تفصيل
- سنة الطباعة : 2024،
- الغلاف : غلاف مقوى،
- الطباعة : الأولى ،
- لون الطباعة :أسود،
إن أول ما انتسبت عليه فكرة الجنسية هي الانتماء على أساس الجنس، وقد كان هذا الانتماء أسبق في الوجود من الانتماء السياسي و القانوني.
و قد كان من أوائل صور الانتماء الاجتماعي إلى مجمع معين هو الانتماء على أساس الجنس أو العرق للأسرة ثم الانتماء على العشيرة، فالقبيلة التي يجمع بها على جانب العرق عوامل اجتماعية كاللغة و العقيدة و التقاليد.
و قد ساد هذا الانتماء في بلاد العرب إذ كان يعرف عنهم اهتمامهم بالأنساب و معرفتهم لبطون القبائل و التضامن على أساس العصبية القبلية.
أما بعد مجيء الإسلام فقد قضى على مظاهر العصبية.
و كما ساد معيار الجنس في المجتمع الروماني، كأساس للمواطنة، فكل من يدعي أنه روماني عليه ان يثبت انتمائه إلى روميلوس مؤسس مدينة روما.
و كان التمتع بالمواطنة الرومانية حكرا على الفئة الأولى وحدها، و أساس منحها هو الميلاد لأبوين رومانيين أو العرق أو ـ أو التجنس الذي يمنح بقانون.
و كانت القوانين الرومانية تعاقب بالقتل كل من يدعي غشا أنه روماني الجنسية.
كما كان الانتماء على أساس الجنس سائد في الإمبراطورية اليونانية.
و نتيجة لهجرة الشعوب و اختلاط الدماء بين أفرادها بدأت فكرة الانتماء على أساس الجنس في الإنتشار.
و لكنها عادت للظهور مرة أخرى و لقيت رواجا خلال القرنين 18 و 19 عشر خاصة على يد الفلاسفة الألمان، حيث اعتبروا أن الجنس أهم مقومات للأمة و معيار لتقييم البشر، و قد صاحب ذلك تجميد للجنس ـ و ضرورة سيادته في العالم، وقد أعقب هذه الفلسفة العنصرية كوارث و اضطرابات عانت منها البشرية خلال ح.ع.2 و قد اتخذ من فكرة الجنس معيار لإبادة الجنس.
الخلاصة:
إذا كان الجنس من الناحية التاريخية له تأثير في تحديد الانتماء الاجتماعي لاسيما في المجتمعات القديمة المغلقة، و لكن يجب أن يكون كذلك بالنسبة للجنس في القانون المعاصر، لأنها فكرة ترتبت عنها كوارث بشرية، فهي كما يقول الفقيه نيواييه، ديناميت دولي أو آلة شيطانية لا تخلف إلا الدمار، كما أن الدعوات السياسية القائمة على الجنس طابع عدواني و تعصبي، و هي فكرة منبوذة في القوانين الدولية.
كان الدين في النظم الغربية ـ عظيم الأثر في تحقيق الوحدة النفسية بين المنتميين لديانة واحدة، بحيث نمى فيهم الشعور بالولاء الحقيقي لدولهم.
و قد كان الدين أساس قيام الدول القديمة، إذ توحدت بموجبه دويلات ما بين النهرين في دولة بابلية موحدة بظهور عبادة الإله مرخوح.
و توحدت الدولة المصرية القديمة باتحاد الجنوب مع الشمال في عهد الملك مينا، و اتخذت ديانة أوزوربيس ديانة رسمية.
و باعتناق حكام روما و أثينا الديانة المسيحية أصبحت ديانة رسمية انطوى تحت ستارها المؤمنون المسيحيون و أصبح من لا يعتنق تلك الديانة أجنبيا.
و لكن في العصر الحديث لم يكن للعقيدة الدينية النجاح كأساس الوحدة السياسية نتيجة النظرية العلمانية للدولة، لاسيما بعد اضمحلال دور الكنيسة في الشؤون الدنيوية في أوروبا.
و بعد تشكل الخريطة السياسية للعالم عقب ح.ع.2 ظهرت دول تضم ديانات في ذات الوقت كما هو الشأن في يوغوسلافيا قبل تفككها مؤخرا.
كذلك لم يمنع الدين من انفصال أقاليم عن دول تضمها ديانة واحدة كما هو حال الإمبراطورية العثمانية التي استخلفت الدولة الإسلامية إسميا.
حيث تفككت إلى عدة دول بموجب معاهدة لوزان 1923م
و إذا كان لا يوجد في القانون المعاصر أي دولة تبني جنسيتها على الدين، إلا أن إسرائيل تشكل حالة شاذة، و استثناء على تلك القاعدة، فقد جعلت الرابطة بين اليهود ـ مختصة و ليست رابطة قومية و لو اختلفت ألسنتهم و ألوانهم و مواطن إقامتهم.
و قد نص قانون العودة رقم 57ـ10 المؤرخ في 07/06/1950 في مادته الأولى من قانون الجنسية الإسرائيلية رقم 57ـ12 لسنة 1952 على أن كل مهاجر في مفهوم قانون العودة لسنة 1950 يعد إسرائيليا.
و أن الجنسية الإسرائيليةـ لكل شخص جاء على البلاد كمهاجر قبل إنشاء الدولة، و لكل شخص يجيء مهاجر إلى إسرائيل بعد إنشائها.
و عليه فإن للدين دور هام في تأسيس الجنسية الإسرائيلية.
أما في الوقت الحالي، لم يعد للجنس أو الدين أساس بناء الجنسية إذ أصبحت على أساس الدم أو الإقليم و هي الجنسية الأصلية و على أساس الكسب و هي الجنسية المكتسبة.