تفصيل

  • الصفحات : 102 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2025،
  • الغلاف : مقوى،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • الأبعاد : 24*17،
  • ردمك : 978-9931-08-978-0.

تمهيد :

إن لدراسة تاريخ القانون أهمية متزايدة منذ القرن 19 و الفضل في ذلك يرجع إلى جهود المدرسة التاريخية التي ظهرت في ألمانيا منتصف ذلك القرن على يد سافنيه لقوله:” القانون ليس وليد رأي واحد أو ساعة واحدة أو يوم واحد بل وليد التاريخ و تداول الأيام و العصور ” .

فالقانون هو مجموعة القواعد القانونية الملزمة التي تنظم سلوك الفرد داخل الجماعة و يترتب على مخالفتها جزاء، و هذا الجزاء هو الذي يفرق بين القواعد القانونية و القواعد الأخرى ، إذ لا يطلق اسم القانون على القواعد التي لا تكون مصحوبة بالجزاء المقرر عند مخالفتها ، ومثال ذلك القواعد الأخلاقية و قواعد المجاملات فهي لا تدخل في نطاق القانون ولا تعتبر قواعد قانونية لأن الأفراد غير مجبورين على إتباعها وإنما يترتب على كل من يخالفها تأنيب ضمير هو احتقاره من الجميع[1] .

وعليه فإن الدراسة القانونية لا تقتصر على دراسة القانون في حاضره فحسب بل تمتد إلى ماضيه و مستقبله وهذا هو نطاق علم القانون الذي يحتوي على ثلاث أنواع من المواد :

القانون الوضعي  وهو الذي يهتم بدراسة القواعد القانونية الحاضرة و المعاصرة .

و تاريخ القانون الذي يهتم بدراسة القانون من حيث التطورات التي بها المصادر و النظم القانونية حتى وصلت إلينا بحالتها الحاضرة .

و علم التشريع الذي يهتم بدراسة القانون بالنسبة لمستقبله لتحسين الوضع الذي هو عليه اليوم[2] .

لكن نحن و ما يهمنا هو دراسة تاريخ النظم القانونية  حيث يرى بعض الباحثين أن نشأة القانون وتطوره مرت بأربع مراحل وهي :

مرحلة الإنسان الذي عاش في جماعات صغيرة متضامنة عن غيرها من الجماعات الأخرى ، وحتى تدافع عن نفسها كانت القوة هي التي تنشئ الحق و تحميه ، وهذا معناه وجود التبعية و الخضوع لرئيس القبيلة ذو السلطة المطلقة فكان الفرد المعتدي يوقع عليه العقاب طرد الجاني من الجماعة أو القصاص أو تسليمه لأهل المجني عليه .

وبتطور المجتمعات لجأ رؤساء الجماعات إلى الكهنة ورجال الدين لحل المنازعات فازدادت قوتهم حكما وإلزاما و بذلك حلت العقوبة بالتحكيم محل الانتقام الفردي[3] .

وتليها مرحلة التقاليد الدينية ففي هذه المرحلة عبد الإنسان آلهة مختلفة كالظواهر الطبيعية و الحيوانات و غيرها وكان يخشى غضبها و الكاهن هو من يتولى القيام بالشعائر الدينية و هكذا أصبحت معظم الأحكام تنسب للآلهة مما أكسبها قوة الإلزام و استمرت هذه المرحلة إلى غاية الألف الرابعة قبل الميلاد .

وبعدها مرحلة التقاليد العرفية حيث يرجع ظهور العرف إلى تطور المجتمع من النواحي الاقتصادية و السياسية و الفكرية، و العرف هو عادة درج عليها المجتمع و استمرت لفترة طويلة حتى اكتسبت صفة الإلزام.

غير أنه بعد اكتشاف الكتابة دونت المجتمعات قوانينها فانتشرت و تطورت بسرعة[4] .

وعلى العموم فالقانون كان لنشأته عوامل منها ما كان عقائدي أو اقتصادي أو اجتماعي.

فالعامل العقائدي والمتمثل في اندهاش الإنسان أمام هذا الكون مما أدى إلى تعدد المعبودات ، فقد عبد الشمس والقمر والنجوم و الحيوانات ، فامتدت اعتقاداته إلى الأفكار المجردة وكانت هناك معبودات كثيرة عرفت بأسماء مختلفة و شيدت لها المعابد وعين لها الكهان و سنت لها قوانين لحماية امتيازاتها وكانت هذه القوانين مستوحاة من تصور تلك المجتمعات عن تلك المعبودات و أفضالها[5] .

بينما العامل الاقتصادي لكل مجتمع ظروفه الاقتصادية ، فقد تتغير الظروف الاقتصادية في المجتمع فيؤدي تغيرها إلى تطور في المجتمع ، و لما كان القانون عبارة عن القواعد العامة الملزمة التي تنظم الروابط الاجتماعية ، فإن هذه القواعد تتأثر بالتطور الاقتصادي في المجتمع ، كما أنها قد تؤثر فيه[6] .

فالعلماء قسموا المجتمع القديم اقتصاديا إلى ثلاث مراحل :

  • مرحلة البحث عن الطعام وما يلتقطه من الطبيعة من زرع و ثمار .
  • مرحلة الصيد و الرعي .
  • مرحلة المجتمع الزراعي[7] .

أما عن أهمية دراسة تاريخ النظم القانونية فهي  تهدف إلى  دراسة القانون إلى الكشف عن نشأته و مصادر نظمه المختلفة و أسباب تطوره في الأمم القديمة .

أما من الناحية العملية و العلمية ، بمعنى التعرف على البيئة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية التي نشأت فيها تلك القوانين ، ثم استخلاص المبادئ التي خضعت لها تلك النظم القانونية ، ومن ثم يتسنى لنا الكشف عن حاضر القانون و ماضيه ، ومدى ملاءمتها لأوضاع المجتمع المتغيرة ، و تبيان أوجه الشبه والاختلاف بين النظم القانونية المختلفة [8].

وعليه نستنتج أن القانون في جوهره عبارة عن مرآة تعكس حضارة مجتمع معين في زمن معين وعلى هذا الأساس سنطرح الإشكالية التالية: ما هي أهم الحضارات التي أثرت على تطور القانون و التي بفضلها وصل إلى ما هو عليه اليوم؟

و للإجابة على هذه الإشكالية سنتبنى الخطة الموالية :

الفصل الأول : النظم القانونية في العصور القديمة

الفصل الثاني : النظم القانونية في حضارة مابين النهرين

الفصل الثالث : النظم القانونية في مصر الفرعونية

الفصل الرابع : النظم القانونية عند اليهود

الفصل الخامس : النظم القانونية عند الإغريق ( اليونان و الرومان )

الفصل السادس : النظم القانونية في الحضارة الإسلامية

الفصل السابع : النظم القانونية في الجزائر

 

[1]  عكاشة مجمد عبد العال ،طارق المجذوب ، تاريخ النظم القانونية و الاجتماعية ، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت ، 2004 ، ص 6.

[2]   مريم عمارة ، المدخل إلى تاريخ القانون  ( القوانين القديمة – القوانين الإسلامية – القوانين الجزائرية)، دار بلقيس للنشر ، الجزائر ،  2014 ، ص 5 .

[3]  عكاشة محمد عبد العال ، طارق المجذوب ، المرجع السابق ، ص 21.

[4]   صلاح الدين جبار ، المدخل إلى تاريخ القانون ، دار الخلدونية ، الجزائر ، 2012 ، ص 11 .

[5]   صلاح الدين جبار ، المرجع السابق ، ص 9 .

[6]   عبد الناصر توفيق العطار ، الوجيز في تاريخ القانون ، مطبعه السعادة ، القاهرة ، 1970 ، ص 144.

[7]  صالح فركوس ، تاريخ النظم القانونية و الإسلامية ،دار العلوم للنشر و التوزيع ، عنابة ، 2001 ، ص 13 .

[8]   أرزقي العربي أبرياش ، مختصر تاريخ النظم القانونية والاجتماعية ( القديمة – الإسلامية – الجزائرية)، دار الخلدونية للنشر والتوزيع ، الجزائر ، 2006 ، ص 5 .