تعمل على تحديث ما لدينا من معارف. (Diane M. Zorich . 2008)

ثمة تلاقح متبادل، إذا، بين المعلوماتية والمعرفة/ الثقافة. فلا يقتصر دور الإنسانيات الرقمية على أدوات تقنية، بل أنها ترتسم كإشكالية تتعلق بالتجديد في العلوم. وكما شرعت العلوم الإنسانية في التعمّق بشؤون التكنولوجيا الرقمية أخيراً، كذلك شرع المعلوماتيون بالاهتمام بالعلوم الإنسانية. لعل الإبداع هو ما يميّز هذه الحقبة في العلوم، مزيحاً إلى الهامش الميل الى عرض العلوم. إذ يتوسّع العلماء فعلياً في ربط مجالات العلوم ببعضها بعضاً. وتؤدي المعلوماتية قسطها في هذا الشأن. وتوصف المعلوماتية بأنها علم جذري، بمعنى أنها تغلغلت في “جذر” كل حقل علمي حاضراً. وعمّق هذا الأمر من مسألة التداخل الاختصاصات، على عكس الميل الى الانفصال بين حقول العلوم واستقلالها عن بعضها بعضاً، وهو ميل ساد طويلاً قبل ثورة المعلوماتية. (غسان مراد، https://middle-east-online.com/)

ولما كان التجديد في العلوم لابد وأن يمس الجوانب النظرية المفهومية والمنهجية منها؛ فإن مناهج العلوم الإنسانية على المحك أيضا في عصر الرقمنة، وهو ما تلقي عليه الضوء هذه الفعالية؛ حيث تحاول الإجابة على مجموع التساؤلات التالية: ما هي الإنسانيات الرقمية تحديدا؟  وهل يحتاج هذا الاتصال بين الإنسانيات والرقمنة إلى إبستمولوجيا ومناهج “جديدة” حقا؟ وإذا كان؛ فما هي المشكلات التي يطرحها غياب “التجديد” في ذلك مع الواقع البحثي الذي تفرضه الإنسانيات الرقمية اليوم؟ وما هي أسس هذه الإبستمولوجيا والمناهج البديلة؟

ويورد هذا الكتاب بعضا من الأعمال المشاركة في الملتقى الوطني “الإنسانيات الرقمية؛ الإبستيمولوجيا والمناهج البديلة” التي سعت للإجابة عن التساؤلات السابقة، فلا يتضمن سوى المداخلات التي سمح أصحابها بنشرها، مرسلين إلى إدارة الملتقى إذنا نهائيا بذلك. حيث يُستهل فهرسه بمداخلة علية بوبيدي: “الإنسانيات الرقمية بين المفهوم والتطبيق”التي حاولت من خلال  هذه الدراسة المفاهيمية توضيح مفهوم هذا العلم وكذا تاريخ ظهوره ومجالات وحدود استعمالاته للوصول في الأخير إلى معرفة مدى تطبيقه في البلدان العربية والجامعات الجزائرية على غرار البلدان الغربية، وجاءت دراسة عمر حسيني:”إشكالية الأبستمولوجيا في علوم الإعلام والاتصال دراسة لواقعالأبستمولوجيا في الجامعة الجزائرية” لتركز على تحديد دور الإبستيمولوجيا في مجال علوم الإعلام والاتصال بالجزائر في نشر المعرفة من خلال رقمنتها، وتحديد أثر هذه الرقمنة، كما حاول الباحثالكشف عن أكثر المجالات التي تتأثربها الإبستمولوجيا في الجزائر، بالإضافة إلى التعرف على اقتراحات بعض المختصين في المجالات الإعلامية والإبستمولوجيا الرقمية لمكافحةهذهالظاهرة التي تواجهالمواطنالجزائري.وفي دراسة الطيب عيساوي: “تكنولوجيات الثـــورة الســــادسة للاتصــــال وتطــــور علـــم الإنسانـــيات الرقمـــية-  الأبعاد الابستيمية والأثر الواقعي”. سعى الباحث لتحديد أهم المؤشرات التي تجعل من تكنولوجيات الاتصال والإعلام عتبة أساسية في مجال تطوير علم الإنسانيات الرقمية، وذلك من خلال مباشرة البحث عن أهم التأثيرات الفعلية لهذه الظاهرة على أرض الواقع، إضافة إلى العمل على إيجاد الصيغ والمبررات الابستيمولوجية للعلاقة التي تربط بين تكنولوجيات الثورة السادسة للاتصال وتطور علم الإنسانيات الرقمية على المستوى الاجتماعي والأكاديمي، وتطرقت دراسةمباركة منماني: أهم العوائق الابستمولوجية عند تطبيق المنهج في العلوم الاجتماعية في ظل الرقمنة” لمفهوم الإبستمولوجيا  والمنهج وعلاقتهما ببعضهما البعض، وأهم الصعوبات الابستمولوجية للمنهج في العلوم الاجتماعية، أما دراسة شفيقة مهري: إثنوغرافيا الانترنيت كمنهج كيفي بديل للمناهج الكمية في دراسة الإنسانيات الرقمية؛المفهوم الإجراءات والأدوات” فقد كانت حول إثنوغرافيا الأنترنيت التي تعرف أيضا بالنيتنوغرافيا، كمنهج كيفي  بديل للأساليب الكمية في دراسة وفهم الظواهر الإنسانية المرتبطة بكافة مجالات حياة الإنسان عبر الشبكة الرقمية الأنترنيت، وقد ركزت على علاقة النيتنوغرافيا بدراسة الإنسانيات الرقمية، ومميزات استخدامها في هذا المجال، كما عرفت بالنيتنوغرافيا كمنهج بحث من حيث الإجراءات الأنواع، الممارسات، والأدوات، تلتها دراسة سليمة جعرير: “إشكالية التقنيات الرقمية لمناهج البحث العلمي في العلوم الإنسانية” التي عرفت البحث العلميوأوجه استخدامات التكنولوجيا الرقمية فيه، كما بينت أهم صعوبات ومعوقات الباحثين للتقنيات الرقمية في العلوم الإنسانية وأثر سوء استخدام التكنولوجيا الرقمية على مصداقية البحث العلمي في العلوم الإنسانية، وفي دراسة عبد الرحمان قدي: “تكييف الأدوات والأساليب العلمية لجمع بيانات الظواهر الإنسانية الجديدة:بين النّظرة الإبستمولوجية والضّرورة المنهجية” فقد ركز على أبرز نتائج تكييف الأدوات والأساليب الكمّية والكيفية في جمع البيانات لدى بعض البحوث والمقالات العلمية؛ مثل تصميم استمارات الاستبيان الإلكترونية عن طريق خدمة “نماذج غوغل” وعبر مواقع إلكترونية متخصّصة مثل موقع “أودو” لجمع البيانات الكمّية، وإجراء المقابلات الرّقمية باستخدام عدّة خدمات لجمع البيانات الكيفية…، وتطرق هشام مصباح في دراسته: الدراسات اللسانية بين بعدها اللغوي والإنساني فيزمن الثورة المعلوماتية” إلى مجال تقنيات الحاسوب في ميدان اللغة العربية، أي توظيف اللغة العربية في عالم الحاسوب وتطبيقاتها المتنوعة في زمن الثورة المعلوماتية والجيل الخامس من الأنترنيت الذي يقتضي امتلاك آليات التعامل مع المعرفة الجديدة بطريقة ذكية،حيث قام بتحليل مراحل تطور اللسانيات ومدى حضور اللغة العربية في خضم هذه التغيرات الهائلة التي يعيشها العالم اليوم، ثم مقارنتها بالأبحاث اللغوية العالمية التي حققت نتائج باهرة في مجال التعامل مع القضايا الإنسانية ومختلف المستجدات التي يعيشها العالم اليوم، وعالجتزينب بوفنارة في دراستها: “اللغة الإعلامية في سياق الذكاء الإصطناعيسلطة أم تكامل؛ مدخل نظري من خلال براديغم التعقيد”العلاقة المشفرة بين اللغة الإعلامية والذكاء الإصطناعي من منظور إبستيمولوجي تمثل في براديغم التعقيد ودوره في تفسير التداخل بين هذين المتغيرين،وتطرقتمروة حمزة في دراسة: “الذكاء الاصطناعي ودوره في مستقبل الصناعة الإعلامية” إلى أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الصناعة الإعلامية مع دراسة بعض آفاقها وتطبيقاتها المستقبلية، كما درست وضعية وسائل الإعلام التقليدية في ظل التطور الذي يشهده قطاع الإعلام ومصير الإعلاميين والعاملين في هذا القطاع في حال الاعتماد الكلي على الآلة في تسيير العملية الإعلامية،مع مراجعة طبيعة الجمهور الجديد وطبيعة تفاعله مع هذه التقنيات الجديدة، بالإضافة إلى عرض نماذج من الدول العربية والعالمية لمؤسسات إعلامية تبنت العمل الإعلامي وفق معايير الذكاء الاصطناعي، وقدم حسان تسامدةفي دراسته: “المكتبات والإنسانيات الرقمية: الابتكار والتكامل” مفهوم الإنسانيات الرقمية ومجال نشاطها التي تجمع بين العلوم الإنسانية والاجتماعية والحوسبة التطبيقية، مع التركيز على دور المكتبات في حركة الإنسانيات الرقمية وتقديم أمثلة عن إنجازاتها، كما قام باستقصاء ميداني حول الدور الحالي للمكتبات في الإنسانيات الرقمية وأهم الخدمات التي تدعم مشاريعها، وأخيرا اعتمد ياسين صدوقيفي دراسته: “استخدامات الطلبة الجزائريين للمنصات التعليمية الرقمية؛ دراسة مسحية من منظور نظرية الاستخدامات والإشباعات”على نظرية الاستخدامات والإشباعات لمعرفة العلاقة الموجودة بين الطالب الجامعي الجزائري والمنصات الرقمية التعليمة، وكذا مدى الإشباع المحقق لدى الطلبة الجزائريين من هذه المنصات.