تفصيل

  • الصفحات : 79 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2022،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-242-2.

ارتبط مفهوم التصوف عند الكثيرين بالزهد والانقطاع للعبادة وترك ما له علاقة بملذات الحياة والاستمتاع بها، وهو تصور مجانب لِكُنْهِ الحقيقة لأن التصوف كان عبر تطوره الزمني مضطلعا بدور سياسي وعمق رؤيوي ومشروع بأبعاد تنموية وسياسية واجتماعية… بل كان حاملا همَّ وحدة الأمة والدفاع عن حماها ومواجهة ما من شأنه تهديد كيانها. وقد ساعده في الإتسام بهذه المقومات مجموعة من العوامل منها خصوصيته الجغرافية والبعد عن بؤر الخلافات والصراعات الفكرية التي مكنته من التفرغ إلى الاِهتمام بما هو عملي علمي.

ونعتبر هذه الدراسة مدخلا مغايرا للسائد في دراسة تيمة التصوف إذ يسعى الكتاب مقاربة خصوصية التصوف المغربي كتراث له أصوله وثوابته وامتداداته، ومحاولة كشف منطلقاته المتسمة بالوسطية والاعتدال، ودوره في استثباب الأمن الروحي والفكري ومدى مساهمته في البناء الاقتصادي، وتربية الذوق الفني والإبداعي، وهي دعوة ضمنية إلى ضرورة تجديد منهج التعامل مع الحقل الصوفي المستمد من مشاربه الصافية وإخراجه من قوقعة الأدلجة وطرحه إلى محك النقد الموضوعي المحايد نسبيا لأن كل المناهج النقدية تنطلق من خلفيات إديولوجية ومدونه مفاهمية جاهزة. كما ننبه في مدخل هذا الكتاب إلى خطورة الصنيع الإستشراقي الذي مُورس على الخطاب الديني (والتصوف فرع منه) بقراءة متجمدة معزولة عن السياقين الاجتماعي والتاريخي وهو ما مهد الطريق لإدخال التصوف إلى دائرة الخرافة وحصره في الكرامات وبناء خطاب التهويل العجائبي.

ونطمح في الكتاب إلى الإجابة على إشكالية مفادها:

ما هي خصوصية التصوف المغربي؟ كيف استطاع التفكير الصوفي صيانة الهوية والخصوصية المغربية؟ إلى أي حد يمكنه المساهمة في بلورة مشروع تنموي بأبعاد اقتصادية؟ وما حدود المساهمة في التربية الفنية؟

وننطلق في الدراسة العلمية من فرضية:

التفكير الصوفي المغربي تأسس على الانخراط في الحياة الاجتماعية وتحريض الأتباع على إعمار الأرض وما يقتضي ذلك من شروط وأشراط.

ونحن نؤطر هذه الفرضية ونجيب على الإشكالية المؤسِّسة لها نرى أن الكتاب لم يدخر جهدا في استجلاء دور الفكر الصوفي المغربي، واستدعائه كقوة تجمع بين التنظير والممارسة العلمية للمساهمة في تأطير الحياة اليومية للفرد/المجتمع، ويكون-أي التصوف- حافزا ومحرضا على “الإعمار” الذي هو مقصد من مقاصد إيجاد الإنسان على الأرض. وقد تبنينا في سيرورة نسج الكتاب وتقلب فصوله العلاقة الصميمية بين التزكيتين الروحية والعملية. فجاء التصوف بناء على ذلك بتصورات متشعبة الميادين تستغرق الوجود الإبداعي والتنموي والأمني… ناهيك عن الأبعاد العرفانية بعمق الكرامات والغرائبي…

إن الانطلاق من محورية الموضوع بإشكاله وفرضيته الكبرى وجزئياتها الفرعية منحت الكتاب تصورا من أربعة فصول جاءت كالآتي:

 الفصل الأول

  • التأويل الرمزي للكرامة الصوفية
  • رؤيا الإشراق في الشعر المغربي المعاصر

 

الفصل الثاني

  • الفكر الصوفي المغربي وسؤال التنمية.
  • أثر الممارسة الصوفية في بناء الأمن الروحي والديبلوماسية الموازية.

إن المؤَلف بفصوله ومباحثه وتعدد مجالات اشتغاله لا يعفي كاتبه من المساءلة المنهجية والعلمية بخصوص ضرورة توسيع أفق بل آفاق البحث لننا أسلفنا أن الحقل الصوفي صميمُ الارتباط بعدد من الفنون والحقول، وهو قوة فاعلة تستوجب العمل على استجلاء طريقة اشتغاله ونسقية تفاعله.