تفصيل

  • الصفحات : 114 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2024،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الأولى ،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-786-1.

مقدمة:

شغل موضوع النمو الاقتصادي اهتماما كبيرا لدى المؤرخين والمفكرين الاقتصاديين، الذين قاموا بوضع وصياغة مجموعة من الأفكار التي نتج عنها مدارس مختلفة، والتي كانت جميعها تسعى إلى دراسة وتحليل ظاهرة النمو الاقتصادي والاختلافات في المستويات المعيشية بين البلدان. ويعتبر أول من تطرق لموضوع النمو الاقتصادي هم رواد الفكر الكلاسيكي وعلى رأسهم آدم سميث، هذا الفكر الاقتصادي الذي حاول دراسة المشكلات الاقتصادية والبحث فيها خاصة (مشكلات الثروة والإنتاج والنمو الاقتصادي)، لاستنباط قوانين علمية تحكم هذه الظواهر. وعلى الرغم من الانتشار الواسع للنظرية الكلاسيكية في العالم الغربي لفترة زمنية طويلة وسيادة تطبيق الأفكار التي جاءت بها، إلا أن الافتراضات التي جاءت بها كانت مخالفة للواقع، الأمر الذي دفع الاقتصاديين إلى إعادة النظر في هذ الافتراضات، وهذا ما أدى إلى ظهور فكر اقتصادي جديد يستعمل أدوات تحليل جديدة للخروج من هذه الأزمة، فكان هذا الفكر هو الفكر الكينزي على يد كل من Keynes وHarrod وDomer. غير أن نقطة الانطلاقة لأي دراسة للنمو الاقتصادي الحديث هو نموذج النمو النيوكلاسيكي الذي ظهر لأول مرة من قبل Solow (1956)، والذي ساهم بشكل كبير في ظهور نظريات النمو الداخلية والنظريات الحديثة.

ومنذ الخمسينات كان ينظر إلى الاقتصادات التي تعرف باسم العالم الثالث على أنها تسعى جاهدة لتحقيق التنمية الاقتصادية، وبالتالي تبدأ في اللحاق بالبلدان الغنية في العالم من حيث نصيب الفرد من الدخل، وكان الوعي المتزايد لتحقيق ذلك، عاملاً رئيسياً في تجديد البحث في قضية النمو الاقتصادي، والتي تهدف إلى نموذج معدل نمو طويل الأجل، وعند مقارنة معدل النمو في العديد من البلدان، يمكن استخدام هذه النماذج لشرح الفجوات بين معدلات نمو الاقتصادات.

بدأت المناقشة الحديثة لمسألة التقارب بمساهمة Solow (1956) والذي يفترض أن البلدان تختلف فقط في المستوى الأولي من الناتج وأن الفجوات بين البلدان سرعان ما تغلق بسبب الافتراض الأساسي للعائدات المتناقصة لرأس المال. ومنذ منتصف الثمانينات بدأت مسألة التقارب تتلقى اهتماما كبيرا، وينبع هذا التزايد في الاهتمام البحثي أساسا من خلال ملاحظة أن العديد من الاقتصادات الفقيرة لم تظهر ميلاً إلى سد فجوة الدخل للفرد مع الدول الغنية، وبالتالي فإن مشكلة عدم تقارب نصيب الفرد من الدخل في جميع اقتصادات العالم قد بينت بوضوح لأول مرة من طرف(1986)  Romer، والذي أثار شكوكا حول صحة فرضيات نموذج Solow خاصة وأن الاختلافات بين الدول بقيت على حالها. ومن هنا جاءت نظريات النمو الداخلية والتي افترضت أنه يمكن للبلدان الغنية أن تحافظ على مركزها من خلال المحافظة على معدلات نمو ثابتة، ويتحقق ذلك من خلال تحقيق معدلات عالية من التكنولوجيا، والاستثمار في رأس المال البشري من خلال التعليم والتدريب، وخلق المعرفة.