تفصيل

  • الصفحات : 223 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2024،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الأولى ،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-790-8.

مقدمـــــــة

يعتبر علم السياسة، بمضامينه الحالية المتشعبة والمتعددة، علما حديث النشأة، فقد كان إلى حدود القرن التاسع عشر عبارة عن مجموعة من الأدبيات التي كانت تنصب في مجملها حول وضع تصورات عن الوضع السياسي الأمثل وكيفية إقامته، والتي تنطلق في الغالب من مقدمات يغلب عليها الطابع الفلسفي، ولقد ظل هذا هو الوضع السائد حتى فترة نهاية القرن التاسع عشر،فعلم السياسة في النهاية أخذ مسارات مختلفة في(أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية) شكلت منطلقاته النظرية ومفاهيمه؛ وهي كما أثبت التجارب فيما بعد مرتبطة بواقع معين لا يمكن إستنساخه دائما في بيئة أخرى.

من النافل القول أن علم السياسة نال إستقلاله الذاتي بعد الحرب العالمية الثانية،إلا أن هذا الإستقلال كثيرا  ما واجهته صعوبات؛من قبيل مرادفة بعض كبار الأساتذة بين علم السياسة وعلم الإجتماع وحتى مع القانون الدستوري؛ بالإضافة إلى معضلة بناء براديغم معرفي خاص بالحقل،وهذا مرتبط أساسا بالتراكم التدريجي الذي عرفه نظريا ومنهجيا،وهو ما جعلنا نتحدث عن علم سياسة نظري وآخر كمي،وعلم سياسة أمريكي وآخر أوروبي..كما خلق هذا التطور فروع علمية صغرى: كعلم السياسة المقارن.

ما يمكن أن ننطلق منه كباحثين هو معرفة موطن الخطأ الرئيسي في نظرتنا للسياسة؛في أننا إعتبرناها حتى الآن نشاطا سلطويا محوره الحاكم؛والنظرة الصحيحة إليها هي أنها نشاط إنساني محوره الإنسان،وعلاقة الحاكم بالمحكوم هي الصفة المميزة للنشاط السياسي عن غيره من النشاطات الإنسانية؛وحيث لا تكون هذه العلاقة لا تكون سياسة،ولا تكون دولة ولا يكون علم سياسة كما يقول الدكتور حسن صعب.

وعليه سيحاول الكتاب في فصوله الثمانية أن يناقش المفاهيم الأساسية في حقل علم السياسة،حيث إحتوى على مدخل مفاهيمي للتعرف على خلفية تعدد الدلالات التي تأخذها لفظة “سياسة” بين الإهتمام بالشأن العام ومعاني الميكيافيلية، ثم تطرقنا إلى تاريخ وتطور هوية علم السياسة،و أهم المسارات التي عرفها هذا الحقل المعرفي كعلم، مرورا بتناول مفاهيم أساسية في الحقل بالتفصيل من قبيل؛النظام السياسي،النخبة السياسية،الأحزاب،المجتمع المدني، العلميات السياسية..الخ.

ولأن علم السياسة هو علم السلطة لا يمكن أن نغفل على دراسة العلاقات الناجمة عنها،هذه العلاقات بين من يمارس السلطة والبيئة الإجتماعية هي موضوع دراسة النظام السياسي والدولة معا، والحال أن تناول مسألة الدولة من المواضيع التي تستدعي مقاربة مفاهيمية مركبة المصادر(فلسفة-علوم إجتماعية،علوم إنسانية..)،وضرورة الإنتباه إلى الخلط بينها وبين مفاهيم من قبيل السلطة والنظام السياسي والذي قد يجعل قدرتنا على الفهم والتفسير تكون محدودة .