تفصيل

  • الصفحات : 170 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2022،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،

إنّ النص القانوني هو بمثابة النسيج الذي يتعين أن تتشابك خيوطه في تناسق وتناغم، حتى يستوي المنتج على صحيح المبتغى منه،فإذا كان النسيج متى حسنت صناعته مما يعجب الناظرين،فإنّ النص القانوني متى حسنت صياغته،يتحقق به المراد منه،خطابا موجها للكافة بتقرير قاعدة عامة آمرة كانت أو مقررة أو الأمر بفعل أو النهي عنه،وليس من قبيل التزيد الإشارة إلى أنّ أهمية هذا الخطاب تستمد من لازمته،وهي عدم جواز التعلل بالجهل بالقانون تخلصا من الخضوع لأحكامه،فإذا كان افتراض العلم بالقانون أمرا مقضيا،فإنّ إنطواء نصوصه على أحكام تدركها الأذهان،استخلاصا من صياغة لغوية تجمع بين دقة التعبير وإيجاز العبارة ووضوح المعنى،يصبح من ثم واجبا مفروضا على سانّ القانون،حيث أنّ التكليف بما لا يفهم غير جائز شرعا ولا هو بالمشروع قانونا.

نتيجة لذلك استلزم الأمر،غزل النص القانوني للتعرف على خصوصيته اللغوية والبيانية ثم إخضاعه إلى سيرته الأولى لدراسة ما ينطوي عليه أو ما يتعين أن يتحقق فيه،من تماسك لفظي،وما يتحلى به،أو يجب أن يتصف به من تماسك معنوي سواء كان مستمدا من بنية النص التنظيمية أم كان مرده دلالة السياق.

لعل مجال القانون،صياغة وتطبيقا هو المجال الذي تتبدى فيه أساسا وأكثر من غيره من المجالات،مظاهر الحفاظ على أصول اللغة العربية في استخدامها دوما أداة للتعبير،سواء أكان ذلك خطابا من المشرع أو حكما من القضاء،وعلى ذلك فإنّ لغة القانون تشريعا وقضاءا تعد حصنا من حصون النقاء اللغوي.[1]

لقد شكلت اللغة القانونية محط اهتمام الفقه والقضاء ويتجلى ذلك من خلال العناية الفائقة التي خصّها الباحثون لمجال لغة القانون أمثال”جون جاك روسو” و”مونتسكيو” في مؤلفه القيّم “روح القوانين”، وعلاوة على ذلك،فالمتتبع للتطور التاريخي سيتبين له المراحل التي مرت بها اللغة القانونية بدءا من القانون الروماني،قانون الألواح الإثني عشر،قانون حمورابي وشكل ظهور الطباعة واختراع الآلة وتراجع الكتابة محل الشهادة العامل المساعد في تطور لغة القانون ويتجلى ذلك من خلال المواضيع التي عالجتها كمؤسسة التشريع والبحوث ذات الصلة بالمجتمع المدني.

من المعلوم بمكان أنّ القانون يتكون من مجموعة قواعد تضبط السلوك، فإنَّ تلك القواعد ليست على ذات الدرجة من القوة، حيث يعتلي قمة تلك القواعد الدستور، ويأتي تالياً له القانون أو التشريع الصادر من الجهة المختصة “السلطة التشريعية أو التنفيذية”، ومن ثم الأنظمة والتعليمات، ولا يجوز أن تخالف القواعد الأقل درجة القواعد الأعلى درجة بما يعرف بمبدأ دستورية القوانين، كذلك في التشريع الواحد هناك قواعد آمرة وقواعد مكملة، أما القواعد الآمرة فهي التي لا يجوز لأطراف العلاقة الاتفاق على مخالفتها لارتباطها بالنظام العام للدولة، ويرتب المشرع جزءا على مخالفتها، أما القواعد المكملة فهي قواعد وضعها المشرع لما فيها مِن مصلحة للأطراف مما يعني بالتبعية إعطاءهم الحق بالاتفاق على مخالفتها.

والقانون عندما يصدر فإنه يصبح نافذا بحق كل من ينطبق عليه، مما يترتب عليه أن الجهل بالقانون لا يعفي من المسؤولية القانونية كقاعدة عامة، أي أن القانون حتى ينفذ لا يتطلب علم المخاطب بصدوره علما حقيقيا، وإنما يفترض المشرع بأنَّ مجرد نشر القانون بالجريدة الرسمية هو قرينة قاطعة على علم كل المخاطبين بصدور القانون ونفاذه، وبالتالي فان التزام المخاطبين بقواعد القانون أمر لا مناص منه.

وبما أن المخاطب بالقانون ومن عليه الالتزام بقواعده هم أفراد المجتمع بكل أطيافه وبمختلف مستوياتهم الثقافية، مما يتطلب من المشرع أولا ومن كل جهة أو فرد يعمل بالقانون أن يقوم بصياغة القاعدة القانونية أو ما يماثلها بلغة تكون مفهومة من الجميع، وتكون مانعة جامعة، مانعة من دخول أي حالات أخرى غير تلك التي قصد إليها المُشرِّع، وجامعة لكل الحالات التي تنطبق عليها القاعدة القانونية. لذلك فإن الصياغة القانونية سواء أكانت صياغة تشريعية، قضائية، فقهية أو غيرها، فإنها تستلزم من الصائغ القانوني أن يكون ملما بعلوم اللغة وعلوم القانون، ذلك أن الصياغة القانونية هي ترجمة لإرادة المشرع أو القاضي أو أطراف التعاقد وبالتالي يجب أن تتضمن كلمات تحمل المعنى الذي قصده كل طرف من دون زيادة ولا نقصان، حتى تستقر المعاملات وتضيق دائرة الاختلاف حول المعنى المقصود من وراء تلك العبارات، فالصياغة القانونية تهدف إلى أن يكون النص القانوني مفهوماً من قبل الطرف الحسن النية، وغير عرضة للتلاعب به من قبل الطرف السيء النية.

إنّ دقة الصياغة القانونية تلعب دورا هاما في التأثير على معنى النصّ القانوني حيث عدم التدقيق في قواعدها قد ينجر عنه الصياغة الغير الدقيقة للنصوص التي تولد نوعا من الاختلاف والشقاق الذين نكون بغنى عنهما إذا ما كان النص القانوني محكم الصياغة.

لذا نسعى لتسليط الضوء على أصول الصياغة القانونية بشكل عام، وهي الصياغة التشريعية والتي تتعلق بالقوانين التي تصدرها السلطة التشريعية أو من يقوم مقامها، أو الصياغة القضائية والتي يقوم بها القضاء، أو الفقهية والتي يمارسها الفقهاء القانونيون والصياغة التعاقدية التي يختص بها المحامون وغيرهم، إلا أننا سوف نخص بالذكر صياغة العقود.

على الرغم من أهمية الصياغة القانونية ودورها المهم في التطبيق الصحيح للنص القانوني، إلا أن كليات الحقوق في الجامعات العربية لم تتضمن خططها الدراسية مادة تختص بأصول الصياغة القانونية، مما يعني أن طالب القانون والمحامي والقاضي وأي شخص  يعمل بمجال القانون يكون لزاما عليه أن ينمي تلك المهارة من خلال الدراسة الذاتية والخبرات العملية، والتي تحتوي  كثيرٌ منها على أخطاء لا يمكن تداركها إلى المرة الأولى إلا بعد أن يثور خلافٌ بشأنها بحكم تجربتها.

إنّ الصياغة القانونية هي بلا شك فن، يتطلب من الصائغ إلماماً بقواعد اللغة وفهما عميقاً للمعاني ودلالات الألفاظ، ويتطلب منه فهما للقانون وتطبيقاته المختلفة، كذلك يتطلب من الصائغ أن يكون ملما ومتعمقا بالموضوع محل الصياغة، ومطلعاً وملماً بكلاسيكيات الصياغة القانونية بذات المجال، لكي يكون قادرا على إخراج وثيقة قانونية مُصاغة بطريقة تحقق الأهداف التي يرمي أطرافها إلى تحقيقِها بشكلٍ واضحٍ ودَقيق.

سعيا لتوضيح المفاهيم المتعلقة بالصياغة القانونية عامة سنحاول التطرق للمحاور المبينة أدناه إتباعا في ذلك المقرر الوزاري المخصص لطلبة السنة الأولى ماستر تخصص قانون أعمال وذلك من خلال المباحث الثلاث التالية:حيث نخصّص المبحث الأول لتناول اللّغة القانونية،أما المبحث الثاني فنتطرق فيه للبناء التقني للقاعدة القانونية ونتناول ضمن المبحث الثالث المنطق القانوني.

 

 

المبحث الأول:اللّغة القانونية

يقسم علماء القانون القواعد التي تنظم صياغة الأنظمة واللوائح والقرارات إلى قسمين رئيسيين لا يستغني أحدهما عن الآخر،فالقسم الأول فهو القسم الموضوعي أما القسم الثاني هو القسم الشكلي الذي يقوم على موافقة الصياغة للقواعد القانونية وموافقة الصياغة لإستراتيجية الجهة صاحبة التشريع،فموافقة الصياغة للغة من قواعد القسم الشكلي للقانون الذي يعتبر كغيره من العلوم والتخصصات له لغته الخاصة ذات الألفاظ والمصطلحات والأساليب والأعراف التي تتبع فيه وربما تختص به،وهو كغيره من العلوم والتخصصات لا بد أن يكون موافقا للّغة العربية في جميع أجزائه .[2]

المطلب الأول: مفهوم لغة القانون

يقصد بلغة القانون لغة علم القانون، وكما أنّ لكل علم مصطلحاته وتعريفاته،فكذلك علم القانون له مصطلحاته وتعريفاته الخاصة به،لذا سنتناول في الفرع الأول تعريف لغة القانون أماّ الفرع الثاني فنخصصه لخصائص اللغة القانونية.

الفرع الأول:تعريف اللّغة القانونية

تعبر كلمة “قانون” في القاموس الشامل عن عد معان؛ فهي لفظ يفيد النظام الذي تسير فيه الأمور بصفة دائمة ومستقرة  وثابتة.” فقانون الكون” مثلا يقصد به: نظام الكون الثابت  والمستقر من ناحية دوارن كواكبه وثبوت ظواهره من تعاقب الليل والنهار وتبدل للفصول، “الأربعة، وقانون البقاء للأصلح ” الذي جاء به داروين يقصد به نظام الطبيعة المستمر والمستقر على كون الأقوى والأصلح من الكائنات هو من تختاره الطبيعة للبقاء على قيد الحياة والظفر بالنسل الجيد على حساب الضعفاء منهم.[3]

أمّا القانون في معناه الاصطلاحي والعام: ” مجموعة قواعد السلوك العامة المجردة الملزمة التي تنظم الروابط الاجتماعية في المجتمع وتأمر الدولة الناس على إتباعها ولو بالقوة عند الحاجة”.[4]

لقد تم تعريف اللّغة القانونية بكونها:”لغة متخصصة مستقاة من القانون كعلم نظري وكنشاط تطبيقي،فهي تترجم الأحكام القانونية والوقائع القانونية والعلاقات والمراكز القانونية بلغة محددة خاصة بهذا العلم،وتكمن جدوى اللغة القانونية في التعبير عن الحقائق القانونية بلغة مطابقة للإرادة،ومن ثم تفسير النصوص طبقا لهذه الإرادة.”[5]

تكتسي اللغة القانونية أهمية قصوى ليس فقط من الناحية الثقافية والتواصلية لكونها وسيلة لنقل الأفكار وذاكرة لتاريخ الشعوب،بل لكونها أيضا أداة للتأصيل والتقعيد القانوني والتقنين،أي وضع صياغة الضوابط القانونية،كما أنها تفيد فهم القصد القانوني لدى المشرع.

فمع تطور هذا العلم بتطور الأزمان اكتسبت لغته ميزة وخاصية تثنيه عن باقي العلوم الأخرى. إذ يحدد “جيرارد كورنو في كتابه ” اللسانيات القانونية ” مزايا  وخصوصية لغة القانون التي تضمن له أن يكون علما مستقلا بذاته فيقول: فهو”حدث لساني فريد من نوعه يعمد إلى وضع ركيزة أساسية لدارسة خصائص هذه اللغة.”- ترجمتنا:

” Comme un fait linguistique assez typique pour constituer un terrain d’étude de la spécificité de ce langage.” [6]

تستمد هذه اللغة الخاصة على حد تعبير صاحب كتاب اللسانيات القانونية جياررد كورنوصيغها وتراكيبها من اللّغة العامة أو كما قال هي استعمال خاص للغة الوطنية.

” Un usage particulier de la langue nationale.”

من جانب آخر يؤكد كلود بوكي في كتابه “الترجمة القانونية ” أن أصول اللغة القانونية تعود جذورها إلى اللغة اللاّتينية، التي أمدتها بالكثير من المصطلحات نذكر على سبيل المثال كلمة   ” ”  par contumace   والتي تعني “غيابيا”.

[7] ” Le discours de droit s’est constitué au Moyen Age, notamment à partir du latin.  ”

كما أضاف أنّ اللغة القانونية تعرضت لإرهاصات وتطوارت نتجت عن تلاحمها مع  الميدان الطبي بالنسبة للقانون الفرنسي فكلمة ” prescription ” تعبر عن “وصفة طبية يكتبها الطبيب لمعالجة مرضاه لكن في واقع الأمر يمكن للكلمة أن تأخذ دلالات ومعنا آخر إذا تغير السياق الطبي واقترنت الكلمة بالسياق القانوني فيصبح المعنى” بالتقادم”.

أما بالنسبة لألمانيا  فقد كان القانون مصدر إمداد بالمصطلحات للميدان الاقتصادي،لذا يمكن القول  أن اللغات المتخصصة متداخلة فيما بينها وطالتها تغيرات كثيرة. فيمكن إيجاد مصطلحات قانونية وطبية في نص اقتصادي والعكس صحيح:

” L’étrange maladie des caisses d’épargne a pris des allures d’épidémie “.[8]

يعتري ميدا ن القانون العديد من الإشكالات والتساؤلات التي هي محط أنظار العديد من المؤطرين  والمهتمين بهذا العلم/الظاهرة. فيقول “كلود بوكي” أنّ أوّل مشكلة تواجه هذا الميدان هو عدم وجود مجال اتفاق (terrain d’entente) بينه وبين المواطن العادي، إذ يرى هذا الأخير أن القانون كبت للحرية الشخصية وصناعة سياسية تخدم مصالح أرباب وسادة المجتمع على حساب الضعفاء منهم،أين يأخذ مصطلح القانون الدلالات التي جاء بها، داروين في مدونته “قانون البقاء للأصلح”. فينتج ما سماه الكاتب “الشعور بالإحتقار” regard de mépris ” “اتجاه هذا العلم الذي يعتبره العديد من المنظرين كعلم غير تثقيفي” discipline non intellectuelle .”

إذ يرى الكثير من الأشخاص في المجتمع، بما فيهم نسبة لا يستهان بهم من الجامعيين الذين لم يدرسوا الحقوق،أنّ هذا الفرع يتسم بالغموض والتعقيد وهذا ما يجعلهم يصدرون أحكاما لا أساس لها من الصحة على هذا المجال المعرفي كقولهم بأن القانون مجرد فرع لا صلة له بالتعليم  ولا الثقافة  ولا حتى بالمعرفة. [9]

ولو تمحص الباحث في طبيعة هذه العلاقة الشائكة بين الأشخاص وأحكامهم المجحفة في  حق هذا الفرع المعرفي، لوجد أن السبب يعود بشكل رئيسي إلى عدم تمكن الأشخاص من فهم القانون كظاهرة وعدم استيعاب مدلولاته الخفية. حيث يبرر رجل القانون الألماني فارنك فيكر هذا الغموض الذي يشوب العلاقة التي تجمع بين القانون والفرد والمواطنين بصفة عامة بما يلي :

” À quoi tient ce préjugé ? Principalement au fait suivant : le juriste doit constamment porter atteinte aux intérêts vitaux de l’individu et cela, contrairement au médecin, il ne le fait pas dans le but manifeste de soigner la personne concernée ” . [10]

يرى فيكر بأن السبب الرئيسي  الذي يجعل عامة الناس يطلقون هذه الأحكام المجحفة في حق هذا الفرع المعرفي يرجع أساسا إلى وجود علاقة حتمية تجمع رجل القانون بالأفراد وتمس مصالحهم، لأننا على علاقة دائمة بالقانون في حياتنا اليومية حتى وإن كنّا نجهل ذلك.

يتضح مما سبق،أنّ للقانون لغة تميزه عن باقي الفروع المعرفية لذا ارتأينا أن نخوض في جوانب خصوصية اللغة القانونية:

الفرع الثاني: خصائص لغة القانون

على الرغم من أنّ القانون لغة واحدة متخصصة إلاّ أنّ لكل فرع من فرعي القانون العام والخاص أسلوبه الخاص الذي يشمل مصطلحات وألفاظ مستمدة من طبيعة الفرع وأهدافه ومشكلاته وعلاقاته بالفروع الأخرى لذا فهناك:لغة فنية متخصصة في القانون هي اللغة القانونية العامة، ولغة فنية أكثر تخصصا ودقة في الفرع القانوني كالقانون المدني أو عكسه القانون الدولي العام.

وفي هذا الإطار سنتعرض لخصائص اللغة القانونية التي أوردها   Cornu.G في مؤلفه “علم اللغة القانونية”[11]

أولا-خصائص اللغة القانونية حسب الفقيه Cornu.G”:

أ-اللغة القانونية لغة متخصصة(خاصية الإختصاص):

اللغة القانونية أي النصوص القانونية ليست مفهومة بصفة تلقائية من طرف العامة،ماعدا رجال القانون.

فاللغة القانونية موجودة لكونها غير مفهومة عند غالبية الناس،فمصطلحاتها خارج الحلقة الطبيعية لدائرة المفاهيم المتعارف عليها في علوم اللغة الأم بين أفراد نفس المجتمع اللغوي.

فاللغة القانونية موجودة لأنّ القانون يعطي معاني محددة لبعض المصطلحات اللغوية،ومجموع هذه المصطلحات يكوّن المعجم القانوني الذي يصطلح عليه بلغة القانون،فهي إذن لغة داخل اللغة.

فالمعجم القانوني عبارة عن مجموعة من ألفاظ اللغة،إلاّ أنّ هذه المصطلحات لها مفاهيم خاصة بها تستعمل حصرا في ميدان القانون ولا تؤخذ بمفهومها اللغوي.

تجدر الإشارة إلى أنّ الألفاظ المكونة للمعجم القانوني المتعددة المعاني هي الأكثر تواجدا من المصطلحات القانونية المستحدثة التي لا معنى لها في اللغة الأم.

ب-بساطة لغة القانون:

إنّ المقصود بتبسيط اللغة القانونية ليس معناها جعلها لغة عامية أو الإستغناء عن الإنضباط الفكري للقانون.

وتبسيط لغة القانون لايتم عبر التشطيب على مفردات اللغة القانونية أو إستبعاد كل المصطلحات التقنية والمفاهيم،بل ويراد به تبسيط تركيبات الجمل بمراعاة معاني مفردات اللغة،وتجدر الإشارة إلى أنّ اللغة القانونية ليست هي أساس التعقيدات في فهم النصوص القانونية،لكن بعض مواضيع القانون المتخصصة هي الأصل في التعقيد وليس للغة دخل في ذلك.

فلغة القانون ليست لغة-un langage n’est pas une langue –ولكن مجرد استعمال فريد ومختص ومحدد للغة العامة.

خلاصة القول أنّ خاصية تبسيط اللغة القانونية وجعلها سهلة الفهم للعموم هو أمر نسبي لأنّ هذا الإلتزام الواقع على المشرع تحده مجموعة من الإكراهات وعلى رأسها أنّ بعض مواضيعه لها طبيعة تقنية.

لا شك أنّ الأسلوب القانوني يتسم بالبساطة وبالوضوح وهو الهدف الذي يمكن أن يضحي في سبيله بكل الإعتبارات الأخرى إلاّ صحة التعبير اللغوي،واحترام قواعد اللغة النحوية والصرفية،ومما يجب أن يضحي به صائغ القاعدة القانونية في سبيل الوضوح أمران:إظهار عمق الفكرة للإختصار لكي نفهم دقائق الموضوع،والثاني التصنّع في اختيار اللفظ أو الأسلوب لتغطية سطحية الفكرة تحت ستار من الغموض اللغوي أو الزخرف اللفظي[12].

ج-تقنية اللغة القانونية:

ما تلزم الإشارة إليه هو أنّ جل مميزات هذا الحقل المعرفي هي مستمدة من القانوني بحد ذاته،فمعظم المواد موضوع التنظيم القانوني هي التي تتصف بالتقنية وليست اللغة في اللغة إلاّ فرع يتبع الأصل.

ثانيا- مميزات اللغة القانونية:

أ-المميزات العامة:

تنفرد اللغة القانونية عن كثير من اللغات المتخصصة الأخرى على جميع مستوياتها بما يأتي:

1- كثرة المفردات القديمة:

تمتاز اللغة القانونية باحتوائها على عدد هائل من المفردات القديمة التي كانت تستعمل في السابق في اللغة المألوفة واليومية،ولكنها اندثرت تدريجيا لتحل محلها ألفاظ أخرى وبقي استعمالها محصورا في اللغة القانونية.[13]

2 – التحفظ على أنماط الوثائق القانونية:

ويقصد بذلك القيود التي تفرض على صائغ الوثائق القانونية، لا سيما الشكلية منها ونذكر على سبيل المثال الحيثيات ” وهي كثرة استعمال الحيثيات في المذكرات والأحكام القضائية   مثلا والأمر سيان بالنسبة للعديد من أنواع الوثائق القانونية فهي تحافظ على شكلها  وقد “يحرم” تغييرها.[14]

3- الميل إلى الحشو والإطناب:

يميل رجل القانون إلى استعمال الحشو والإطناب،حتى دون قصد،ولكن طبيعة اللغة المتوارثة تجعلها مليئة بالعبارات التي من الممكن تفاديها في اللغة العادية،لأنها قد تكون تكرارا أو لافائدة ترجى منها،بينما في اللغة القانونية،فرجال القانون يعتبرونها جزءا لا يتجزأ من لغتهم.

4-الإبداع اللغوي:

تتميز اللغة القانونية بالإبداع اللغوي،وذلك عن طريق إدخال مفردات لغوية جديدة تتماشى مع روح العصر،فتعطي للقانون روحا جديدة تجعلها تساير مستجدات الأمور والتطورات القانونية.

أسلوب التعميم والتضمين:يستعمل رجل القانون غالبا أسلوب التعميم والتضمين لا سيما في المصطلحات الخاصة بالجنس والعدد،بحيث تتضمن الكلمات التي تشير إلى المذكر والمؤنث والعكس بالعكس،وتجدر الإشارة هنا على أنه يتعدى التعميم الكلمات إلى الزمن،فيتضمن الزمن زمنا آخر كالمستقبل الذي يتضمن الحاضر والعكس كذلك،مؤد للمعنى ويلجأ رجال القانون بصفة عامة إلى اتباع هذا الأسلوب كطريقة تجديدية من أجل تفادي الإطناب والحشو وجعل الإختصار من سمات اللغة القانونية.

 

 

5-التداخل بين اللغات:

يعد أحد أهم مميزات اللغة القانونية باعتبارها مزيجا بين اللغات،فهي تستعير عددا من الألفاظ من لغات شتى،وخاصة اللغة اللاّتينية واللغة الفرنسية فيما يخص المشرع الجزائري،الشيء الذي يزيد من صعوبة ترجمتها.

كما نجد في المضمار نفسه المترادفات المشكلة من كلمتين أو ثلاث كلمات التي تجعل اللغة أكثر تعقيدا وتضيف لها حشوا خطابيا لا طائل من ورائه.

6-الوضوح والدقة والإبتعاد عن الألفاظ المثيرة للبس:

يتعين على رجل القانون سواء أكان قاضيا أو محاميا أو مستشارا،أن يستعمل أسلوبا واضحا لا يشوبه الغموض في كتاباته.[15]

يجب أن يراعي في صياغة النصوص القانونية  الدقة في المعنى والوضوح في التركيب اللغوي وتجنب الحرفية التي قد تخل بالتركيب النحوي للنص القانوني حتى لا يثار فيها الغموض .

أما إذا وجد الغموض ووقع لبس في الفهم  فهناك رأيان:

الرأي الأول: يري أنه يجب الأخذ بحرفية النص لأنه آمر وإلاّ فتنزل أوامر المشرع إلى مجرد توصيات.

الرأي الثاني: يرى بأنه يجوز التفسير لكن في حدود ضيقة لأن توسيع نطاق التأويلات  قد يؤدي إلى الخروج عن القاعدة القانونية وبالتالي خلق أحكام  جديدة غير منصوص عليها وبالتالي المساس بحقوق الغير.

7- اللغة الموضوعية :

منطقيا وبالنظر إلى هدف النص القانوني الذي أسس على مبادئ الإلزام والجزاء والردع فمن البديهي أن اللغة المستعملة هي لغة موضوعية مبنية على أسس  وأساليب النصوص العلمية. بمعنى آخر هي لغة دقيقة وقبل كل شيء مباشرة وخالية من كل مجاز أو محسنات بديعية كي تتماشى وأهداف ومتطلبات النص القانوني.

8- أسلوب التعميم  والتضمين :

يستعمل رجال القانون غالبا أسلوب التعميم والتضمين لا سيما في المصطلحات الخاصة بالجنس والعدد حيث تتضمن الكلمات التي تشير إلى المذكر والمؤنث  والعكس بالعكس، كما تتضمن الكلمات التي تشير إلى المفرد بمعنى الجمع والعكس بالعكس.

وتجدر الإشارة هنا على أنه يتعدى التعميم الكلمات إلى الزمن، حيث يتضمن الزمن زمنا أخر كالمستقبل الذي يتضمن الحاضر والعكس كذلك مؤد للمعنى، كما يلجأ رجال القانون بصفة عامة إلى إتباع هذا الأسلوب كطريقة تجديدية من أجل تفادي الإطناب والحشو وجعل الإختصار من سمات اللغة القانونية.

ب- المميزات الخاصة:

تعتبر اللغة القانونية لغة دقيقة وصعبة وذلك راجع للعديد من الأسباب منها ما يرجع لطبيعة القانون ومنها ما يعود للغة التي يستخدمها،وعليه فإنّ اللغة القانونية ترتبط بطبيعة معيارية وإلزامية وتقنية.

1- اللغة القانونية ذات طبيعة معيارية:

يسعى القانون لضبط الحياة داخل المجتمع من خلال فرض الواجبات واكتساب الحقوق،فالقانون يشمل الأخلاقيات والمعايير التي يبحث عنها الناس من تحقيق بعض المبادئ والمفاهيم كالمساواة والإنصاف والحرية والحق وكنتيجة لذلك،فاللغة المستخدمة في القانون والتي تساعد على تحقيق هذه الأهداف بطبيعتها لغة تقريرية .

2- اللغة القانونية ذات طبيعة إنجازية:

من طبيعة اللغة القانونية أنها تهدف إلى تحقيق شيء معين مثلا عقد البيع المبرم بين البائع والمشتري تترتب عنه آثار هامة منها إنتقال ملكية الشيء من البائع إلى المشتري مقابل تسليم المبلغ المتفق عليه في العقد،وهذا يجعل اللغة القانونية لغة إنجازية لأنها ترتب آثار ونتائج.[16]

3-اللغة القانونية ذات طبيعة تقنية:

إختلف الباحثون حول اعتبار لغة القانون لغة تقنية،فالبعض يرى أنها جزء لايتجزأ من اللغة العربية باعتبارها اللغة الآمرة في حين يرى البعض الآخر أنها لغة تقنية ويبرر هؤلاء قولهم بمجموعة من الحجج والبراهين منها:

أنّ اللغة القانونية لغة تقنية يصعب على القارئ العادي فهم مقتضياتها لكونها تستخدم مصطلحات دقيقة ومركبة،كما أنّ المعجم القانوني وتركيبته يمنحانها خصوصيات تجعل منها لغة تقنية مستقلة عن غيرها وهذا ماقاله كل من”برنارد جاكسون”.[17]

4- اللّغة القانونية ذات طبيعة مستقلة :

تمتاز اللغة القانونية بمجموعة من الخصائص تكسبها إستقلالية،كما تنقسم إلى مجموعة من الأنواع تميز كل حقل معرفي من حقول القانون.

لذا تعتبر اللغة القانونية في حد ذاتها تلاقحا بين اللغة والقانون أي أنّ هناك تأثيرا متبادلا بين اللغة والقانون.[18]

تمتاز اللغة القانونية بخاصية أساسية تتمثل أساسا فيما يلي:

1- استخدام الصيغ الآمرة :

تعد الصيغ الآمرة القوة اللغوية التي يستعملها المشرع في إضفاء لغة الإلزام على النصوص القانونية ومنحها المحددات الأساسة التي يمارس الفرد نشاطه الإجتماعي من خلالها ووفق صيغتها،وقد تبنى فقهاء القانون مبدأ القاعدة الآمرة والقاعدة المكملة كأحد أهم خصوصيات القاعدة القانونية، فقد عرف فقهاء القانون،  القاعدة القانونية الآمرة “imperative rule “بأنها القواعد التي لا يجوز للأفراد الاتفاق على خلاف ما جاء فيها من أحكام،  وكل اتفاق على خلافها يكون باطلا،ً مثال ذلك أحكام المواريث والشفعة.

تختلف أشكال  وأنواع النصوص القانونية باختلاف الأسلوب المستعمل في صياغتها لتتنوع من عقد ميلاد أو وفاة إلى معاهدة أو إتفاقية أو غير ذلك من الوثائق القانونية، إلا أنها تشترك في كونها كلها مصدار لقاعدة آمرة،الأصل فيها تحديد الواجبات وفرض الالتزامات وحظر القيام بأعمال معينة بحيث تترتب على مخالفتها جزاءات محددة.

وهذا ما يؤكده “جون كلود جيمار” في قوله :

”  Le droit engendre essentiellement des textes porteurs de normes ou de règles (de droit), de dispositions et prescriptions contraignantes. Y contrevenir expose l’auteur à des sanctions de la part de la puissance  publique. ”

2-أنواع القواعد القانونية الآمرة:

2-1- قواعد آمرة إيجابية: أمر (القاعدة التي تأمر رب العمل بدفع أجرة العامل). 2-2-قواعد آمرة سلبية: نهي (القاعدة التي تنهى عن تقاضي الفوائد في القانون المدني).

تطبيقات للقواعد القانونية الآمرة – أمثلة:

– القواعد التي تحدد الجارئم والعقوبات المقرر لها.

– القواعد التي تحدد شكل الدولة ونظام الحكم فيها.

–  القواعد التي تحكم علاقة الدولة بموظفيها.

– القواعد التي تنظم الخدمة العسكرية الإلزامية.[19]

– القواعد التي تفرض على الأفراد المشاركة المالية في الأعباء العامة (الضارئب / الجمارك) .

3-نوعية ألفاظ اللغة القانونية:

تستعمل اللغة القانونية طائفتين من الألفاظ :

3-1- ألفاظ تستخدم في اللغة العربية اليومية غير القانونية:

تعنى بالألفاظ  التي تستخدم عادة في اللغة اليومية ولكنها عند القانونيين لها معان خاصة محددة مثال ذلك:

إمتياز، طعن، استغلال، التتبع، عين، رد، تدخل، ارتباط، اقتران، فاعل، مجرم، استحقاق، رجعي، وصية، فضولي، تنازع، تقادم، شيوع، إفلاس، غبن، اختصاص، محل، أجنبي،…

فضلا عن ذلك يجب الحذر لإختلاف المعاني في هذه المصطلحات القانونية عن معانيها في اللّغة العادية.[20]

3-2- ألفاظ تستخدم فقط في اللغة القانونية :

وهي ألفاظ لا تستخدم في اللغة اليومية أو العادية مثال ذلك:

تظهير، محلف، ريع، كفالة، إرتفاق، إبراء، كمبيالة، عضل، خلع، وقف، إعذار، إعسار، بينونة،….وهاتان الطائفتان من الألفاظ إذا أضيفت إليها العبارات المركبة القانونية كونت اللغة القانونية، وعلى صائغ القاعدة القانونية أن يحيط بكل ذلك،ويحسن استعمال تلك الألفاظ والتعبيرات والمصطلحات،فمثلا قد يعتقد الشخص غير القانوني أنّ عبارات “الجاني،المجرم،المتهم” تؤدي نفس المعنى،بينما يلتزم القانوني باستعمال كل واحد من هذه الألفاظ في مكانها الصحيح وكذلك قطع التقادم غير وقف التقادم .

 

إنّ فن اللّغة القانونية يحتاج إلى مشقة الوقوف الطويل على المصطلحات العلمية، والجمل التي تصاغ بالّلغة القانونية ومحاولة تمييز الفروق بين أساليب الكتابة لدى الفقهاء[21].

ثالثا- خصائص المصطلح القانوني

عرفت اللغة العربية المصطلح القانوني منذ القدم،ومع ظهور الإسلام ونسخ القرآن والشريعة الإسلامية تم تثبيت المصطلح القانوني وتداوله بشكل واضح ودقيق وكان لب دارسة الأئمة والفقهاء، لكن في العصر الحالي ومع اشتداد ظاهرة العولمة التي حولت معالم العالم الحديث ومن ضرورة تعامل البلدان فيما بينها تغير المصطلح القانوني وعرف تطورا مهما.

حظى القانون كعلم مستقل باهتمام الدول الغربية بشكل خاص وتطورت مفاهيمه. لكن المصطلح القانوني في العالم العربي لم يواكب التطور الذي عرفه المصطلح الغربي  وإنما اقتبس منه وترجمه ترجمة مباشرة  خاصة بعد غزو نابليون لمصر، وعليه يمكن تقسيم المصطلح القانوني بعد استقلال الدول العربية في النصف الثاني من القرن العشرين إلى :

– مصطلح محض  مستمد من الشريعة الإسلامية .

– المصطلح الموروث عن القانون العثماني .

– مصطلح الترجمة المباشرة للتشريع الغربي، الفرنسي والبريطاني أساسا.

وبالتالي أصبح هناك مصطلح قانوني متداول ومصطلح قانوني مستجدة تبلورا فيما بينهما ليشكلا دعامة القانون. لكن يجب لفت النظر إلى عدم وجود توحيد لهذه المصطلحات في الوطن العربي وكل يسن  المصطلح كما تهوى لهم أنفسهم، ففي الجزائر مثلا نستعمل مصطلح التقادم لترجمة “prescription” أما في لبنان فيستعملون مرور الزمن. ومما لا شك فيه أن هذه الاختلافات تولد صعوبة لدى المترجمين، إلى من نترجم  وما هو المصطلح العربي الأقوم.

المطلب الثاني:أحكام اللغة القانونية

إنّ المقصود في هذا المجال هو القانون الوضعي،أي مجموعة القواعد القانونية التي تكوّن النظام القانوني الذي ينظم العلاقات بين الأفراد ويحكم حياة جماعة من الناس في مكان وزمان معينين.[22]ولقد لوحظت على هذه القواعد تنوعها لعدة أقسام من جهة وتشابهها مع عدة مصطلحات لذا يجب بيان ذلك من خلال الفرعين المواليين:

الفرع الأول:أقسام اللّغة القانونية

فمن المنظور اللغوي التطبيقي،يندرج تحت مصطلح لغة القانونبصفة عامة أنواع مختلفة من أساليب الكتابة اللغوية،بحيث يقسم البعض لغة القانون إلى ثلاث لغات فرعية: لغة التشريع،لغة القضاة،لغة المحاماة،ولكل من هذه اللغات الثلاث سمات تميزها عن غيرها،وهناك من يميز بين ثلاثة أنواع رئيسية للغة القانون من ناحية وظائفها بصفة عامة،ومن ناحية تراكيبها بصفة خاصة وهذه الأنواع نوردها كالتالي:

1- لغة التشريع:

يقصد بها اللغة التي ترد في التشريعات المختلفة بدءا من الدستور،القانون العادي،الأنظمة والتعليمات وهذه تندرج من حيث القيمة القانونية ولا يجوز للتشريع الأدنى مخالفة التشريع الأعلى،وتمتاز لغة التشريع بعدة مميزات منها:[23]

  • كثرة التعاريف:يلجأ المشرع إلى تعريف المصطلحات التي يستخدمها حتى يضمن أمرين:الاول هو التفسير والتطبيق،فالنصوص التشريعية أدوات يستعملها القضاة والفقهاء،وكلما كان النص غامضا كلما أصبحت منطقة الإجتهاد في التفسير أوسع وزادت إمكانية الخروج بتطبيق مختلف عما أراده المشرع،ولهذا يوضح المشرع إرادته حتى لا يتم الإلتفاف عليها.
  • تفرّد اللغة القانونية ببعض التعابير والمصطلحات:وتعني هذه الخاصية أنّ هناك العديد من المفردات التي لا نجد لها إستعمالا إلاّ في القانون ومنها :دائن ومدين،مدعي ومدعى عليه…
  • العمومية والتجريد.
  • كثرة استخدام الفعل المضارع:ويعود ذلك إلى أنّ الفعل المضارع ينصرف للحاضر والمستقبل،مما يستقيم مع عمومية وتجريد اللغة القانونية.[24]
  • استعمال الجمل القصيرة.
  • استعمال المبني للمعلوم.
  • استعمال التعبير الإيجابي والسلبي:يعني التعبير الإيجابي الوصول لمراد المشرع بطريقة مباشرة،بينما يتم الوصول لها في التعبير السلبي بمفهوم المخالفة وغالبا ما يستخدم التعبير السلبي صيغ النفي مثلا”لا،ليس”ويجدر ملاحظة أنّ التعبير الإيجابي أفضل وأكثر وضوحا.
  • استعمال صيغة المذكر للدلالة على الذكر والأنثى:ليس من الشائع مخاطبة الذكر والانثى بنصوص مختلفة حيث يخاطب النص صفة بصرف النظر عن الجنس،فيستعمل القانون تعابير مثل:بائع،مشتري،شريك،دائن،مدين،مريض مرض الموت وغير ذلك قاصدا الرجل والمرأة وعلى الرغم من ذلك فقد يستخدم المشرع لغة خطاب خاصة بالمرأة عندما يقصد من الحكم فقط المرأة.[25]
  • استخدام تعابير خاصة للدلالة على طبيعة القاعدة القانونية:إنّ استخدام المشرع تعابير مثل”يجب”،”يبطل”،”لايجوز”،بشرط،فهذه كلها تدل على أنّ القاعدة القانونية آمرة،أماّ استخدام تعابير مثل”يجوز”،”مالم يتفق على غير ذلك”،فهي تدل على أنّ القاعدة القانونية مكملة.
  • استخدام الجمل الشرطية:هي جملة تنقسم إلى شقين يسمى الأول فعل الشرط أما الثاني جواب الشرط،معناه إذا تحقق شرط معين ترتب على ذلك نتيجة قانونية معينة.[26]

تظهر لغة التشريع في الوثائق القانونية النمطية مثل:القوانين التي يصدرها البرلمان كسلطة تشريعية،والوثائق الدستورية والعقود،والإتفاقيات،والمعاهدات وغير ذلك،فيكون الهدف الرئيسي من هذه اللغة هو تحديد مجموعة من الإلتزامات أو المحظورات وتخويل الصلاحيات والإمتيازات،فأسلوب لغة التشريع هو الأسلوب الذي تصاغ به القوانين،بحيث يستبعد الخلط بينه وبين الأساليب القانونية الأخرى كما أكده “جيمار في قوله:

” le style d’une loi est inimitable et ne peut être confondu avec celui d’un jugement ou d’un acte….. ”

بمعنى أنّ أسلوب القانون ذو طابع خاص يميزه عن غيره من الأساليب،بحيث يستحيل الخلط بينه وبين الأسلوب المستعمل في الأحكام والعقود….”.[27]

 

2-لغة الفقه:

وهذه اللغة حرة لا تتقيد بقيود،ويقصد بلغة الفقه التي يستخدمها الكتّاب والشرّاح في تفسير وتأصيل النصوص والنظريات القانونية ونجد هذه اللغة في الكتب والأبحاث والرسائل الجامعية.

علما أنّ الكتب والمراجع تؤلف بالطريقة التي يريدها الباحث دون رقابة وتطرح في السوق مقارنة مع الأبحاث والرسائل الجامعية التي تخضع للتقييم والرقابة من قبل المختصين والخبراء.

3- اللغة القضائية:

يستخدم القضاة في قراراتهم القضائية والوثائق التي تخرج عنهم مصطلحات خاصة مثل الخصوم،الدعوى،وتتضمن الوثائق الصادرة عن القضاء المعلومات التالية:اسم المحكمة،أسماء الخصوم،طلبات الخصوم،الدفوع القانونية،وقائع الدعوى،أسباب الحكم.[28]

كما تشمل لغة الأحكام التي تصدرها المحاكم،إذ أنّ هناك صيغة خاصة لإعداد الأحكام القضائية التي تعرف بمنطوق الحكم الذي يشمل أدق التفاصيل والأساليب ونوع العقوبة،مع بيان السند القانوني لها.

4- اللّغة القانونية الأكاديمية:

يندرج تحت هذا النوع لغة المجلات البحثية الأكاديمية القانونية،وكذلك كتب المقررات الدراسية والمناهج الخاصة بتدريس القانون، ويضيف “جيمار” لهذه الأنواع الثلاثة أصنافا أخرى هي:

5-اللغة الإدارية:

وهي لغة النصوص الموجهة لعامة الناس كالقوانين الداخلية للمدارس أو الفنادق.

 

6-لغة الأعمال التجارية:

وهي لغة مختلف العقود التجارية.

7- لغة الوصايا.

الفرع الثاني: تمييز اللغة القانونية عما يشابهها

التمييز بين مصطلحات “اللغة القانونية” و”الصياغة القانونية” و”الصياغة التشريعية” وذلك على النحو الآتي:

ففي إطار اللغة القانونية  يُستخدم مصطلح “الكتابة القانونية” ؛ بشكل عام  للتعبير عن كل أشكال الكتابة التي يكتبها المشرعون والقضاة والمحامون ورجال القانون , ويشمل ذلك على سبيل المثال لا الحصر ما يأتي :

– الدساتير والقوانين واللوائح والقواعد القانونية والقرارات الإداية.

– العقود والقواعد والصكوك والوصيا وما إلى ذلك.

– صيغ الدعاوى والمذكرات والإلتماسات والطلبات القضائية التي تُقدّم إلى المحاكم والأجهزة الإدارية والمُحكمين , وخلافه.

– المقالات الأكاديمية والكتب القانونية المنهجية والتعليقات والشروحات القانونية.

على أنّ جميع أشكال الكتابة القانونية يمكن ردها إلى نوعين رئيسين ؛ هما :

– الكتابة القانونية التحليلية.

– الصياغة القانونية.

ويُقصد بالكتابة القانونية التحليلية تلك التي تنبني على التحليل القانوني وتعرض وقائع قضية معينة وتحدد الأسانيد القانونية ذات الصلة التي تدعم الموضوع محل الخلاف أو المسألة القانونية محل البحث , وتستشهد بالآراء والنصوص القانونية التي تدعمها . ومن ثم ؛ فإنه يمكن القول بأن التحليل القانوني هو آلية التفكير التي عن طريقها ينطبق القانون على القضية محل البحث.

هذا ويستلزم التحليل القانوني أربع خطوات : الأولى تحديد الموضوع أو المسألة القانونية

والثانية : تحديد القاعدة أو القانون لذي ينطبق أو تم تطبيقه من قبل على هذه المسألة.

والثالثة : تحديد كيف ينطبق القانون على المسألة مدار البحث، وأخيراً : استخلاص النتيجة.

كما أنّ التحليل القانوني ينقسم بدوره إلى قسمين هما :  التحليل الموضوعي والتحليل الإقناعي .

ويُقصد بالتحليل الموضوعي الكتابات التي تبحث في الموضوع بشكل موضوعي مسألة قانونية وتُقدّم الأسانيد التي تحكمها , وتشرح وتطبق تلك الأسانيد للتوصل إلى نتيجة ما تعرضها , وتكون عادة على شكل مشورة أو توصية أو رأي قانوني.

والمثال الشائع على ذلك ؛ المذكرة القانونية بإبداء الرأي والمذكرات الداخلية والخطابات التي يكتبها المحامي إلى موكلة بشأن مسألة قانونية يُطلب منه إبداء الرأي بشأنها وكذلك ؛ الأحكام القضائية.

ويرتبط هذا النوع من الكتابات بالبحث القانوني لأنه يعتبر عادةً بمثابة بحث في مسألة معينة ينتهي إلى رأي قانوني موضوعي بخصوصها.[29]

أمّا التحليل القانوني الإقناعي فيهدف إلى إقناع صانع القرار بأن يفصل في نزاع معين لصالح موكل المحامي الذي كتبه . ومثال هذا النوع من الكتابات : المذكرات والطلبات التي تُقدّم عادةً أمام المحاكم كما يمكن تقديمها إلى الوسطاء والمحكمين وغيرهم ممن يفصلون في المنازعات.

وبدورها تنقسم المذكرات التي تُقدّم إلى المحاكم إلى نوعين هما : المذكرات التي تقدّم أمام محاكم الموضوع والمذكرات التي تُقدّم أمام محاكم الاستئناف .

ورغم أن المذكرات التي تُقدّم إلى المحاكم شأنها في ذلك شأن المذكرة بإبداء الرأي تُلخص وقائع الدعوى وتعرض مسألة قانونية وتوضح الأسانيد ذات الصلة وتطبقها عليها , فإن الجزء التطبيقي منها , على عكس المذكرة بإبداء الرأي , يُصاغ في شكل مرافعة يترافع فيها كاتبها لصالح وجهة نظر معينة ولا يُقدّم تحليلاً محايداً.

كما يرى البعض أن صيغ الدعاوى والطلبات القضائية والمذكرات المقدمة أمام المحاكم تندرج تحت “الصياغة القانونية” على أساس أنها تصاغ وفق قوالب معينة، بيد أن الأنسب تصنيفها ضمن”الكتابة الإقناعية” لأنّ المحامي يسعى من ورائها إلى إقناع المحكمة بحجج موكله وما يستطيع من خلاله أن يجعل الحكم يميل لصالحه.

الفرع الثالث: طبيعة لغة القانون

تختلف أشكال النصوص القانونية وأنواعها باختلاف الأسلوب المستعمل لتتنوع من عقد ميلاد أو وفاة إلى معاهدة أو اتفاقية أو غير ذلك من الوثائق القانونية،إلاّ أنها تشترك في كونها كلها مصدرا لقاعدة آمرة الأصل فيها تحديد الواجبات وفرض الإلتزامات وخطر القيام بأعمال معينة،بحيث يترتب على مخالفتها جزاءات محددة وهذا ما يؤكده “جيمار” في قوله :

” le droit engendre des textes porteurs de normes ou de régles(de droit),de dispositions et prescriptions contraignantes.y contrevenir expose l’auteur à des sanctions de la puissance publique “.

بمعنى أنّ النص القانوني يحمل في طياته معايير أو قواعد “قانونية”،أحكاما وأوامر مجبرة،قد تعرض من يخالفها إلى عقوبات من طرف السلطة العمومية.

أولا- استخدام صيغة المبني للمعلوم بدلا من صيغة المبني للمجهول

صيغة المبني للمعلوم بدلا من صيغة المبني للمجهول ما أمكن ذلك،لتحديد الفاعل والتركيز على الفعل الذي يصبح مباشرا،كما يستعمل التعبير المبني للمعلوم في الفرنسية أسلوبا مباشرا وقصيرا مقارنة مع نظيره المبني للمجهول.

فاللغة القانونية إذا،هي لغة تخصيصية لأنّها تحتوي على مجموعة المصطلحات القانونية المستعملة في نظام قانوني ما،وتختلف مفردات اللغة القانونية عن مفردات اللغة بشكل عام من حيث هي مصطلحات تدل على مفاهيم قانونية يحدد معانيها بدقة النظام القانوني،وليست مجرد كلمات تنتمي إلى القاموس العام للغة ويحدد معانيها الإستعمال اللّغوي العام،وهذا التعريف ينطبق بشكل عام على الفرق بين المصطلحات من جهة،وبين مفردات اللغة العامة من جهة أخرى،مهما كان مجال تلك المصطلحات العلمي.[30]

ثانيا-الصيغ الآمرة في اللغة القانونية

يقصد بالصيغ اللآمرة،الكلمات التي تحمل طابع الأمر وتحدد قاعدة قانونية للمخاطب بها،وتنحصر في صيغ الإلزام،والإباحة ومنح السلطة التقديرية وسلبها، والحظر، ومنح الحق وسلبه،وتخويل الصلاحيات والإختصاصات والإشتراط.

تعتمد صياغة القواعد القانونية بدرجة كبيرة على استخدام هذه الصيغ،ومن  أهمها:صيغ الإلزام ونتناولها في فرع أول وصيغ الإباحة وتخويل السلطة التقديرية نخصص لها فرعا ثانيا.

1- صيغ الإلزام:

يعتبر الإلزام بعمل ما المهمة الأولى للجملة التشريعية،فأهم ما يميز القاعدة القانونية عن غيرها من القواعد الإجتماعية والأخلاقية والدينية وغيرها أنها ملزمة،ولذلك لا تكاد تخلو الوثيقة التشريعية عموما من فرض التزامات على المخاطبين بها.

تستخدم للتعبير عن هذا المعنى صيغ وعبارات عدة،أهمها”يجب على فلان أن يفعل” ومثالها” يجب على النيابة العامة متى عرضت عليها منازعة…”،و”على فلان أن يفعل” ومثالها:”على صاحب العمل الذي يستخدم خمسة عمال فأكثر مراعاة ما يأتي…”

“ويلتزم فلان بأن يفعل” ومثالها:”يلتزم المورد بأن يقدم للمستهلك…”،ويتعين على فلان أن يفعل” ومثالها:يتعين على المحكمة لدى قيامها بتعيين محكم أن …”.[31]

2-صيغ الإباحة وتخويل السلطة التقديرية:

على عكس صيغ الإلزام التي توجب على المخاطب بها أن يفعل شيئا ما،تستخدم صيغ الإباحة وتخويل السلطة التقديرية لتفيد حرية الإختيار،بمعنى أنّ المخاطب بها حر في أن يفعل أو لا يفعل الحكم المخاطب به،وتستخدم للتعبير عن هذا المعنى،الصيغتان “يجوز لفلان أن يفعل” و”لام الجر”.[32]

1 –  صيغة  يجوز :لكلمة يجوز معنيان:

1 -1- الإباحة(الإستثناء من الحظر):

تجيز صيغة يجوز للمخاطب بها أن يفعل أشياء غير مسموح له،أو لا يمكنه أن يفعلها في حالات أخرى،وهي بهذا المعنى تفيد الإستثناء من حظر،كقولك:يجوز للمسافر أن يفطر.

“يجوز للمستأجر في عقد الإيجار القيام بترميم العين المؤجرة…”أو “لا يجوز للمنتفع من السكن الإجتماعي إعادة التصرف فيه…”

1-2- صيغ الإباحة وتخويل السلطة التقديرية:

تستخدم صيغة “يجوز” لتخويل المخاطب بها سلطة تقديرية لأن يفعل أو لا يفعل،أشياء معينة وفق ما يتراءى له،وليس على سبيل الإستثناء من الحظر.

ومثالها ما 22 من قانون المناقصات المصري :”يجوز بموافقة السلطة المختصة صرف دفعات مقدمة تحت الحساب مقابل خطاب ضمان معتمد…”وقد فسرت أنها تعطي السلطة التقديرية لجهة الإدارة المتعاقدة لأن تصرف أو لا تصرف للمقاول دفعات تحت الحساب تبعا لتقدم العمل.

ومثالها كذلك”يجوز لمجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير العمل تقرير أية قواعد تكون أكثر فائدة للعمال.

2- صيغة لام الجر :

تعتبر لام الجر من بين حروف الجر(من،الباء،والام،الكاف) التي تستعمل أصلية وزائدة  لذا نحاول التفرقة بين حرف الجر الأصلي والزائد وفقا للآتي:

2-1-حرف الجر الأصلي:

فهو الذي يضيف إلى ركني الجملة معنى فرعيا جديدا،وله معنى خاص،وهو يحتاج إلى متعلق مذكور أو محذوف،لمعنى خاص في سياق الجملة،بحيث لا يمكن الإستغناء عنه فيها،كما أنه يرتبط في الجملة بعامل من فعل أو شبه فعل،ومعظم حروف الجر أصلية،يترتب عليها جر الإسم لفظا وتقديرا وأمثلتها أكثر من أن تحصى.

2-2-حرف الجر الزائد:

حرف الجر الزائد ليس له معنى خاص في سياق الجملة بحيث يمكن الإستغناء عنه فيها،وإنما يؤتى به لمجرد تأكيد الكلام فقط،وليس لحرف الجر الزائد متعلق مذكور او محذوف في الكلام،نحو قولهم:”مازارني من أحد”،ونعرب “أحد”:مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه فاعل زارني،وحرف الجر الزائد لا يضيف إلى ركني الجملة معنى فرعيا جديدا،وليس معنى زيادته أنه خال من المعنى أو أنّ وجوده في الكلام مثل عدمه،وإنما يفيد التوكيد وتقوية الربط بين أجزاء الجملة.

وحرف الجر الزائد لا يتعلق كما أنه لا يحتاج إلى عامل يرتبط به من فعل أو شبه فعل، وحرف الجر الزائد له محلان من الإعراب،فأحدهما يجر الإسم من حيث اللفظ فقط بالكسرة أو ما ينوب عنها،كأنما حرف الجر غير موجود، فتقدر لكل وظيفة الحركة المناسبة لها التي يمنع من ظهورها حركة  حرف الجر الزائد،لكن الإسم من حيث التقدير يأخذ الوظائف النحوية المختلفة،تغليبا للمعنى الأصلي أو الوظيفة الأصلية.[33]

إذن،فلام الجر تستعمل أصلية وزائدة،فزيادتها تفيد التوكيد في المواضع التالية:

أ-قبل المفعول به:

وذلك كثير بعد فعل أراد،مثل:”أريد لأتخصص في القانون”،ونعربها:”أريد:فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة،والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا،والام حرف جر زائد،وأتخصص:فعل مضارع منصوب بأن مضمرة،وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا.

والمصدر المؤول من أن والفعل في محل نصب مفعول به،و”فعل “أريد” فعل متعد يطلب مفعولا به،والمصدر المؤول هو المفعول وقد زيدت قبله اللام”.

ب-تزداد بين المضاف والمضاف إليه:

في رأي بعض النحويين وذلك في مثل:”لا أبا لك”،ونعربها:لا”:نافية للجنس، وأبا: إسم لا منصوب بالألف لأنه من الأسماء الستة،وهو مضاف،والام:حرف جر زائد والكاف:ضمير مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه،”والذي دعاهم إلى اللام الزائدة نصب اسم لا،وهو لا ينصب إلاّ مضافا أو شبيها بالمضاف،وعلى ذلك عدوا اللام مقحمة والضمير مضافا إليه.[34]

3- استخدام لام الجر لتفيد منح السلطة التقديرية

أشيع في اللغة القانونية استخدام لام الجر لتفيد أنّ الإسم أو الضمير المجرور بها لديه السلطة التقديرية لأن يؤدي الفعل المعبر عنه بالمصدر الصريح أو المؤول الموافق لها، وبعبارة أخرى، تستخدم لام الجر بالمعنى نفسه الذي تفيده”صيغة يجوز”.مثال:لكل من طرفي التحكيم تعديل طلباته أو أوجه دفاعه أو استكمالها خلال إجراءات التحكيم،لطرفي التحكيم الإتفاق على مكان التحكيم في العقد “.[35]

4-مآخذ على استخدام لام الجر في اللغة القانونية:

لام الجر أحد حروف المعاني،وهي تبنى على الكسر،كقوله تعالى:”لله ملك السموات والأرض”.وتبنى على الفتح عند جرها ضميرا،كقوله تعالى:”له ما في السماوات وما في الأرض”.

تنقسم اللام من حيث الإعراب إلى قسمين،قسم يجر الأسماء والضمائر وآخر يجر المصادر المؤولة،وتعرف اللم الأخيرة بلام الجحود،كقوله تعالى:”وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم.”(الأنفال الآية 33).فللام هنا للجر والفعل منصوب بعدها بأن مضمرة وجوبا،ولذلك يكون مجرورها للمصدر المؤول من “أن” المحذوفة والفعل المضارع.

وتدخل لام الجر على الإسم فتؤثر في إعرابه وتغيره من حالة إعرابية إلى حالة أخرى مغايرة لما كان عليه قبل دخولها،فإذا دخلت على الإسم عملت فيه الجر.

عموما تدل اللام على معنى في غيرها إذا كانت وظيفتها الجر،أما إذا كانت غير جارة فتدل على معنى في نفسها،ويعني ذلك ببساطة أنّ اللام التي يتبعها مباشرة إسم أو ضمير لا تدل على معنى في نفسها وإنما يكمن معناها في غيرها.

نتيجة لذلك  ونظرا لتعدد معاني لام الجر بحسب حالات استعمالها،ولأنّ لام الجر في الأصل ليس لها معنى في نفسها وإنما يستدل على معناها من المصدر المرافق لها مؤولا أكان أم صريحا،فضلا عن التفسير الشائع لها بأنها تدل على تخويل السلطة التقديرية،فإنها قد تفيد أكثر من معنى في الوثيقة الواحدة،بل وربما في المادة الواحدة وهو أمر مكروه في اللغة القانونية إذ يفضل ثبات التعبير واستخدام الصيغة الواحدة بالمعنى نفسه.[36]

الفرع الرابع :قواعد تدقيق معاني اللغة القانونية

عند التعرض للنصوص والسياقات اللغوية أيا كان معناها،فهناك حالتان ينبغي مراعاتهما،هما حالة الإفراد للفظ على حداه،وحالة التركيب للفظ مع غيره،والنظر في هاتين الحالتين يجب أن يكون على التوازي متعاصرين في ذهن المطالع للنص،ثم من خلال تلك العملية بدرجة صعوبة النص أو سهولته،وما فيه من تعقيدات وإشارات مجازية،وما فيه من بساطة في السياق أو كونه صريحا،وقد يحتاج الامر للتأمل والنظر العميق،ولعل إمتلاك أدوات تدقيق المعنى مما يعين على التوصل للمعنى المقصود في وقت أسرع ومنظور أدق،ومن ثم سنتناول كلا من الحالين في الفرعين المواليين:

أولا-التدقيق المعنوي في حالة الإفراد

نعني بقواعد الإفراد النظر في الكلمة ومعناها وتكوينها كوحدة واحدة،وكذلك كل وحدة في السياق تفيد معنى أو تدل عليه في الجملة أو العبارة أو الفقرة او النص بكامله،سواء إن كانت في ذاتها من حيث المعدود دالة على الواحد أم المثنى أم الجمع،أم كونها مكونة من لفظة واحدة أو من أكثر من لفظة،مثل التركيب المصطلحي كوضع التركيب الإضافي أو الوصفي في هذا الخصوص،لذا سنتناول أهم آليات فهم النص من خلال آلية الإفراد اللغوي،وهذه الآلية ينضوي تحتها ما تعلق بالكلمة،ثم ما تعلق بالعلامة،ويقصد بالعلامة علامات الترقيم وفق العناصر الموالية:

 

 

1-المعنى المفرد:

يقصد بالمعنى المفرد تناول جزئيات النص في أصغر وحداتها وهي الكلمة سواء كانت فعلا أوإسما أوحرفا،وكذلك تناول الوحدة اللغوية الأصغرفي حالة تركيبها المفرد،أي انضمام أكثر من كلمة في بعضهم فيفضي إلى معنى جديد قد يقترب من معاني الكلمات المندمجة،والإندماج هنا  معنوي اكثر منه شكلي،فقد يبقى بناء كل الكلمة من حيث الصورة والكتابة كما هو،وقد يفضي هذا التركيب إلى معنى اكثر تخصصا لدى علم أو فن،وذلك كما هومبين أدناه:

1- المعنى اللّغوي:

أ-الكلمة والمصكوكة اللغوية:

معنى الكلام في اللغة يقصد به المعنى اللغوي العام،وهو الذي درج على ألسنة العرب من لغة عربية فصيحة،ومظان التوصل لمعرفة المعاني اللغوية هي كتب اللغة وبخاصة المعاجم،لما يتيحه من الإحتفاظ بالمعاني لكافة المفردات اللغوية،مما كان يستعمله العرب على مدار تطورهم اجتماعيا وعلميا وحضاريا ولغويا،ورصد التطور اللغوي خلال هذه المراحل،من خلال العبارات الشارحة التفسيرية،للكلمات والصياغات اللغوية المميزة،فقد تسبك اللغة مصطلحات تستخدم كما هي للدلالة على معنى معين بقطع النظر عن معاني مفردات هذه المصكوكة اللغوية،وذلك مثل الأمثال والمبادئ الإيمانية ومن نماذج ذلك:

– لا إله إلاّ الله:لإشارة لوحدانية الله واحاديته وعدم الإشراك به سبحانه.

– بلغ السيل الزبى:للدلالة على استشراء الأمر أو التجاوز في انتهاك الحقوق.

– ما وراءك يا عصام:للدلالة على استعلام الأخبار الهامة المنتظرة.

– قطعت جهينة قول كل خطيب:للدلالة على القول الفصل الذي تنتهي به النقاشات والخلافات الحوارية.

والمعنى اللغوي قد نقصده لاستبيان غموض العبارة،وقد نقصده للإستفسار عن معنى تركيب مثل التركيب الإضافي،كقولك:”عبدالله” أو”عمارة البيت”،وقد يكون البحث عن معنى الكلمة الواحدة،ككلمة:”إسلام” و”دين”و”قانون”و”طالب”،وغيرها.

ب-المصطلح المركب:

عبارة عن كلمتين متتاليتين الاولى منهما تدخل في ملك الثانية،والثانية تضاف للاولى لتبينها وتعيينها،ونحتاج لتفسير هذا المصطلح التركيبي،إلى البحث عن عين كل كلمة،ثم نتأمل علاقة الملك بين الكلمة الأولى والثانية،وصلة الإضافة الحاصلة،مثل:”أستاذ الجامعة”،فهنا نرى أنّ الأستاذ يتبع الجامعة وليس العكس،ثم أضيفت الجامعة للأستاذ فميزته عن أي أستاذ،فأخرجه أستاذ الصناعة وأستاذ التجارة وأستاذ القانون،..

التركيب الإضافي نوع من أنواع تخصيص المعاني للألفاظ ذات المعنى العام،أو الألفاظ ذات المعنى الخاص فينقلها التركيب لمعنى أخص،كقولك”القاضي”،فهذه كلمة عامة تدل على معنى في نطاق التقاضي والحكم،ولكن إن قلنا”قاضي محكمة بئر مرد رايس”،فكلمة قاضي شائعة في كل من يقضي،و”محكمة بئر مراد رايس” المكان الذي يعمل فيه القاضي،وهو مباني وهياكل تابعة،أمام”قاضي محكمة بئر مراد رايس” فقد دلت على إنسان يقوم بالقضاء داخل هذه المحكمة،وكذلك مصطلح”عبد الله” فكلمة”عبد” دالة على كل إنسان يعبد معبودا،أي معبود سواء أكان وثن أم صنم أم هوى أو غيرها،وكلمة “الله” علم على الذات الواجب الوجود المستحق لجميع أنواع المحامد،وهو المعبود بحق،فإن ركبنا الكلمتين وصارت “عبد الله” باتت علما على ذلك الإنسان الذي يعبد الله وحده ولا يشرك به.[37]

فهكذا يكون البحث عن المعنى اللغوي من خلال هذه السمات الثلاثة،فقد نحتاج لها جميعا وقد نحتاج إلى واحدة منها او أكثر،وكل ذلك وفق المادة محل البحث والدراسة.

2- المعنى الإصطلاحي:

المعنى الإصطلاحي قد يكون للكلمة او يكون للوحدة اللفظية،والوحدة اللفظية هي المركب سواء الوصفي أو الإضافي أو غيرها،وهو يختلف عن التعريف اللغوي،في حين أنّ التعريف اللغوي يبحث عن المعنى الحقيقي للكلمة في عموم اللغة،فإنّ التعريف أو المعنى الإصطلاحي يبحث عن المعنى الخاص في الإصطلاح،وقد يكون المعنى الإصطلاحي قريبا من المعنى الحقيقي أو يطابقه مثل”عبد الله” فإنّ هذا المصطلح يصدق على الإنسان سواء آمن بالله أم لم يومن،فهو في حقيقته عبد الله،وقد يكون المصطلح بعيدا عن المعنى الحقيقي للمصطلح،مثل الأسماء الأعلام،كالذي اسمه”مؤمن”،وقد يكون ملحدا في الحقيقة ومعرف أنّ الإسم العلمي أو اللقبي وهو ما يلقب به الشخص أو الشيء من انواع المعاني الإصطلاحية.

فالتعريف أو المعنى الإصطلاحي هو وضع خاص إزاء مصطلح معين من أهل بيئة أو أهل فن أو علم معين،بحيث يعرف بين أهل هذا العلم أو الفن بهذا المعنى المعروف عندهم،ولايؤثر فيه جهل غيرهم بهذا المعنى،وذلك مثل معنى “الحكم” فعند السياسيين يعني المنصب الذي بيده سلطة الأمر على مستوى الدولة،و”الحكم” عند أهل القانون يعني تلك الوثيقة الصادرة عن محكمة في دعوى قضائية مذيل بمنطوق ملزم،وغالبا ما يكون قابلا للتنفيذ الجبري،ورغم أنّ الكلمة واحدة إلاّ أنّ دلالتها اختلفت عند أصحاب علمين وفقا لما خصصه كل جانب من معنى لهذا المصطلح.

لذا فكل باحث وعلم له قواعده في وضع في وضع المعاني للمصطلحات الخاصة بهم.

وخلاصة هذه المسألة أنه عند صياغة النص القانوني أو اللائحي أوالتعاقدي أن نكون على دراية تامة بمعاني المصطلحات المعنية،وعند البحث في أي من فروع العلم القانوني أوأي علم آخر،ينبغي التدقيق في اسكناه معاني المصطلحات،سواء من خلال معناها الخاص لدى أصحاب العلم أوالتخصص المعني بالبحث أم من خلال المعني اللغوي للمقارنة وزيادة التدقيق ولتعميق الإستفادة العلمية.[38]

ثانيا- علامات الترقيم:

علامات الترقيم،بالقطع ليست كلاما،ولكنها أشكال ورسوم دقيقة تفصل بين الكلمات والعبارات والجمل،بحيث توضح معاني إجمالية لما قبلها أو لما بعدها،أولما فيها،لأنّ علامات الترقيم قد تكون فردية،أوللعلامة صورةواحدة لشكل واحد،وقد تكون زوجية،أي تكون العلامة عبارة عن جزئين متماثلين يحصران العبارة المعنية بإبراز الحالة المعينة التي تشير إليها علامة الترقيم،كما أنّ لعلامات الترقيم ضوابط مشتركة بين أنواعها وتقسيماتها.

لذا سنتناول أهم العلامات الأساسية لعلامات الترقيم والتي تمثل القواعد العامة للترقيم ولا يسع الكاتب عامة ولا الباحث خاصة الجهل بها،ونتناولها بادتين بضوابط الكتابة بالنسبة لعلامةالترقيم،ثم نعرض لعلامات الترقيم تقسيما وأنواعا،ونتناول هذه الجزئيات من خلال الفرعين التاليين:

1-ضبط علامات الترقيم:

أ-تقعيد علامات الترقيم ودورها:

وظيفة علامات الترقيم هي إبراز معنى الكلام،والإشارة إلى مقاصد العبارات وتوظيفها في السياق،ومن ثم فهي ليست جزءا من الكلام لا مفردا ولامركبا،ولكنها جزء من النص،لكونها تشرير إلى مضامين للمعاني من خلال إبراز وإظهار العلاقة بين الكلمات والعبارات المعنية بالعلامة الموضوعة.

وعلامة الترقيم في كتابتها يجب أن تكون متجاوزة للكلمة،فهي قبل الكلمة أوبعدها أوتكون الكلمة بين جزئياتها،ولا تأتي علامة الترقيم على أي جزء في بنية الكلمة وإلاّ صارت علامات إعرابية كالضمة والفتحة والضمة والكسرة والسكون،وكذلك ليس من دور علامات الترقيم التدخل في أحجام خطوط الكتابة والمسافات بين الكلمات والسطور،ووضعية الكتابة من تجانب لليمين أوتجانب لليسار أو توسط أوتساوي،وغير هذه التفاصيل فإنها تخص أبحاث التنسيق اللغوي في الكتابة،ولا تدخل في مسائل علامات الترقيم،وإن كانت علامات الترقيم من وجهة ضمن التنسيق العام للنص المكتوب.

إنّ المعرفة بعلامات الترقيم ليست حديثة على عالم العربية،بل استعملها علماء العربية وناسخو الكتب منذ أكثر من ألف وأربعمئة عام،فاول كتاب وضعت له علامات ترقيم هو القرآن الكريم،وله نسق ترقيمي خاص،يكاد بعض علاماته لا تستخدمفي غيره،فالفواصل بين الآيات والسور،والأحزاب والاجزاء،وعلامات الوقوف والمدود والإخفاء والإدغام،وغيرهاوكلها علامات ترقيم،وهي تؤدي وظيفة في السياق من حيث ايضاح وجه للمعنى أوللنطق أولغيرها.

وعلامات الترقيم من الكثرة بمكان بحيث يصعب حصرها في مؤلف واحد،كما أنها ليست على نسق واحد لجميع أنواع المكتوبات،فقد يكون لكل علم علامات خاصة به بجانب العلامات الأساسية التي  تمثل القواعد العامة لعلامات الترقيم.[39]

2- ضوابط كتابة علامات الترقيم

علامات الترقيم تكتب مستقلة عن الكلمة فلا تدخل الرسم الإتصالي للكلمة،ولكن تحتفظ برسمها أي شكلها الخاص على الورق المكتوب،ولكن دون أن يكون بينها وبين الكلمة المعنية بعلامة الترقيم فاصلا،فهي ملتصقة بكلمتها،وليست متصلة،والفرق بين الإثنين أنها ملتصقة بمعنى عدم وجود فاصل بينها وبين الكلمة المعنية بها،وغير متصلة بمعنى عدم دخولها في رسم الكلمة.

والكلمة المعنية بعلامة الترقيم هي الكلمة المتممة للمعنى المراد إبرازه في السياق كما سنأتي على بيانه لاحقا.

الفرع الخامس:صيغ الشرط والإستثناء

تحتل صيغ الشرط والإستثناء مكانة هامة في بناء الجملة القانونية،لذا سوف نتناول صيغ الشرط في المطلب الأول،أما المطلب الثاني فنخصصه لصيغ الإستثناء.

أولا-صيغ الشرط:

تتعدد صيغ الشرط من خلال استخدامات بعض الادوات ومن خلال سياق الكلام في الجملة.

1- تعريف الشرط:

يقصد بالشرط،الوضع الذي يجب تحققه قبل أن يصبح الحكم القانوني نافذا وقد يعبر عن الشرط باستخدام أداة الشرط أو يفهم من سياق الكلام.

مثال 1: إذا إلتزم المستأنف،وجب على المحكمة أن تأمر المدعى عليه بأن يودع في المحكمة مبلغا يعادل المبلغ الذي يطالب به المستأنف.

وفي هذا المثال،إذا فعل المستأنف ما يشترط القانون عليه أن يفعله،تكون المحكمة ملزمة بأن تأمر المدعى عليه بأن يودع المبلغ الذي يطالب به المستأنف وإذا لم يلتزم المستأنف،فلا تستطيع المحكمة أن تأمر بالدفع،ومن ثم فإنّ تحقيق جواب الشرط يظل متوقفا على إلتزام المستأنف بالشروط الواردة في المادة،فإذا إلتزم بها تحقق جواب الشرط وإلاّ ظل الجواب معلقا.

مثال2: إذا تخلف المستأجر عن القيام بالإصلاحات المحددة في إخطار يتم الإعلان به بموجب بنود العقد،جازللمالك أو من ينوب عنه دخول العقار وتنفيذ تلك الإصلاحات.

وفي هذا المثال،لا يكفي تخلف المستأجر عن القيام بأي إصلاحات لأن تكون مبررا لإعطاء المالك الحق في دخول العقار وتنفيذها،وإنما يشترط أيضا تحديد هذه الإصلاحات في إخطار يتم الإعلان به بموجب القانون.

فيمكن بذلك تحليل العناصر الرئيسية في هذا المثال على النحو التالي:

الفرض:إذا تخلف المستأجر عن القيام بالإصلاحات.

الشرط:ويشترط أن تكون الإصلاحات محددة في إخطار يتم الإعلان به بموجب بنود العقد.

الفاعل القانوني:المالك أو من ينوب عنه.

الفعل القانوني:يجوز دخول العقار وتنفيذ تلك الإصلاحات.[40]

وتستخدم “إذا”للتعبير عن الشرط المثبت و”مالم” للتعبير عن الشرط المنفي بالطريقة التي تستخدمان بها في اللغة العادية،كما تستخدم أيضا صيغ “بشرط/شريطة أن” “على أن” لتقييد حكم سابق مذكور قبلها في الجملة.

بينما ترد صيغة “بشرط” و”رهنا ب”و”مع مراعاة” قبل الإسم،كما ترد صيغة “بشرط-شريطة أن”قبل الجملة الفعلية.

2-مآخذ على صيغة بشرط/شريطة/على أن

من عيوب صيغة بشرط/شريطة/على أن،أنّ القارئ يظل مضللا من بداية الجملة إلى أن يصل إليها،فيفاجأ بشرط يقيد ما قبله،ويرى “جارنر” أنه لا ينبغي أن يظل القارئ مضللا بحجب وقائع مهمة عنه حتى نهاية الجملة،فعندما نقول “إنّ شيئا ما صحيح” ثم نتبع ذلك بقولنا “بشرط ألاّ يكون…”نكون قد فاجأنا القارئ بشيء غير سار ربما لم يكن يتوقعه.”

ومن ثمة عيبان آخران في هذه الصيغة:

الأول:أنّ استخدامها يؤدي إلى تطويل الجملة بدون داع.

الثاني:أنها تنهي الجملة بطريقة تتناقض مع بيان صريح تبدأ به وعلى حد قول “جانر” فإنّ استخدام هذه الصيغة يشبه كما لو أنّ الصائغ يطلب من القارئ أولا أن يقرأ الجملة ثم يطلب منه بعد ذلك أن يكف عن قراءتها.

ثانيا- صيغ الإستثناء:

يقصد بالإستثناء إستبعاد أو حذف عنصر ما من عدد أو وصف محدد،وقد يكون المستثنى شخصا أو شيئا أو وضعا معينا،ويعني الإستثناء أيضا المخالفة.

ويترتب على الإستثناء إستبعاد شيئ ما من نطاق شيء آخر،بمعنى أنه في غير ذلك من الأحوال،يكون ذلك الشيء المستثنى ضمن المستثنى منه ويشكل جزءا منه.

1-عناصر جملة الإستثناء:

تتكون جملة الإستثناء من ثلاثة عناصر أساسية هي المستثنى منه،أداة الإستثناء، المستثنى.

مثال: حضرالطلاب إلاّ طالبا. فحضر الطلاب: مستثنى منه،إلاّ:أداة الإستثناء، طالبا: مستثنى .

2- أدوات الإستثناء:

يأتي الإستثناء في اللغة العربية في أربع صور: إلاّ، غير، سوى، خلا، عدا، حاشا، باستثناء، “ماخلا”، ماعدا،”ما حاشا”.

مثال:تعتبر بيوعا عقود التوريد التي يكون موضوعها صنع بضائع أو إنتاجها إلاّ إذا تعهد الطرف الذي طلب البضائع بتوريد جزء مهم من العناصر المادية اللاّزمة لصنعها أو إنتاجها.

ثالثا-استخدامات الإستثناء في اللغة القانونية:

تتعدد استخدامات الإستثناء في اللغة القانونية بحسب الحكم في الجملة القانونية وفق الحالات التالية:

1- في حالة وجود نص في القانون خلاف ما ينص عليه الحكم في الجملة :

وتسخدم هنا التعبيرات التالية:

مالم ينص على غير ذلك-مالم يرد فيه نص خلافا لذلك-مالم ينص القانون على غير ذلك-مالم يوجد نص في القانون يقضي بغير ذلك.

2- اتفاق الطرفين المتعاقدين على خلاف ما ينص عليه الحكم القانوني في الجملة:

وتستخدم التعبيرات التالية:

مالم يتفق المتعاقدان على غير ذلك-مالم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك-مالم ينص الإتفاق على غير ذلك.

3-وجود عرف يقضي بغير ما ينص عليه الحكم القانوني في الجملة:

هنا تستخدم التعبيرات التالية:

مالم يوجد عرف يقضي بغير ذلك-مالم يجر العرف على غير ذلك-إلاّ إذا جرى عرف التجارة على غير ذلك.

وقد استثنى عبارة الإستثناء من الحكم القانوني في الجملة حالة واحدة أو أكثر من الحالات الثلاثة السابقة،كما في الأمثلة التالية:

– مالم ينص القانون أو الإتفاق على غير ذلك.

– مالم يتفق أو يجر العرف على غير ذلك.

– مالم يوجد نص في القانون أو عرف يقضي بغير ذلك.

-إ لاّ إذا نص القانون أو جرى العرف على غير ذلك.[41]

الفرع السادس:الترجمة وطرق اكتساب اللغة القانونية

إنّ الحديث عن إشكالية الترجمة القانونية يستدعي نظرة شاملة ومتكاملة للترجمة القانونية لأنه إذا ما اطلعنا على أراء العديد من اللسانيين القانونيين والمشتغلين بالترجمة القانونية بدا لنا وكأن الترجمة القانونية تختزل في مسألة لغات ومصطلحات .و هو رأي كثيرا ما يتبناه القانونيون في حد ذاتهم وإذا كان  صائبا فإن من يتقن لغتين قانونيتين سيتمكن من ترجمة أي نص قانوني مهما كان نوعه سواء كان عقدا أو اتفاقية أو معاهدة أو غير ذلك.

لكن الواقع يثبت عكس ذلك،ففي حال وجدنا ترجمات قام بها قانونين مزدوجي اللغة فهي لا ترق إلى مستوى ترجمة تحترم عبقرية اللغة الهدف وثقافة  المتلقي الهدف .  يتجسد هنا موقف مغاير تماما ينخرط فيه بعض المهتمين بالترجمة القانونية الذين حاولوا إدراك الترجمة القانونية بطريقة مختلفة فبدلا من نقل الكلمات تحدثوا عن ترجمة النصوص القانونية و”بالرغم من التشديد على المحافظة على حرفية القانون فإن الترجمة القانونية ليست عملية نقل لمجموعة من كلمات من لغة إلى أخرى  كما هو الشأن بالنسبة لميادين الترجمة الأخرى فإن الوحدة الأساسية  في الترجمة هي النص وليست الكلمة.[42]

تختلف الترجمة القانونية بحسب وضعيات المتلقي التي قد  يكون فيها غير متمرس في القانون أو  متمرس يستعمل  معارف قانونية أو  مختص في القانون وممارس،يملك  ثقافة عامة فقط يستطيع التعامل مع المسألة قانونيا إلا أنه يرى بأن المترجم  القانوني هو  متمرس ومهني.

أما فيما يتعلق بصعوبة الترجمة القانونية يرى  بيلاج أنها مردها إلى غياب مرجع عالمي référent  universel أي أن القانون يختلف من حيز جغرافي إلى أخر ومن زمن إلى أخر ومن ثقافة قانونية إلى أخرى،عكس الميادين التقنية الأخرى مثل علم  الرياضيات أو علم الفيزياء .

وبالفعل هذا ما تواجهه النصوص التشريعية الجزائرية المترجمة من القانون الأصل الفرنسي الاتي طالما أثارت إشكالات في اختلاف المعنى الذي قصده المشرع بين النصين العربي والفرنسي.

أولا- الترجمة في العلوم القانونية:

الترجمة فن قديم تعني نقل أو تحويل الكلام والأقوال والأفكار والعبارات من لغة إلى أخرى مع المحافظة على روح القول والنص المنقول، وهذا عمل شاق وفن ابتكاري (إبداعي) وحرفة مهمة جداً، وفي الوقت نفسه مسؤولية وأمانة وعلم وبراعة لها مبادئ وأساليب. ويقال أيضاً إن الترجمة هي تعبير بلسان واضح عن لسان غريب. وللمترجم آداب وخصوصيات منها القدرة على اختيار واستعمال الكلمات المرادفة أو البديلة والمصطلحات الفنية المناسبة حسب الموضوع لنقل وتعبير الكلام والنصوص من لغة إلى أخرى شفهياً أو تحريرياً بوضوح وبشكل مبسط ومفهوم وسلس دون تغيير أو غموض، معبراً للشعور نفسه والمفهوم الوارد في النص الأصلي، لذا فإن الترجمة بصفة عامة تحتاج إلى مهارة عالية وخبرة كافية وخلفية ثقافية في اللغات المستخدمة وميول وإلمام بالموضوع المراد ترجمته، وأهم من ذلك الإخلاص والأمانة والدقة في البيان.

هناك أنواع كثيرة من الترجمة لا يمكن حصرها في هذه السطور، ولكن لسهولة الفهم يمكن تقسيم هذه الأنواع إلى قسمين رئيسين هما: الترجمة الأدبية وهي الكلاسيكية الحرفية.

الترجمة العلمية وهي الترجمة الفنية الموضوعية بأنواعها.

الترجمة القانونية: في مفهومها العام يأتي ضمن قسم التراجم العلمية، وأريد أن أتحدث فيها بالتفاصيل لأهميتها.. نظراً لأن لها مفاهيم وأساليب وأهدافا.. والمعروف عموماً أن ” القانونية” تنصب على المستندات والمحررات ذات المواضيع والصيغ القانونية، مثل العقود والأحكام أو الصكوك الشرعية، وبالتالي فإن ترجمتها إلى لغة أخرى تعتبر ترجمة قانونية بغرض تحديد قصد الصيغ والمصطلحات القانونية بدقة..

في تصور البعض فإن التركيز على الجوانب القانونية في المستند حين ترجمته يعد ترجمة قانونية، في حين أن هذا المفهوم والتعريف في الواقع غير كاف، حيث إن الترجمة القانونية – من وجهة نظر القضاء ورجال القانون – هي الترجمة التي صاغها المختص قانوناً بمعنى أنها تتم وتعتمد عن طريق الشخص أو الإدارة التي حددها النظام كي تثق وتصادق على الورقة المترجمة من لغة إلى أخرى من حيث المفهوم والحجية بصرف النظر عن موضوعها (سواءً كان الموضوع قانونيا أم غير قانوني). والهدف من ذلك هو إيجاد صيغة مناسبة وبديلة ومطابقة للمستند نصاً وموضوعاً يراعي فيه المترجم الأعراف والمصطلحات ذات الصلة بالموضوع ويبرز المفهوم الأصلي دون أي اختلاف أو غموض ومن ثم اعتماد الترجمة من الجهة التي حددها القانون وبعد ذلك يطلق عليها ”ترجمة قانونية”.[43]

وقد تكون هذه الجهة وزارة العدل أو إدارة التعليم أو وزارة التجارة أو مكتبا مرخصا أو معهدا تقرره الوزارة أو المحكمة نظاماً.. لأن الحاكم أو القاضي إذا عرضت عليه مذكرة في لغة أجنبية قد يعرفها لكن لا يفهمها تماماً فإنه يطلب ترجمة قانونية لهذا المستند، بمعنى أنه يرغب ترجمة معتمدة موثوقة حتى يستطيع أن يبني الحكم عليها دون تحمله أية مسؤولية في ذلك طالما لم يثبت عدم صحتها.. وقد يكون المستند شهادة أو إقرارا أو تقريرا طبيا أو هندسيا أو محاسبيا، وكل هذه المستندات يترتب عليها عمليات خطيرة ونتائج معينة وبعيدة المدى.

لذا فإنّه يحتاج إلى ترجمة صحيحة ودقيقة وفي الوقت نفسه تكون معتمدة طبقاً للنظام أي ترجمة قانونية ورسمية تقوم مقام المستند الأصلي، ونحن نشاهد عملياً أن الإقرارات والمستندات والوكالات المحررة بلغة أجنبية عن العربية لدى تقديمها للمحاكم والجهات الرسمية يستوجب ترجمتها واعتمادها طبقاً للنظام والوثائق الطبية تعتمد من وزارة الصحة والشهادات التعليمية من إدارات التعليم المختصة.

أمّا المستندات التجارية فيتم ترجمتها من قبل مكاتب معتمدة في وزارة التجارة ومن ثم التصديق عليها من قبل الغرف التجارية والقنصليات الأجنبية (إذا دعت الحاجة)، وكل هذه الجهات تقوم بمصادقة الأوراق لتكون قانونية أو رسمية، وهذا العمل أي إعطاء الصبغة القانونية للمستندات أو إجازتها قانونياً معروف دولياً في التعاملات التجارية، وقد تشتمل هذه الأوراق على تراجم من لغات مختلفة أو يكون المستند محررا في أكثر من لغة. وفيما يتعلق بالترجمة القانونية باعتبارها ترجمة موضوعية وفنية وكل موضوع يخص علمه ومصطلحاته مثل الفيزياء والجغرافيا والبترولوجيا أي علم الصخور أو علم الطب والهندسة.. إلخ [44]

وترجمة كل من ذلك تعتبر ترجمة موضوعية بحتة، فإذا اعتمدت نظاماً نقول إنها أصبحت ترجمة قانونية.. وكذلك يأتي موضوع القانون وترجمته لا تعتبر ترجمة قانونية إلا إذا روجعت واعتمدت طبقاً للنظام كما ذكر آنفاً.. وكل موضوع يحتاج إلى مترجم متخصص ذي إلمام بالموضوع نفسه ومصطلحاته، وكذلك موضوع القانون يتطلب رجل قانون متخصص، لأن مسؤولية الترجمة هنا تكون في غاية الأهمية بسبب تحديد الواجبات والالتزامات، وهي ترجمة فقهية متصلة بموضوع فقهي وشرعي يلتزم فيه المترجم الصياغة بحرفية قانونية وترتيب المصطلحات والعبارات جيداً تأخذ الترجمة مقام النص الأصلي المصدر، وحيث إن الوثيقة القانونية أو الصك الشرعي يحمل صيغا قانونية ذات أسلوب وسياق معين له مفردات ومصطلحات خاصة يستخدمها القانونيون فقط.. فترجمتها إلى لغة أو لغات أخرى يحتاج إلى ثقافة قانونية عالية لدى المترجم وإلمام بالمصطلحات القانونية، وأيضاً يتطلب درجة عالية من الإتقان لقواعد اللغات المستخدمة لإعطاء معنى معين دقيق دون لبس يحدد مراد القول من قائله دون تنقيح أو تلخيص أو تبسيط، ثم يتم مراجعة هذه الترجمة من قبل الجهات المختصة لاعتمادها..

فالقانونية أصبحت تنصب على المطابقة والاعتماد رسمياً وليس بالضرورة أن يكون المستند قانونيا. أما المترجم القانوني فهو الشخص المعتمد الذي أناط به القانون أعباء الترجمة وهو يؤديها بكفاءة تامة ومهارة وأمانة.. والمترجم يعتمد على ممارسته وحسن فهمه للموضوع أكثر من العلمية أو المنهجية. وتختلف الترجمة والأسلوب من شخص إلى آخر، وكل مترجم له شخصيته المنفردة وأفكاره ومزاجه الخاص وطريقة النقل من اللغة الأصلية إلى اللغة الهادفة مع مراعاة انتماء المترجم إلى إحدى اللغتين وفي أكثر الأحوال الترجمة تكون جيدة إذا كان المترجم ينتمي إلى اللغة الهادفة أي المترجم إليها وفي ( اللغة الأم) للمترجم.

ولا يمكننا أن نتجاهل أهمية اللغات الأجنبية خصوصاً الإنجليزية والفرنسية في عصرنا هذا باعتبارها أكثر انتشاراً في العالم، وكذلك الترجمة من وإلى اللغة العربية والتي تحتاج إلى ضبط ودقة لأن كلمة واحدة في اللغة الإنجليزية قد تكون لها أكثر من عشرة معان وهكذا كلمة عربية قد تكون لها عدة مرادفات في الإنجليزية، لذا هنا تظهر ملكة المترجم في حسن الاختيار واستعمال الكلمات المناسبة والبديلة للنص العربي المنقول بالإنجليزي أو العكس، حيث أنه لوحظ كثيراً وجود نقص بسيط أو عدم التوازن في العقود المترجمة إلى اللغة الإنجليزية أو العكس واكتشفت بعض الثغرات القانونية التي جاءت ضد الجانب العربي بتغيير حرف أو كلمة واحدة وأدت إلى خسائر باهظة لأحد الأطراف وسوء تفاهم لا نهاية له، وبهذا السبب بدأت فكرة وضع نص في العقد أن النسخة العربية ستكون هي المرجع في حالة أي نزاع قد ينشأ بين الأطراف، ومما لا شك فيه أن الترجمة القانونية صحيحة من وإلى اللغة الإنجليزية – اللغة الدولية – أصبحت مهمة جداً في عصر العولمة والتجارة الإلكترونية لمواكبة التغيرات والأحداث والتعاملات العولمية ..[45]

إنّ الترجمة القانونية هي قبل كل شيء ترجمة بين لغتين تعبّران عن نظامين قانونيين مختلفين.

هذا يعني أنّ المصطلح القانوني محددا سلفا بالنظام القانوني الذي ينتمي إليه هذا المصطلح،فلا يمكن ترجمته إلاّ من خلال ذلك النظام القانوني،لذا على المترجم الإلمام بالنظامين القانونيين معا للغة المنقول منها واللغة المنقول إليها ويعتمد في ترجمته على مبدأ التكافؤ الوظيفي.[46]

تُمثل الصياغة القانونية الركن الأساسي في الترجمة القانونية، فبدخول علم الترجمة القانونية جيلها السادس أصبحت الترجمة القانونية تقوم بشكل رئيسي على الصياغة القانونية. وتخضع الصياغة القانونية -سواء باللغة العربية أو الإنجليزية- لعدة معايير أساسية تشكل في النهاية قوام الوثيقة القانونية وتجعلها مقبولة وصحيحة من الناحيتين القانونية واللغوية.

إنّ الترجمة القانونية رغم أنّها تنتمي إلى الترجمة العامة وأنّ مراحل  الترجمة المتمثلة في القراءة والفهم والانسلاخ اللغوي وإعادة الصياغة في اللغة الهدف، غير أنه تتمثل خصوصية الترجمة القانونية في اتصالها بالقانون ولغته إذ تقتضي  على الباحث في ميدانها وعلى المترجم المشتغل فيها الإلمام بالإشكاليات التي تطرحها الترجمة القانونية.

إنّ إشكالية الترجمة القانونية متشابكة وفلا يمكن الحديث عن الترجمة القانونية دون التطرق إلى القانون أو  الأنظمة القانونية التي يندرج ضمنها أي نص قانوني، إضافة إلى تكوين المترجم القانوني الذي ينبغي أن متخصصا كي ينتج نصا قانونيا هدف يتكافؤ مع النص القانوني الأصلي على المستويين الترجمي والقانوني. والأمر ذاته ينسحب على الخطاب القانوني فكلما تم تحديد لغة النص ضمن نمطية المقترحة المبنية على الطابع الدلالي البراغماتي (الذارئعي)،والخطاب القانوني باعتبار أن القانون يتجسد فقط من خلال اللغة وهو ما يتطلب دراسات معمقة خصوصا في اللغة القانونية العربية التي لم تحظ باهتمام كبير من لدن القانونيين واللسانيين عكس ما نجده في اللغات الأخرى على غرار اللغة القانونية الفرنسية.

لكي يوفق  المترجم في عملية الترجمة  عليه التركيز على عبقرية اللغة الهدف سواء كان ذلك يتطلب من المترجم خبرة وتكوينا منهجيا كي يقوم  المترجم بدور الوسيط  مابين لغوي وما بين ثقافي بعدما كان مجرد ناسخ أو ناقل للغة.

ثانيا- طرق اكتساب اللغة القانونية:

تتنوع طرق اكتساب اللغة القانونية فيمكن تلقيها عن طريق القراءة،الكتابة أو الإستماع والمحادثة.

1-القراءة: تعتبر من أهم المهارات التي من شأنها أن تمكن الباحث القانوني من اكتساب اللغة القانونية إلى جانب الكتابة.

2- الكتابة: لأسلوب الكتابة لأهمية كبيرة في تحويل أغراض التشريع إلى مجموعة متماسكة من القواعد المنسجمة والواضحة والتي يسهل استخلاص الأحكام القانونية منها على الوجه الذي ينسجم مع أغراض التشريع،ويستحسن الأخذ بعين الإعتبار المقترحات التالية:

1-الكتابة في المجال القانوني يستحسن أن تكون واضحة والصياغة بسيطة وموجزة.

2-تكوين النصوص من عبارات ذات دلالة على المعنى المقصود من النص.

3-تجنب استخدام عبارات أو مصطلحات تدل على جنس معين.

4-في حال أنّ محتوى النص يشير إلى عدد من الحالات أو ينظم أكثر من شأن،أو يتضمن شروطا لبعض الحالات التي هي جزء من مضمونه يفضل تحديد عناصر النص وتقسيمها عند الصياغة إلى إجراء على شكل فقرات.

5-ضبط التعريفات:التعريف هو تخصيص للمعاني التي رمى لها المشرع لفهم دلالة العبارة،لذلك ينبغي استخدام التعريفات فقط عندما يكون معنى المصطلح مهما لفهم وتطبيق التشريعالمقترح أو إذا تمّ استخدام المصطلح بشكل متكرر في التشريع كما يفترض أيضا عند وضع التعريفات مراعاة المعاني التي خصصت لها العبارة المعرفة في القوانين القائمة.

ويمكن تلخيص سمات الجملة القانونية لغويا في الغالب الأعم بما يلي:

– طول الجملة القانونية بشكل مبالغ فيه واعتمادها دائما في التراكيب المعتمدة.

– التباعد بين أجزاء الجملة التي تكون في الجمل العادية عادة بجوار بعضها.

3-الإستماع والمحادثة:

أ-الإستماع:إنّ القدرة على على الإصغاء بشكل جيد بمثابة الدواء السحري،الذي يؤتي ثماره الجملة،لإنجاح أية قضية طرح يتفاهم بين اثنين أو أكثر بهذه القدرة-بلا شك-تتطلب قدرا كبيرا من الأمانة مع الذات فضلا عن التواضع وضبط النفس،إنّ الإصغاء ضرب من الفنون الجميلة التي تحتاج إلى مهارة فائقة .

 

ب- المحادثة:الحديث أو المحادثة هي فن إجتماعي فمن خلال الملاحظة والتجربة من الممكن أن يصبح الشخص الخجول شخصا ماهرا في إدارة أي نقاش وسط جماعة وليس مع فرد واحد فقط بعينه،فهل تتخيل مدى الجرأة التي سيصل إليها هذا الشخص باتباعه قواعد المحادثة لكي يلتف الآخرون من حوله لتبادل الآراء حوا موضوع عام أو خاص ومن القواعد الأولية أن تكون لطيفا تبدي إهتماما بأقوال الآخرين.[47]

 

 

[1] : محمد أمين المهدي:لغة القانون في ضوء علم لغة النص-دراسة في التماسك النصي،ط1،دار الكتب القانونية، دار شتات للنشر والبرمجيات،مصر،2010،ص6.

[2]:سليمان بن عبد العزيز العيوني:الضوابط اللغوية للصياغة القانونية،مجلة العلوم العربية، عدد 29، 2012، ص209-210.

[3]:إبتسام بن بوضياف:ترجمة القانون الدولي بين الحرفية والتقنيات الترجمية(دراسة تحليلية نقدية مقارنة لميثاق الأمم المتحدة)،مذكرة ماجستير في الترجمة،2016،جامعة الإخوة منتوري،جامعة قسنطينة،ص18.

[4]:غالب الداودي:مدخل إلى علم القانون،منشورات دار وائل للطباعة والنشر، ط7، عمان، 2014، ص10.

[5]:عبد القادر الشيخلي:الصياغة القانونية،دار الثقافة للنشر والتوزيع،عمان،الأردن،ط1،2014،ص312.

[6] :Gérard cornu :la linguistique juridique,paris,Montchrestien ;1990,p43.

[7] :Claude bocquet,la traduction juridique,fondement et méthode,de Boek ,Bruxelles, paris,2008,p10.

[8] : Ibid.

[9] : ابتسام بن بوضياف،نفس المرجع السابق،ص20.

[10]:نفس المرجع أعلاه،ص21.

[11] :Cornu.G :Linguistique juridique,édition Montchrétien2000,introduction,p9-46,cité aussi par Eliane Damette,op.cit,p88.

[12] : عبد القادر الشيخلي:الصياغة القانونية تشريعا،فقها،قضاءا،محاماة،ط1،دار الثقافة للنشر والتوزيع، الأردن، 2012،ص314.

[13] : زهرة عبد الباقي،نفس المرجع السابق،ص26

[14]:بوالمرقة أمينة:ترجمة بعض المصطلحات والمفاهيم المستمدة من القانون الإسلامي إلى اللغة الفرنسية (حال الزواج وانحلاله في قانون الأسرة الجزائري أنموذجا”،مذكرة ماجستير،قسم الترجمة،جامعة منتوري، قسنطينة،2007،ص19.

[15]  : زهرة عبد الباقي،نفس المرجع السابق،ص27

[16] :عبد القادر الشيخلي،نفس المرجع السابق،ص312.

[17] :عادل الخصاصي،محاضرات في الصياغة القانونية،السنة الجامعية 2012-2013.

[18] :Eliane Damette :Didactique du francais juridique ;éditions L’Harmattan,2007,p88.

[19]:أيمن كامل السباعي:محاضرات في الترجمة القانونية،مدخل لترجمة العقود،جمعية المترجمين واللغويين المصريين 2008 على الموقع الإلكتروني: http :twitmail.com

[20]  : عبد القادر الشيخلي:الصياغة القانونية،المرجع السابق،ص315.

[21] : زهرة عبد الباقي،نفس المرجع السابق،نفس المرجع،ص 316.

[22]: محمود محمد علي صبره:أصول الصياغة القانونية باللغة العربية والإنجليزية مع شرح واف لأهم خصائص اللغة  القانونية،دار الكتب القانونية،دون طبعة،دار شتات للنشر والبرمجيات،مصر-الإمارات، 2012، ص19.

[23]: نسرين سلامة محاسنة:مهارات البحث والكتابة،دار المسيرة،الطبعة الأولى،2011،ص135.

[24]:نفس المرجع أعلاه،ص138.

[25] نسرين سلامة محاسنة: مهارات البحث والكتابة،دار المسيرة،2015،ص140-141.

[26]:نسرين سلامة محاسنة،نفس المرجع السابق،ص42-43.

3: زهرة عبد الباقي:إشكالية ترجمة مصطلحات قانون الجنسية الجزائري،مذكرة ماجستير،جامعة أبي بكر بلقايد، تلمسان، 2014-2015،ص24.

[28] :نسرين سلامة محاسنة،نفس المرجع السابق،ص42-43.

[29] :شادي جاسر:اللغة القانونية،مقال  بتاريخ 3 ماي 2013 على  الخط

[30] : زهرة عبد الباقي،نفس المرجع السابق،ص28.

[31]: محمود محمد علي صبره:أصول الصياغة القانونية باللغة العربية،المرجع السابق،ص74.

[32]  : محمود محمد علي صبره،نفس المرجع السابق،ص78.

[33]:محمد أحمد شحاتة حسين:الصياغة القانونية لغة وفنا،ط2،المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية، 2017، ص180.

[34]: نفس المرجع أعلاه،ص183.

  [35]: محمود محمد علي صبره:أصول الصياغة القانونية باللغة العربية،المرجع السابق،ص82.

[36]  :محمود محمد علي صبره:أصول الصياغة القانونية باللغة العربية،المرجع السابق،ص85

[37]: محمد أحمد شحاتة حسين:الصياغة القانونية لغة وفنا،المرجع السابق،ص189.

[38]: محمد أحمد شحاتة حسين،نفس المرجع السابق،ص191.

[39]: محمد أحمد شحاتة حسين:الصياغة القانونية لغة وفنا،المرجع السابق،ص193.

[40] :محمود محمد علي صبره،المرجع السابق،ص276.

[41]  :محمود محمد علي صبره،المرجع السابق،ص300

[42]:محمد هشام بن شريف:تصورات حول إشكالية الترجمة القانونية من الفرنسية إلى العربية،مقال منشور بمجلة tradtec    العدد 15 لسنة 2016،ص4.

[43]:حسام لطفي توفيق:أهمية الترجمة القانونية،مقال منشور على الخط ماي 2010 عبر الموقع:

www.aleqt.com

[44]: حسام لطفي توفيق:أهمية الترجمة القانونية،مقال منشور على الخط ماي 2010 عبر الموقع:

www.aleqt.com

[45]: حسام لطفي توفيق:أهمية الترجمة القانونية،مقال منشور على الخط ماي 2010 عبر الموقع:

www.aleqt.com

[46]:نسرين سلامنة محاسنة،نفس المرجع السابق،ص42-43.

[47] :bibliojustiste.club