تفصيل

  • الصفحات : 126 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2024،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الأولى ،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-716-8.

المقدمة

تعد الصفقات العمومية الأداة القانونية التي وضعها المشرع في يد السلطة العامة لإنجاز العمليات المالية المتعلقة بإنجاز وتسيير وتجهيز المرافق العامة، كما تعتبر من أهم المواضيع التي شغلت حيزا واسعا من اهتمام رجال القانون والإدارة والاقتصاد، لما تكتسي من أهمية بالغة، بحيث تصنفها الإدارة العامة ضمن الاعمال التعاقدية التي بها يتم تنفيذ البرامج التنموية كما تعتبر من أهم أوجه إنفاق المال العام.

وسعيا لعصرنة الدولة وانتقالها من متدخلة إلى ضابطة ومن أجل بناء ومد جسور الثقة بين الإدارة والمواطن، فقد تم إحداث عدة تعديلات سيما منها المتعلقة بنشر الديمقراطية التشاركية المحلية مع تكريس الاستقلالية المالية والأولويات في إنفاق المال العام، فقد عمدت الجزائر على تشجيع بناء اقتصاد متنوع يثمن قدرات البلد الطبيعية والبشرية، والقضاء على الفساد والتبذير، وتعميق الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية بإرساء مؤسسات اقتصادية أكثر شفافية في انفاق الأموال العامة ومن ثم تعزيز دولة الحق والقانون.

ونظرا لأهمية المال العام في الدولة باعتبار أن الصفقات العمومية هي القناة الأساسية والمهمة لصرف المال العام، تحرص كل النصوص التشريعية التي تنظم الصفقات العمومية إلى إرساء مبادئ الشفافية والمنافسة في إبرامها، وتوفير حماية فعالة للمال العام، ولهذا كان من الضروري تجسيد مقتضيات الحكم الراشد لحمايته، والذي يمثل أحد أهم متطلبات تحقيق التنمية، في جميع المجتمعات والدول النامية التي أصبحت بحاجة ماسة لإحداث إصلاحات عديدة في بنيتها السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، والإدارية بغية تحقيق حاجات المواطنين الأساسية[1].

كما يعتبر تنظيم الصفقات العمومية من أكثر التنظيمات إرتباطا بالواقع السياسي والاقتصادي للبلاد، بدليل أنه عرف الكثير من التطورات على حسب التغيرات التي كانت تعرفها البلاد[2]، حيث صدر أول نص أساسي سنة 1967 المتمثل في الأمر رقم (67/90)[3]، ولقد كان هذا التشريع مستوحى بصفة كبيرة من التشريع الفرنسي مع بعض الخصوصيات نتيجة إنتهاج البلاد للنظام الإشتراكي، وقد صدر بعد ذلك الأمر(74/9)[4] المتضمن مراجعة قانون الصفقات العمومية، والذي لم يختلف كثيرا عن سابقه في تنظيمها مع إضافة عقود التجهيز للمؤسسات العمومية.

بعدها دخلت الصفقات العمومية مرحلة جديدة وهي مرحلة قانون صفقات المتعامل العمومي بصدور المرسوم رقم (82/145)[5] حيث أطلق على الصفقات العمومية تسمية جديدة هي صفقات المتعامل العمومية، ولقد صدرت بعده الكثير من النصوص التنظيمية في مجال الصفقات العمومية نذكر منها المرسوم (91/434)[6] الذي ألغي بالمرسوم الرئاسي رقم (02/250)[7] والذي ألغي بدوره بالمرسوم الرئاسي رقم (10/236)[8] الملغى بالمرسوم الرئاسي (15/247)[9] المتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام، الذي صدر في ظل الأزمة المالية، وإنخفاض أسعار المحروقات، مما أدى بالسلطات العمومية للسعي الحثيث في إحداث التغيرات اللازمة للمنظومة التشريعية في ميدان الصفقات العمومية.

ان هذا المرسوم الاخير، يعتبر ثمرة إجتهاد للمشرع الجزائري لما يحمله من خصوصية في تنظيم الصفقات وقفزة نوعية من حيث التنظيم والرقابة، فقد جاء يحمل في طياته الكثير من الجديد خاصة ما تعلق بطرق الإبرام والرقابة وسلطة ضبط الصفقات العمومية والإجراءات المكيفة …إلخ.

كما أنه جاء بأحكام وقواعد مخالفة للنصوص السابقة، حين جمع بين عقدين مهمين في الإستثمار العمومي، ويتعلق الامر بعقود تفويضات المرفق العام الذي جاء متصلا بالصفقات العمومية ضمن قانونا واحدا، حيث عرف هذا الجمع  الكثير من الإنتقاد، رغم أن ما يجمعهما أكثر مما يفرقهما.

و بهذا يعتبر المرسوم الرئاسي رقم (15/247) أول تشريع عام في الجزائر يعرف عقود تفويض المرفق العام و يحدد أنواعها، بالرغم من الإختصار الشديد وما يعتريه من نقص إلا أنه يعد خطوة إيجابية لتوحيد النظم القانونية المتعلقة بالمرفق العام، وقد نظمها المشرع لتعلقها بالمال العام والأملاك الوطنية، كما تعد الحل الأمثل والأنجع في إدخال الخواص كطرف فعال في التنمية والإستثمار العمومي، وهذا لا يكون إلا من خلال عقود التفويض .

وبغية معرفة الجديد الذي أتى به المشرع الجزائري في هذا المرسوم فإن الإشكالية الرئيسية لهذه الدراسة تتمل فيمايلي:

  • هل واكب المشرع الجزائري من خلال التشريعات المتلاحقة الخاصة بالصفقات العمومية التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها الجزائر؟ وما هي الآليات التي أقرها لرقابة الصفقات العمومية في ظل أحكام المرسوم الرئاسي رقم 15/247 ؟

وقد اتبعنا في دراستنا هذه المنهج الوصفي التحليلي، بحيث يفرض نفسه فيها، فهو يقوم على التحليل والوصف الكمي والموضوعي للموضوع، قصد شرحه وتوضيحه للكشف عن حسناته وعيوبه ونقائصه، مع أنه المناسب لتحليل الاحكام والقواعد القانونية، التي تضمنها قانون الصفقات العمومية. وللإجابة على الإشكالية المطروحة، سنتناول ضمن هذه الدراسة الفصول التالية:

  • الفصل الأول: ماهية الصفقات العمومية
  • الفصل الثاني: ابرام وتنفيذ الصفقات العمومية
  • الفصل الثالث: الرقابة على إبرام وتنفيذ الصفقات العمومية

 

[1] – الكر محمد، الحكم الراشد وإصلاح الإدارة المحلية بين المعوقات والمتطلبات، كلية الحقوق والعلوم السياسية، مجلة البحوث السياسية والإدارية، العدد 2، جامعة زيان عاشور، الجلفة، ص 40-56.

[2] – خضري حمزة، منازعات الصفقات العمومية في التشريع الجزائري، رسالة ماجستير في القانون العام، كلية الحقوق والعلوم السياسية،جامعة محمد خيضر بسكرة ، ص 05 .

[3] – الأمر رقم (67/90) المؤرخ في 17جوان 1967 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية، ج.ر لسنة 1967، عدد 52.

[4] – الأمر (74/9) المؤرخ في 30 يناير1974 المتضمن مراجعة قانون الصفقات العمومية، ج.ر سنة 1974،عدد 13.

[5] – المرسوم رقم (82/145) المؤرخ في 10 أفريل 1982 يتضمن قانون الصفقات العمومية، ج.ر سنة 1982،عدد 15.

[6] – المرسوم (91/434) المؤرخ في 09 نوفمبر 1991 يتضمن قانون الصفقات العمومية، ج.ر سنة 1991،عدد 57.

[7] – المرسوم الرئاسي (02/250) المؤرخ في 24 جويلية 2002 يتضمن قانون الصفقات العمومية، ج.ر سنة 2002،عدد 52.

[8]– المرسوم الرئاسي (10/236) المؤرخ في 07 أكتوبر 2010 يتضمن تنظيم الصفقات العمومية، ج.ر سنة 2010،عدد 58.

[9]– المرسوم الرئاسي (15/247) المؤرخ في 16 سبتمبر 2015، المتضمن تنظيم الصفقات العمومية و تفويضات المرفق العام،ج.ر سنة 2015، عدد 50 .