تفصيل

  • الصفحات : 167 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2019،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الاولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-728-03-0.

يعتبر الخطاب الصوفي في اللغة و الأدب العربي من أرقى أشكـــــال الكتابة و الإبداع رغم قلته مقابل الأنواع الأخرى التي يكتب فيها الأدباء ، و يجدون فيها فضاء صالحا لبث نزعاتهم المختلفة و أفكارهم في الحياة .

و الذين عنوا بدراسة هذا النوع من الكتابة ، يعلمون علم اليقين عمق هذه التجربة الروحانية ، و أنها مزج بين الفلسفة الفردية و الجماعية و الرمز و المذهب الفكري على صعيد المضمون ، مما يجعل الشكل دائما بالنسبة لأدباء التصوف عائقا أمام تجربتهم الروحية و العقلية الفريدة ، و لذلك اختص خطابهم بخصائص لا تعهد في غيره من الكتابات الأخرى .

و هؤلاء المتصوفة طبقة من الناس ، لم يسعفها الحظ من الدنيا ، أو لم تكن الدنيا عندهم وعاء كافيا للتراكم الروحي الذي استشعروه ، فلجأوا على كل حال إلى التصوف ، و الخلود إلى الذات الإلهية بخصوصية لهم لا يطيق فك ألغازها أكثر الناس .

و من هؤلاء في تاريخ الفكر العربية الإسلامي : أبو حيان التوحيدي الأديب المعروف ، الذي تصوف في آخر أيامه ، و خالط بعض كبـــار الصوفية في عصره و لازهم حتى غدا أحد أقطابهم ، و لقد دفعه إلى ذلك قلة التوفيق ، و انصراف الرفيق ، و الهوان على الناس ، و العيش بين اليأس و البأس ، و التكفف عند العامة و الخاصة من اهل زمانه ، رغم علمه و ثقافته الواسعة التي كان يتمتع بهما .

فلجأ إلى حياة روحية صرفة ، و اختبأ حيث لا يراه الخلق ، و تستر من عواصف الظلم و التسلط ، و صب جام غضبه على كتبه فأحرقها سخطا على الناس و انتقاما منهم ، فحفظ لنا الزمان شيئا قليلا منها مما كان عند بعض أصحابه ، كانت هي سبب ارتفاع شانه بعد موته و بقاء ذكره في جملة المفكرين و الأدباء العرب الكبار .

و كان من تلك الكتب ما كتبه في آخر أيامه ، و اول عهده الفعلي مع التصوف ، كتاب الإشارات الإلهية و الأنفاس الروحانية الذي لخص فيه تجربته الصوفية الصادقة و أبان فيه عن اقتدار أدبي و بعد سلوكي و أخلاقي رفيعين ، في سلسلة مناجيات رائعة ، رسمها في مجموعة رسائل مختلفة تارة إلى الذات الإلهية و تارة للرفيق الصاحب و تارة للمريد المبتدئ .

هذا البحث الذي نقدمه للقارئ هو محاولة لتحليل لغة نماذج من هذه الرسائل في شكلها ،و قد حاولنا فيه تفعيل كثير من آليات تحليل الخطاب في مستواه الشكلي بمختلف تجلياته اللفظية و السياقية و البلاغية و الأسلوبية ، في نموذج راق جدا يتمثل في التجربة الأدبية الصوفية لأبي حيــــــــان التوحيدي ، الملقب بفيلسوف الأدبـــــاء و أديب الفلاسفة ، نرجو أن تكون مفيدة للمهتمين بدراسة الأدب الصوفي