تفصيل

  • الصفحات : 230 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2022،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،

ظهر العصر الحديث كحلقة متممة لباقي العصور الأدبية التي سبقته، غير أنه كان على وجهين، الأول منهما سجل ثورته على أدب عصر الانحطاط معربا عن قطيعة معه على مستوى الدلالي، والقيمي، والأدبية. أما الوجه الثاني فقد كان انبثاقة مشرقة من عباءة التراثي والأنموذج الغربي، مؤملا في تأصيل كينونة الخطاب الأدبي الحديث في المشرق العربي، ومغربه، وبلاد المهجر.

قامت هذه العملية من خلال إحداث خلخلة في أنساق الحركة الشعرية والنثرية على حد سواء، في الوقت الذي عملت فيه عملية التأسيس لكينونة الخطاب الأدبي على عدم تجاهل مجموع الأسيقة المخصوصة بمرحلة العصر الحديث وأهمها النهضة العربية الحديثة، فقد باتت هذه الأخيرة نسقا منظما لتطعيم الحركة الشعرية والنثرية وذلك من خلال ما وفرته من آليات نهضوية تُلُمِّس تفعيل أثرها على جسد النص الشعري والنثري الحديث، ومن ذلك إعادة الاستثمار في البنية الموسيقية على صعيد المسرحية الشعرية، انبجاس المغاير أدبيا على صعيد ما يطلق عليه بالأجناس الأدبية من قصة، ورواية، أما على مستوى البنية اللغوية فقد أثبت تحرير الأسلوب الأدبي من السجعة والاحتكام إلى ذوق العصر، ..إلخ.

في ظل ما سيق، سجل ميلاد الخطاب الأدبي الإحيائي والتجديدي على صعيد المنجز الشعري، وكذا بالنسبة للمشهد النثري في ظل سياسة التعايش مع المرجعية العربية أوالغربية على الخيار، وبهذا الميلاد تم إعادة سلطة النص الأدبي الحديث بحمولته الدلالية، والقيمية، والشعرية، والجمالية، مع الأخذ في الحسبان إرضاء ذائقة التلقي العربي في العصر الحديث وذلك بعد حرمان، وبحسب مقتضى العصر والحاجة.

هذا وغيره هو ما ستفصل فيه أوراق هذه المطبوعة الموسومة ب: “محاضرات في النص الأدبي الحديث”، وذلك انطلاقا من مفرادت عددها أربع عشرة مفردة، مخصوص بها السنة الثانية جذع مشترك، السداسي الثالث، كما أن المطبوعة استثمرت أفضيتها لتقديم إجابات عن أهم الأسئلة المتعلقة بمسارات النص الأدبي الحديث، وهي:

– ما هو مفهوم العصر الحديث؟ وماهي المسميات التي اقترحت له؟ ومن أين يبدأ وأين ينتهي؟

– كيف هو حال الحركة الأدبية لأيام ماقبليات العصر الحديث، وتحديدا مرحلة عصر الانحطاط؟

– ما هي العوامل المحفزة على النهضة العربية الحديثة؟ وما هي الآليات النهضوية المفعلة لهذه الغاية؟

– ما هي البدائل البانية للخطابات الشعرية والنثرية الحديثة في ظل الاحتكام إلى المرجعية العربية والغربية؟

– إذا كان هناك إنتاج أدبي إحيائي وقد توزع بين المشرقي والمغربي، والتجديدي سلك المسلك عينه، فما هي خصائص الخطابات التجديدية والإحيائية في ظل الخصوصية المشرقية والمغربية في الأغلب الأعم؟

تغيت هذه المحاضرات أهدافا منها:

– تحديد مفاهيم مفردات المطبوعة من مضانها الأصلية لغة واصطلاحا، وذلك بالعودة إلى لسان العرب لثراء المادة اللغوية فيه، ومجموع المعاجم والموسوعات المتخصصة تحديدا النقدية والأدبية منها.

– تعميق المعارف من خلال التوسع في الأسباب الباعثة على وجود كل مفردة، فضلا عن نشأة كل واحدة مع التفصيل في أهم مراحل تلك النشأة، وأبرز خصائصها التي طبعت بها.

– ربط المعارف القبلية للطالب بالمكتسبات المعرفية الجديدة، في ظل التفصيل والتوسع والتعمق كلما اضطرت الحاجة المعرفية لذلك.

– استثمار المعارف النظرية للمحاضرة في الحصة التطبيقية، تحديدا في باب مقاربة النصوص الشعرية والنثرية الحديثة، وذلك بتمثل خصائص كل مفردة عند قراءة النسيج النصي الحديث.

ويبقى المنهج الوصفي الأنسب لرسم الحدود المعرفية وبشكل تقريبي لكل مفردة من مفردات المطبوعة.

تنشطر هذه المفرادت إلى قسمين رئيسين، الأول منهما يمثله قسم الشعر وقد انفرد بالمحاضرات السبع الأولى، أما الثاني فيمثله قسم النثر، وانطلق التعداد فيه من المحاضرة الثامنة متمما احتواء باقي المحاضرات، وهي مبيّنة على النحو الآتي:

1-المحاضرة الأولى: عنوانها الإحياء الشعري في المشرق، وهي تمثل الجزء الأول من المحاضرة، تضمنت المادة المعرفية منطلقات تفريشية للحركة الإحيائية المشرقية، شاملة تحديدات أولية عن العصر الحديث من حيث البداية والنهاية الزمنية للعصر الحديث، كما ضمت مفهوم الإحيائية لغة واصطلاحا، وأهم المسميات التي أطلقها النقاد والدارسون على الإحيائية، بعد هذا يتم الانتقال إلى مساءلة الإنتاجية الشعرية الإحيائية الحديثة بعد أن استطاعت تخريج خطاب شعري تنصل من مسوح خطابات عصر الضعف، في الوقت الذي تمكنت فيه الإحيائية من مأسسة أنموذجها الشعري وهو يحي الأنموذج التراثي على عديد مستويات، تمثلت تلك المأسسة في هيكلة القصيدة، والأغراض الشعرية ومعانيها.

2- المحاضرة الثانية: تناولت الإحياء الشعري في المشرق، وهي تمثل الجزء الثاني من المحاضرة الأولى، وتم فيها استكمال العملية التأسيسية إحياء للنص الشعري الحديث ولكن هذه المرة على مستوى الصورة الشعرية، والبنية اللغوية، وأخيرا البنية الموسيقية.

3- المحاضرة الثالثة: عنوانها الإحياء الشعري في المغرب العربي، وقد عرجت على مفاهيم أولية تحدد عبرها المغرب العربي في العصر الحديث جغرافيا وزمنيا، ثم تلته ذكر بواعث الحركة الشعرية المغربية في العصر الحديث والقائمة على طبيعة الأسرة المغربية، الاستعمار، مد وصال التواشج مع المشرق، وبعدها تم الانتقال للحديث عن طبيعة الحركة الشعرية قبل العصر الحديث ثم مستويات الإحياء في الخطاب الشعري الحديث.

4- المحاضرة الرابعة: وتضم التجديد الشعري في المشرق وهي تمثل الجزء الأول، وفيه تم التفصل في البدائل التجديدية على مستوى الخطاب الشعري المشرقي، وقد انبجست منه البدائل التجديدية المطرانية، والبدائل التجديدية الديوانية.

5- المحاضرة الخامسة: وهي تمثل الجزء الثاني، من محاضرة التجديد الشعري في المشرق العربي، وقد استكمل فيها ما تبقى من منطلقات تجديدية أسست لها جماعة الديوان وأخيرا تقديمات جماعة أبولو التجديدية في الخطاب الشعري الحديث.

6- المحاضرة السادسة: عنوانها التجديد الشعري في المغرب العربي، فصلت المادة المعرفية في تغير المقروئية، وحاجات العصر والاتصال بالمشرق كبواعث للتجديد الشعري المغربي، ثم التفصيل في أهم التقديمات التجديدية مع التفصيل التفريعي فيها بين كل من أبي القاسم الشابي ورمضان حمود كرائدين للحركة التجديدية.

7- المحاضرة السابعة: وهي آخر محاضرة في قسم الشعر عنوانها التجديد الشعري المهجري، وفيها الإرساليات التبشيرية، دور المهاجرين السابقين، والأوضاع العربية المتردية، ومن الرواد إلى مظاهر التجديد بين الرابطة القلمية والعصبة الأندلسية.

8- المحاضرة الثامنة: عنوانها الفنون النثرية، وفيها مفاهيم أولية عن الفنون لغة واصطلاحا، ثم تحديد البداية والنهاية الزمنية للفنون النثرية الحديثة، فضلا عن التوسع في الحركة النثرية قبل العصر الحديث، ثم عوامل النهضة العربية الحديثة مع تحديدها ثم التفصيل في آلياتها، وأخيرا الفنون النثرية من حيث الأنواع مع التفصيل في كل نوع.

9- المحاضرة التاسعة: عنوانها الفنون النثرية المقالة، تم التطرق فيها إلى مفهوم المقال لغة واصطلاحا، ثم أسباب إنتاجيته من حيث الصحافة، الأوضاع العربية، المدرسة الشآمية، وأخيرا معالجة المراحل الثلاث لنشأة، وأهم خصائص كل مرحلة وروادها.

10- المحاضرة العاشرة: عنوانها الفنون النثرية القصة، وفيها حديث عن مفهوم القصة لغة واصطلاحا، ثم أسباب نشأتها من حيث الصحافة، التأثر بالغرب، مرونة القصة، الإشباع الإجناسي، بعد هذا الانتقال إلى التفصيل في مراحل القصة، وفيها المرحلة الأولى وعملية الترجمة، ثم المرحلة الثانية والتأليف مع شهود خصوصية كل مرحلة.

11- المحاضرة الحادية عشر: الفنون النثرية الرواية، وفيها تحديد مادة روى ودلالتها اللغوية من لسان العرب ثم مفهومها اصطلاحا، ثم تحديد أسباب نشأة الرواية بين النقوش والحفريات، تشجيع الصحف، مرونة الرواية في معالجة قضايا العصر، وأخيرا مراحل نشأة الرواية مع خصائصها من الرواية المترجمة إلى الأنواع التأليفية بين التاريخية والسير ذاتية والاجتماعية وأخيرا الرواية التخييلية.

12- المحاضرة الثانية عشر: الفنون النثرية المسرحية، وفيها مفهوم المسرحية لغة واصطلاحا، ثم أسباب نشأتها من حيث تشجيع الحكام، تعاضد جهود الأدباء، أزمات الأدباء، جهود طلاب البعثات، تأسيس الفرق والنوادي المسرحية، وأخيرا مراحل نشأة المسرحية وخصائص كل مرحلة.

13- المحاضرة الثالثة عشر: الفنون النثرية أدب الرحلة، وفيها الحديث عن مفهوم أدب الرحلة لغة واصطلاحا، ثم أسباب إعادة إحياء هذا الجنس الأدبي التراثي في كل الوطن العربي إبان مرحلة العصر الحديث، وأخيرا تم الانتقال إلى نشأته وأهم الخصائص التي ميزته.

14- المحاضرة الرابعة عشر: الفنون النثرية أدب الرسائل، أولى مفاصل هذه المحاضرة هو مفهوم الرسائل لغة واصطلاحا، ثم ذكرت أسباب إحياء الرسائل في العصر الحديث، ليتم تسليط الضوء على مراحل نشأة أدب الرسائل حيث البدء بنسق السجعة ثم الانتقال إلى الأسلوب المرسل.

وفي ختام هذا الطرح، يبقى شغف هذا المنجز أن تكون تقديماته قادرة على رسم تصور معرفي واضح، ومبسط، ومتكامل عن النص الأدبي الحديث، مقيما دليله من مدونات خطاباته الشعرية والنثرية، لدى القارئ، وإذ ذاك فالحمد موصول لله المنعم توفيقا وتيسيرا للوصول إلى نهاية البحث، والله من وراء القصد.