تفصيل

  • الصفحات : 178 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2023،
  • الغلاف : غلاف مقوى ،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-112-8.

احتلت فرنسا الجزائر عام 1830 واتبعت سياسة حاولت من خلالها ترسيخ سيطرتها على البلاد فأصدرت مجموعة من القوانين تهدف من وراءها الى جعل الجزائر جزءاً من الاراضي الفرنسية، وقد اظهر الشعب الجزائري رفضه لتلك السياسة وانتفض عليها مراراً وادى ذلك الى نمو وتطور الحركة الوطنية، فظهرت عدة تنظيمات ثقافية وسياسية متباينة، الا انها تعد اكثر تنظيماً من المرحلة التي سبقتها في التعبير عن اراء الشعب الجزائري وطموحاته، وقد واجهت فرنسا مطالب الحركة الوطنية باتباع سياسة متشددة وهذا ما اكد للوطنيين الجزائريين عدم جدوى العمل السياسي في ظل تلك الظروف لذلك قرروا تبني اسلوب الكفاح المسلح ومما شجعهم على ذلك التغيرات التي طرأت على الوضع الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، ومن ابرزها تراجع القوى الاستعمارية ولاسيما فرنسا وتنامي الشعور الوطني والقومي في العديد من البلدان الاسيوية والافريقية وحصول البعض منها على الاستقلال.

تعد مجزرة 8 أيار سنة 1945، في مدينتي سطيف وقسنطينة التي ارتكبتها السلطات الفرنسية في الجزائر والأعمال الإجرامية التي قام بها المستوطنون بالتحالف مع السلطات الفرنسية نقطة تحول في تاريخ الحركة الوطنية في الجزائر، إذ أدرك الشعب العربي في الجزائر أن النضال السلبي لا يجدي نفعا مع فرنسا والمستوطنين، وانه لابد من الكفاح المسلح للوقوف بوجه الاحتلال الفرنسي.

استطاعت الجزائر إن تترك أثراً واضحاً ليس على الشعب الجزائري فحسب وإنما في المنطقة العربية بأسرها لأن قضيتها عُدت حركة وطنية ومن أكثر القضايا العربية أهمية في القرن  العشرين، فكان اندلاع الثورة الجزائرية التحررية الكبرى هو الاختيار الصحيح الذي فرضه الشعب الجزائري على السلطات الاستعمارية ألفرنسية، فالجزائر أحدى البلدان العربية التي خضعت للاستعمار الفرنسي واعلنت المقاومة ضده فاستطاعت من الصمود بوجه العدوان ألفرنسي ما يقرب من 132 عاماً.

وفي المقابل فان الحركة الوطنية الجزائرية عقدت آمالها على اهتمام الدول العربية والاجنبية بقضيتها، وعقدت الآمال على المحافل العربية والدولية مثل الجامعة العربية وهيئة الامم المتحدة بداية عهد جديد لتحريرهم واتحادهم مع باقي الدول العربية، واسهمت الجهود العربية في توحيد صفوف الحركة الوطنية الجزائرية التي نجحت بتشكيل جبهة التحرير الوطنية الجزائرية في 10 تشرين الاول 1954 التي قررت اعلان الثورة في 1 تشرين الثاني، لاسيما ان علامات الضعف بدأت تظهر على فرنسا بعد هزيمتها في الهند الصينية وتصاعد العمليات المسلحة في تونس والمغرب الاقصى.

وقد ادرك قادة الحركة الوطنية في الجزائر أهمية الرأي العام العربي والعالمي بالنسبة لقضيتهم وضرورة كسبه الى جانبهم آملين في مساندته لهم في تحرير بلادهم من السيطرة الفرنسية ونيل الاستقلال. مما دفع بالوطنيين الجزائريين الى مناشدة الجامعة العربية والدول الاجنبية من اجل ايصال صوتهم الى العالم والامم المتحدة لنيل حقوقهم المشروعة في الحرية والاستقلال، لذلك اخذت الجامعة العربية على عاتقها التعريف بالقضية الجزائرية وايصالها الى اروقة الامم المتحدة. وفي نهاية المطاف استطاعت جبهة التحرير الوطني الجزائرية بثورتها وجهودها المتواصلة مع الدول العربية والاجنبية من تحقيق أمال الشعب الجزائري في الحرية والاستقلال التي ظل يحلم بها طوال قرن وربع القرن من لاستعمار الفرنسي الذي خيم طويلاً على لجزائر منذ عام 1830 ولغاية منتصف عام 1962.

يتضمن الكتاب أبحاثاً اكاديمية تناولت فترة تاريخية مهمة في تاريخ الجزائر المعاصر، امتدت من عام 1945 وهو اقدام سلطات الاستعمار الفرنسية على القيام بمذبحة عظيمة بحق الفرنسيين في مدينة سطيف فضلاً عن افتعال المزيد من جرائم الابادة الجماعية لا سيما اجراء التجارب النووية في الصحراء والمدن الجزائرية والتي كان لها تأثيراتها السلبية على الجزائريين،  وحتى حصول الجزائر على الاستقلال التام عام 1962.

تم تقسيم الكتاب الى أربعة فصول رئيسة، فقد تناول الفصل الاول موضوع: ( جرائم الإبادة الجماعية في الفكر الاستعماري الفرنسي حيال الجزائر 1945-1962)، إذ تضمن عرضاً تاريخياً حول الاساليب العنيفة التي اتبعتها السياسة الفرنسية في الجزائر. في حين تضمن الفصل الثاني موضوع: (موقف سوريا الرسمي والشعبي من الثورة الجزائرية 1954-1962)، إذ تضمن الموقف الايجابي الذي تبنته سوريا حكومة وشعباً تجاه الثورة الجزائرية عن طريق الجامعة العربية والامم المتحدة وفتح مكاتب لقادة الحركة الوطنية الجزائرية في دمشق. أما الفصل الثالث فقد جاء بعنوان: (المملكة العربية السعودية وتطورات الثورة الجزائرية 1954-1962)، وتضمن الدور السياسي الذي أدته المملكة العربية السعودية في دعم القضية الجزائرية عن طريق الجامعة العربية والامم المتحدة، فضلاً عن تقديم الدعم المالي للحركة الوطنية الجزائرية واستقبال قادتها لاستغلال مواسم الحج للتعريف بقضية كفاح الشعب الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي. وجاء موضوع 🙁 السياسة الامريكية تجاه الثورة الجزائرية 1954-1962)، عنواناً للفصل الرابع، وتناول الموقف السلبي الذي تبنته الادارة الامريكية من قيام الثورة الجزائرية وتقديم كافة أشكال الدعم السياسي والعسكري لفرنسا في حربها ضد الجزائريين، لكن بسبب الظروف الدولية والاقليمية بعد عام 1958 اتجهت الولايات المتحدة الى تغيير سياستها المؤيدة لفرنسا والضغط عليها من أجل انهاء الاستعمار الفرنسي وتبني مبدأ منح الاستقلال التام للجزائر بعد 132 عاماً من الاحتلال المباشر.

اعتمد الكتاب على مصادر منوعة أسهمت الى حد كبير في رفده بمعلومات في غاية الاهمية، منها ملفات البلاط الملكي العراقي الموجودة في دار الكتب والوثائق في بغداد، إذ ساهمت المفوضيات والسفارات العراقية في الدول العربية بتغطية تطورات الثورة الجزائرية بشكل كبير. فضلاً عن محاضر جلسات الجامعة العربية ومجلس النواب السوري. كما أفاد الكتاب من الوثائق الامريكية المنشورة تحت عنوان: وثائق العلاقات الخارجية الامريكية (Foreign Relations of the United States)، التي تناولت بشكل دقيق الموقف الدبلوماسي للولايات المتحدة الامريكية حيال القضية الجزائرية والدعم الامريكي لفرنسا في حربها في الجزائر. فضلاً عن الكتب والابحاث العلمية والجرائد، قدمت في مجملها معلومات مهمة عن تطورات الثورة الجزائرية والمواقف العربية والاجنبية منها أثناء المدة 1954-1962.