تفصيل

  • الصفحات : 85 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2023،
  • الغلاف : غلاف مقوى ،
  • الطباعة : الأولى،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-580-5.

مقدمة:

تراث كل أمّة هو رصيدها الباقي وذخيرتها الثابتة، والأمم بماضيها قبل أن تكون بحاضرها وما حرص الأمّة العربيّة على تراثها إلا لكي تعيش حاضرا موصولا بالماضي وأوّل مالنا من هذا التراث لغته التي كُتب بها والتي سطّرت نصوصا خالدة، فلطالما كانت ولا تزال الآثار النقليّة جوهر المادّة التاريخيّة، وتراث الأمّة المخطوط جزء أصيل من كيانها وبإحيائه ونشره تتسامى صعودا في مراقي المجد والحضارة، كونه لايزال يحمل في كثير من جوانبه معاني الابتكار والتجدّد، لعّل أهمها الحكم على المؤلِف وعلى عصره والتأريخ لفكره، فإلى جانب اعتبار أنّ في الحفاظ على المخطوط حفاظ على الهوية الوطنيّة فلابد أيضا من التشديد على أهميّة فكرة الحماية القانونيّة لحقوق هذا المؤلِف في مجال الملكيّة الفكريّة، إضافة إلى الاهتمام بتراجم هؤلاء الأعلام ورصد الخصائص الفرديّة التي تميّز أعمالهم  والتي تحمل في ثناياها الحياة الجماعيّة في ذلك العصر، لذا كان لابد من معرفة كل تلك الإنسانيّة التي أفصحت عنها، وتلك التضاريس الفكريّة والعاطفيّة والقوميّة التي أنبتت هذا الفكر.

غير بعيد عن هذا السياق نحط الرحال في إحدى ولايات الوطن إنها مدينة غروب الشمس تيسمسيلت والتي تُخفي وراء شموخ جبالها شموخ أعلام سطّروا نصوصا خالدة، إلّا أنّ منهم من سقط من الذاكرة الجماعيّة إما سهوا أو إهمالا أو بسبب اعتراض بعض مُلاّك أعمالهم جهلا منهم أو بحجّة الخوف من ضياعها والاعتقاد في قداستها، ومن أعلام المنطقة نخصّ الحديث في هذا المؤلَّف حول علمٍ لا يكاد يتعدى صيته حدود أحفاده الذين يُعدّون على الأصابع أو جدران ذاكرة عجائز عايشوه في فترة من الفترات، أو تضاريس منطقة شبه نائيّة، غير أنّ ما تركه يستحق كسر هذه الحدود ورؤية النور.

ولأسباب ذاتيّة تتعلق بانتمائي لعائلة الشيخ(رحمه الله) وغيرةً على ما تركه من أثر وسيرة يستحقان رؤية النور والذي أحسبه مبادرة ونقطة قوة وإضافة لا ميولاً ذاتيّا غير مبرّر، إضافة إلى أسباب موضوعيّة تتعلق بالمادة التي خطّها وتركها الشيخ(رحمه الله) وهي تُحسب لمكتبة الولاية وتراثها المادي المخطوط، أبيت إلاّ الاجتهاد والاشتغال على هذا المؤلَّف منذ سنة 2014م وتقديمه في شكل مكتمل قدر الإمكان مادّةً وتوثيقًا وأمانةً.

سار بناء هذا المؤلَّف مسارً ممنهجًا في إطار منظّم جمع بين قسمين: الأوّل وتمثّل في ترجمة للشيخ امحمد بن عمر بناني(رحمه الله) وتتبّع لسيرته وحياته في شريط كرونولوجي لروايات شفويّة وحقائق تاريخيّة جمعتُها موثّقة بصور ووثائق تثبتها وتقدمها في صورة واضحةٍ أمينةٍ قدر المتاح من تعاون داخل العائلة وخارجها من أساتذة وبعض من أهل الاختصاص، تضمن مولده ونشأته، لقبه ونسبه، المواضيع التي كتب عنها، المؤلفات التي نسخها، والمخطوطات المتوفرة، أما القسم الثاني فخُصّص لدراسة وصفيّة للمخطوطات المتوفرة سعيت فيه جاهدة لتقديم صورة دقيقة لكلّ مخطوط بأمانة عالية رغم الإمكانيات المحتشمة، كون الدراسة تحتاج التعمق الأكثر والوقت الأكبر وأهل الإختصاص في ميادين عديدة فيما يتعلق بتوثيق الخطوط ونوع الورق ومادّة الحبر، وذُيّل الكتاب بثلاث ملاحق الأوّل خاص بصور المخطوطات التي تمّ وصفها، والثاني خاص بصور بعض المناطق التي شغلها الشيخ وصور لأحفاده، والثالث خاص بالوثائق المصوّرة التي تثبت الحقائق المطروحة.

وكل الشكر والامتنان لله عز وجل وليّ التوفيق وتقديري لكلّ من ساندني من عائلتي الكريمة: على رأسهم الوالدين الكريمين وحفيده الأستاذ محمد بناني، وأساتذتي: الدكتور فايد محمد، الدكتور غربي بكاي، الدكتور مصابيح محمد، الأستاذ والخطاط فرجاني جيلالي، ومن آمن بجهدي سندي وليد هنان.

د. بناني شهرزاد