تفصيل

  • الصفحات : 149 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2024،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الأولى ،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-885-1.

مدخل…

تختلف الممارسة السياسية في النظام السياسي باختلاف نظام الحكم الذي تفرضه الظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإيديولوجية والتاريخية في المجتمع، فطبيعة نظام الحكم القائم هو الذي يفرض طبيعة النظام السياسي الممارس بأشكاله المختلفة، ويرجع الاختلاف في الممارسات السياسية بين الدول أو داخل الدولة نفسها تبعا لاختلاف الإيديولوجية الفكرية لكل حزب ممارس للسلطة، والتي يعبر عنها وفقا للغة سياسية غير بعيدة عن انتماءاته ومبادئه وأفكاره التي يسعى لترويجها بين الطبقات السياسية الأخرى عن طريق هذه اللغة والتي تسمى أيضا بالخطاب، الذي يختلف من حيث شكل تقديمه للمتلقي تبعا لأهدافه وأفكاره وسياقه الذي يقال فيه، وتبعا لاختلاف تكوين كل حزب وانتماءاته سواء كانت انتماءات معارضة أو موالية أو ذات اتجاهات دينية أو الانتماءات السياسية مثلا بحسب المدارس التي تنتمي إليها هذه الأحزاب، باعتبارها تسعى للوصول إلى السلطة عبر هذه الخطابات لتمرير مشروعها والعمل على نجاحه، وهذا لا يأتي إلا عن طريق لغة خطابية ناجحة ومؤثرة تشمل جميع عناصر التأثير والإقناع لإخضاع المتلقي بتبني أفكارها ومشروعها السياسي.

ووفق هذا يعد خطاب الأحزاب السياسية في النظم السياسية الحديثة حسب الباحثين خطابا ثابتا يعبر عن انتماءات الأحزاب لأفكار معينة ويكشف عن طبيعتها الليبرالية أو الاشتراكية أو الإسلامية، وهو ما يحدد موقع أهمية الممارسة الحزبية في هذه الأنظمة، فيعبر عن الارتباط القوي بين طبيعة الحزب السياسي ولغة الخطاب الذي يتبناه ضمن سياق سياسي أو اجتماعي معين لتقديم أفكاره ومحاولة الحصول على شرعية من نظام الحكم القائم في الوقت نفسه، ومن الفئة الشعبية المستهدفة.

الجزائر عنيت بهذه المؤسسات الديمقراطية حديثة النشأة كغيرها من الدول، التي تبنت النهج الاشتراكي في المجال الاقتصادي الذي يمجد الحزب الواحد كنظام سياسي، فبعد سيطرت نظام الحزب الواحد “حزب جبهة التحرير” الوطني زمن الاحتلال الفرنسي وبعد قيام الجمهورية الجزائرية المستقلة عام 1962م، شهدت تحولات على الصعيد الاقتصادي، اجتماعي والثقافي، ساهمت في تشكيل ملامح خطاب سياسي معاصر ميزته التعددية الحزبية التي جاءت بعد أحداث أكتوبر 1988م من ناحية المشاركة على الواقع. وبما أن ظهور ونشأة الأحزاب السياسية في الجزائر لا يمكن فصله عن سياقه التاريخي الذي كان في شكل نوادي وجمعيات لا تخل من البعد السياسي في التوجيه والتثقيف وتبني القضايا الوطنية أثناء الفترة الاستعمارية، كما لا يمكن فصله أيضا عن نشأة وظهور الصحافة في الجزائر مما جعل للظاهرتين تاريخا مشتركا، وهذا ما يعكس العلاقة المتبادلة في التأثير والتأثر بين الأحزاب السياسية الجزائرية من خلال تبني خطابه بمختلف التوجهات والمواضيع ضمن نصوص صحفية مأطرة، محاولة كسب التأييد من وراء هذه الخطابات المنشورة عبر الصحافة الوطنية وجعل لها ثقل على الساحة السياسية وداخل النظام وحتى بين المتلقي المستهدف، ومعالجة الصحافة الجزائرية لبعض مضامين هذه الخطابات  بتوجهاتها السياسية والإيديولوجية المختلفة قد تكون موالية لسياسات حزبية معينة كما قد لا تكون موالية، وبالتالي يصبح كل طرف فاعلا أساسيا في أي تحول في المجتمع.

وبالحديث عن التحولات السياسية الوطنية أرّخ المشهد السياسي الجزائري بعض التجاذبات الملفتة تجلى في معالجة قضايا هامة ، محاولة احتواء الوضع السياسي من جهة والحفاظ على وزنها ومكانتها بين مناضليها وبين الطبقة الشعبية من جهة ثانية.

ومما سبق يتضح أن العلاقة بين الأحزاب السياسية والصحافة هي حلقة وصل بينها وبين المتلقي الذي يوجه إليه الخطاب بهدف التأثير فيه وإقناعه بتبني مشروعها السياسي من أجل الوصول إلى السلطة. ونظرا لأهمية الصحافة كوسيلة جماهيرية تسمح بالوصول إلى أكبر عدد ممكن من الجمهور بأقل جهد حاملة مضامين سياسية منها إخبارية، رأي، تحليلية وتفسيرية، فإن الأحزاب السياسية تلجأ إلي نشر نصوصها الخطابية على صفحاتها.