يعد الفساد واحدة من أهم المشكلات التي تواجه المجتمعات على مر العصور، وإن كانت تختلف في حدتها ومسمياتها عبر الأزمان ومن مجتمع لآخر، إلا أن آثارها تبقى مدمرة على الاقتصاد والمجتمع وحتى السياسة.

ولعل ما أدى إلى الاهتمام بدراسة ظاهرة الفساد الإداري والمالي هو زيادة حدتها تزامنا مع ظهور العديد من الأزمات الاقتصادية التي مست العديد من دول العالم. حيث كانت تداعيات ذلك انهيار العديد من اقتصاديات الدول الذي تبعه تفاقم المشكلات الاجتماعية والتي ألقت بظلالها على المشهد السياسي. هذا الأخير الذي اعتبره البعض من أهم مسببات الفساد الإداري والمالي، حيث أن معظم الحكومات وخصوصا منها في الدول النامية تعرف انتشارا كبيرا لهذه الظاهرة في الأوساط السياسية بها. كل هذه العوامل قوضت من قدرت الدول في مكافحة الفساد وتأذت منه بشدة المجتمعات وعلى وجه الخصوص النامية منها، نظرًا لعدم قدرة أنظمتها –السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية على استيعابها واستيعاب آثارها المدمرة. مما أدى إلى ضرورة البحث لإيجاد الحلول الناجعة للحد من هذه الظاهرة ومنع انتشارها وتفاقمها فقد تعالت الصيحات بضرورة مكافحة الفساد على المستويين المحلي والدولي، وظهرت منظمات حكومية وغير حكومية عديدة حملت على عاتقها محاربة الفساد أينما وجد وبأي شكل كان. كان نتيجة هذا المجهود الدولي والمحلي بروز تجارب ناجحة أثبتت للعالم أن الإرادة السياسية والتلاحم المجتمعي والثقافة العالية كفلاء بالحد من الفساد والتقليل من تداعياته.

من خلال ما سبق فإن هذه المطبوعة سوف تساعد الطالب بشكل مبسط ومنهجي بالتعرف على مختلف المفاهيم المتعلقة بالفساد الإداري والمالي، بالإضافة إلى ذلك تمكنه هذه المطبوعة من الاطلاع على مختلف أصناف ومظاهر ومسببات الفساد الادري والمالي مع تسليط الضوء على الآثار المدمرة لها، في الأخير تم إبراز مختلف الجهود الدولية والمحلية لمحاربة الفساد الإداري والمالي مع التطرق إلى أهم سبل العلاج والتجارب الناجحة للحد من الفساد.