تفصيل

  • الصفحات : 176 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2024،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الأولى ،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-781-6.

مقدمة:

لقد أدت الفضائح المالية في السنوات الأخيرة  إلى إفلاس العديد من الشركات العالمية الكبرى، بدءا من شركة أنرون الأمريكية العملاقة في الطاقة سنة 2002، وشركة آرثر أندرسون المختصة في المحاسبة والتدقيق سنة 2004، ووصولا إلى توشيبا اليابانية سنة 2005. وخلصت دراسة الجهات المعنية على المستوى الوطني والدولي إلى الأسباب الرئيسية، والتي كانت ترتبط بشكل كبير بالجوانب المحاسبية والتدقيقية. حدث كل هذا نتيجة لانفصال الملكية عن الإدارة، والمشاكل التي تنشأ نتيجة تعارض المصالح بين أعضاء مجالس إدارة الشركات وبين المساهمين، مما أدى إلى زيادة الاهتمام والتفكير في ضرورة وجود مجموعة من القوانين واللوائح التي تعمل على حماية مصالح المساهمين والحد من التلاعب المالي والإداري، وضرورة البحث عن وسيلة لتغيير هذه الوضعية واستعادة ثقة المستثمرين من خلال تطبيق حوكمة الشركات، والتي ستمكن من إبراز سياساتها والإستراتيجيات المتبعة في عملية اتخاذ القرار.

برز مفهوم حوكمة الشركات نظرا لدوره في  تنظيم العلاقات القائمة بين مجلس الإدارة وبين مديري الفروع التنفيذيين ولجان التدقيق، وكذلك المساهمين وأصحاب المصالح في الشركات.لذا زاد الاهتمام بهذا المفهوم من طرف العديد من الهيئات الاقتصادية الدولية منها على سبيل المثال: صندوق النقد الدولي، البنك الدولي، ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية(OECD)، حيث أخذت هذه الاخيرة على عاتقها مسؤوليات إصدار وتطوير  جملة من المبادئ والقواعد التي أصبحت فيما بعد تعرف بمبادئ الحوكمة، وأول إصدار  لها كان من خلال تقرير سنة1999، بعنوان مبادئ ”حوكمة الشركات”. الذي يهدف بالدرجة الأولى إلى حماية حقوق المساهمين من التلاعبات اللااخلاقية للمسيرينوالإداريين،حماية حقوق أصحاب المصالح، تحقيق الإفصاح والشفافية في القوائم المالية للشركات،تفعيل مهامومسؤوليات مجلس الإدارة، كما تضمن هذه المبادئ الأساس القانوني اللازم لتفعيل إطار حوكمة الشركات.

 

1-الإطار المفاهيمي لحوكمة الشركات:

11–نشأة حوكمة الشركات:

تعود نشأة حوكمة الشركات إلى بداية القرن الماضي،  كنتيجة لفصل الملكية عن الإدارة فظهرت مشكلة الوكالة، قام كل من بارل ومينز عام 1932 بتناول قضية فصل الملكية عن الإدارة كما تطرقوا إلى المشاكل التي ترتبت عن هذا الفصل.[1] كون أن المديرين المعينين من قبل الملاك، يسعون إلى إرضاء حملة الأسهم بتعظيم الأرباح، بالإضافة إلى السعي وراء مكاسبهم الشخصية، هذا ما يخلق مشكلة الوكالة التي تجعل المالك هو “الموكل” والمدير هو “الوكيل” والذي من المفترض أن يعمل لحساب المالك. كما أن عدم تفرغ المساهم لمتابعة ورقابة سلوك المديرين، سوف يولد لهم فرصة باستغلال أصول الشركة لخدمة مصالحهم الذاتية على حساب هؤلاء المساهمين[2].

تطرق كل من جنسن ومكلين سنة 1976 إلى حوكمة الشركات لمحاولة إيجاد حل للمشاكل المترتبة عن فصل الملكية عن الإدارة، من خلال إعادة النظر في ترتيبات الحكم، بما في ذلك جهاز تصويت المديرين غير التنفيذيين، المساهمين، من خلال وضع مجموعة من الإجراءات والقوانين لحماية مصالح الملاك[3].

تناول العديد من الباحثين من خلال دراساتهم العلمية والعملية، والتي أكدت على ضرورة الالتزام بمبادئ حوكمة الشركات وأثرها على زيادة ثقة المستثمرين في أعضاء مجلس الإدارة.مما يؤدي إلى تشجيع جذب مستثمرين جدد سواء محليين أو أجانب، وتنمية اقتصاديات الدول، كما زاد اهتمام العديد من الدول بمفهوم حوكمة الشركات من خلال إصدار العديد من القوانين واللوائح والتعليمات التي تؤكد على ضرورة الالتزام بمبادئ حوكمة الشركات.

قامت اللجنة الوطنية والخاصة بالانحرافات في إعداد القوائم المالية سنة 1978 بإصدار تقريرها المسمى ب لجنة تريدواي،والذي يحتوي على مجموعة من التوصيات الضرورية المتعلقة بضرورة تطبيق قواعد حوكمة الشركات، وما يرتبط بها من منع حدوث الغش والتلاعب في إعداد القوائم المالية من خلال تعزيز مهنة التدقيق الخارجي والاهتمام بنظام الرقابة الداخلية، وفي عام 1999 أصدرت كل من بورصة نيويورك  والجمعية الوطنية لتجار الأوراق المالية، تقريرهما المعروف بتقرير الشريط الأزرق والذي اهتم بضرورة وجود لجان تدقيق من خلال الدور الذي تقوم به بشأن الالتزام بمبادئ الحوكمة[4].

إلى جانب مشكلة الوكالة هناك أسباب أخرى أدت إلى ظهور مصطلح الحوكمة، خاصة في فترة التسعينات، منها العولمة وما تضمنته من عولمة القيم الديمقراطية، وحقوق الإنسان، وعولمة الآليات والأفكار الاقتصادية، مما أدى إلى تفاقم دور القطاع الخاص، انتشار ظاهرة الفساد في العالم، حيث استدعى ذلك ضرورة البحث عن آليات رقابية أكثر فعالية تسمح بالسيطرة على الشركات. وبالتالي الحد من هذه الظاهرة، إضافة إلى وجود تيار ينادي بضرورة وجود الديمقراطية التي تدعو إلى الحرية الفردية،والخيار الشخصي في العمل بالسوق، حيث اتجهت العديد من الدراسات إلى المطالبة والتأكيد على ضرورة إرساء الديمقراطية، والحرية، وحقوق الإنسان من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية،وبالتالي إعطاء أهمية كبيرة لمجال المحاسبة والمالية لغرض زيادة الشافية وبالتالي تحقيق العدالة، وضمان حقوق جميع الأطراف[5].

قامت الجهات الرقابية في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 2002، بإصدار قواعد سربان-أوكسلي، كنتيجة لفضيحة شركة أنرون الأمريكية التي نتجت عن تساهل المدققين الخارجيين مع مجلس الإدارة وعدم دقة التقارير المالية الصادرة عن الشركة مما أدى إلى انهيارها[6].

قامت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بالاشتراك مع الحكومات الوطنية وغيرها من المنظمات الدولية، والقطاع الخاص. بوضع مجموعة من المبادئ والإرشادات المتعلقة بالحوكمة، إضافة إلى مجهودات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وغيرها من الأطراف المعنية بالحوكمة بإصدار مبادئ الحوكمة. عملت الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية سنة 2004 على تعديل مبادئ الحوكمة التي تم إصدارها سنة 1999[7].

مع تصاعد الأزمة المالية العالمية، قام مجلس الاتحاد الأوربي في أكتوبر 2008، بعقد اجتماع تطرق خلاله بعض السياسيين في الدول الكبرى إلى ضرورة إخضاع كل الفاعلين في الأسواق المالية للتنظيم والإشراف، وذلك من خلال اتباع نموذج منظم يعمل على توجيه وإرشاد جميع الشركات المدرجة في البورصة لغرض تفعيل حوكمة الشركات[8].

[1]-هيئة سوق رأس المال الفلسطينية، الملامح الرئيسية لحوكمة الشركات المساهمة العامة المدرجة في بورصة فلسطين، الإدارة العامة للدراسات والتطوير، فلسطين، 2012، ص 10.

[2]-كينيث ا.كيم، جون نوفسنجر، ديرك ج.موهر،ترجمة محمد عبد الفتاح العشماوي، غريب جير غنام،حوكمة الشركة الأطراف الراصدة والمشاركة، دار المريخ للنشر، الرياض، المملكة العربية السعودية، 2010، ص 27.

[3]-Kevin keasey, stevethompson, mike wright, corporate governance, john wiley 8sons ltd,england,2005,p 02.

[4]-محمد مصطفى سليمان، دور حوكمة الشركات في معالجة الفساد المالي والإداري، الطبعة الثانية، الدار الجامعية، الإسكندرية، مصر، 2009، ص ص 15-16.

[5]-مدحت محمد أبو النصر، الحوكمة الرشيدة فن إدارة المؤسسات عالية الجودة، الطبعة الأولى، المجموعة العربية للتدريب والنشر، الإسكندرية،مصر، 2015، ص ص 42-43.

[6]-مركز أبو ظبي للحوكمة، أساسيات الحوكمة، سلسلة النشرات التثقيفية لمركز أبو ظبي للحوكمة، الامارات العربية المتحدة، ص06.

[7]-عدنان قباجة، مهند حامد، إبراهيم الشقافي، تعزيز حوكمة الشركات في فلسطين، معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس)،فلسطين، 2008، ص ص 13-14.

[8]-العابدي دلال، حوكمة الشركات ودورها في تحقيق جودة المعلومة المحاسبية -دراسة حالة شركة أليانس للتأمينات-، أطروحة دكتوراه ل.م.د في العلوم التجارية، جامعة محمد خيضر، بسكرة، 2015-2016، ص 13 .