تفصيل
- الصفحات : 207 صفحة،
- سنة الطباعة : 2019،
- الغلاف : غلاف مقوى،
- الطباعة : الأولى،
- لون الطباعة :أسود،
- ISBN : 978-9931-691-90-7.
شهدت الساحة البحثية في تاريخ العصر الوسيط بصفة عامة، بزوغ توجهات بحثية جديدة، كانت تطبيقالما إكتشف من نظريات تاريخية تصب في صالح هذا التوجه، وبشكل أخص في أوروبا، التي كانت سباقة في تغيير طبق البحث التاريخي وأدوات تناوله، لقد دشنت هذه الأخيرة عهدا جديدا، كان من أبرز مميزاته التجافي عن البحث في التاريخ السياسي، بما يحويه من خبايا البلاطات، والحروب بين الدول، ومعاهدات السلم، وكل مايتعلق بشؤون الحكم، إلى البحث في تاريخ النظم الإجتماعية، والإقتصادية، والثقافية، وتاريخ الذهنيات، أو بعبارة أخرى نقل البحث من الحاكم إلى المحكوم.
لقد أحس المؤرخ أن حصر البحث التاريخي في الجوانب السياسية والعسكرية، يسير في طريق معبد غير أنه لايؤدي إلى الهدف المطلوب، لذلك سعى العديد من المؤرخون والفلاسفة إلى إمعان النظر من جديد في مفهوم مصطلح التاريخ، وتفكيك بنيته التي تشكلت من تراكمات عبر مختلف العصور، ليضعوا مفهوما جديدا له، موسعين حيز البحث، ومتفتحين على مصادر تاريخية جديدة كانت مصنفة خارج دائرة البحث، ولعل مدرسة الحوليات بزعامة فرناند برودال هي أشهر مدرسة قدمت الجديد في البحث التاريخي، خاصة بابتكاره نظرية الزمن الطويل، التي سمحت للباحث بتمديد الفترة الزمنية بالنسبة للتاريخ الإجتماعي لإكتشاف مختلف التغيرات أو التموجات الذهنية كما سماها.
في هذا الإطار انتقل هذا التوجه البحثي إلى مؤرخي تاريخ الغرب الإسلامي، وبرزت بعض الأقلام التي دشنت البحث بتطرقها لمجموعة من المواضيع، وتمكنوا من قطع أشواط لابأس بها رغم وعورة مسالكه،غير أن المسيرة لم تكتمل بعد، والتحدي الآن واقع لامحالة على عاتق الرعيل الجديد من الباحثين الشباب لفك مضمراته، وتذليل مسالكه، وإثراء الساحة البحثية بأبحاث جادة تعالج إشكاليات بعمق منهجي، وطرق أبواب المواضيع المسكوت عنها، والتي يشكل بعضها طابوهات، بينما هي في حقيقة الأمر في أمس الحاجة لمعالجتها وإزالة الغموض الذي يلفها.
في هذا الإطار تجمعت لدي في السنة الماضية مجموعة من الأبحاث التي شاركت بها في ملتقيات وطنية ودولية، وأخرى ظلت حبيسة الأدراج، فآثرت نشرها لتعم الفائدة بهذه المحاولات.
تنوعت مواضيع هذا الكتاب بين التاريخ الإجتماعي والثقافي، حيث تطرقت فيها لعيد الأضحى بالغرب الإسلامي وطقوس دفن الموتى، إضافة للتعليم خلال العهد الزياني والمكتبات بالأندلس والتصوف في أواخر العهد المرابطي ومناهج تحقيق التراث عند الدكتور عبد الحميد حاجيات، والكتابة التاريخية والحركة الطبية بالأندلس، إضافة إلى تسليط الضوء على موضوع النخب العلمية في حاضرة شلب، وسيرة الشريف التلمساني في ضوء المخطوط الذي حقق مؤخرا من طرف الدكتور ماحي قندوز، وإن كانت هذه المحاولات مختلفة المواضيع،فإنها تجتمع في الحيز الجغرافي، ألا وهو الغرب الإسلامي.
كما أنني حاولت في هذه الورقات قدر الإمكان الإستعانة بالمصادر ذات العلاقة بالمواضيع المعالجة، خاصة كتب النوازل، مستعينا في ذلك متى سنحت لي الفرصة، باستخدام المنهج الكمي، نظرا لأهميته في تقديم حقائق تاريخية بلغة الأرقام حتى تكون أقرب للحقيقة، وماهذه الورقات في حقيقة الأمر سوى محاولات سعيت من خلالها إلى التطفل على شق بحثي أعتبر نفسي لست مؤهلا بعد للبحث فيه.