تفصيل

  • الصفحات : 202 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2024،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الأولى ،
  • ردمك : 978-9931-08-867-7.

مقدمــــــــــــــة:

على عكس العقود البسيطة التي يتم إبرامها يوميا لإشباع الحاجات الأساسية للفرد، والتي تتم بتبادل إيجاب وقبول فوريين، فإنه يوجد نوع آخر من العقود توصف بالمركبة والمعقدة، يحتاج حدوث التطابق لديها بين هذين الأخيرين إلى المرور عبر مرحلة التفاوض، هذه الأخيرة يتم خلالها دراسة جميع جوانب وتفاصيل العقد المنشود، من تحديد لشروطه، ودراسة لجدواه الاقتصادية، ومتطلباته الفنية والمالية، كل ذلك بهدف إبرامه و تنفيذه دون وقوع أي نزاع بين أطرافه، وهو ما نجده منطبقا على عقود التجارة الدولية، فهذه الأخيرة ونتيجة لقيمتها الاقتصادية الكبيرة، وتعلقها بأكثر من دولة واحدة، فإن إبرامها لا يتم في الغالب إلا عبر طريق التفاوض، لاسيما بالنسبة لعقود المدة منها كعقد الترخيص وعقد الإيجار التمويلي الدوليين.

مرحلة التفاوض على العقود وعلى الرغم من أهميتها في إنشاء عقود التجارة الدولية، إلا أن العديد من مشرعي دول العالم لم يتولوا تنظيمها على غرار المشرع الجزائري والمصري، وكذلك المشرع الفرنسي قبل تعديل القانون المدني الفرنسي سنة 2016، الأمر الذي أدى إلى وصفها بالمرحلة الخطرة على أطرافها، نتيجة لما قد يتخللها من تجاوزات من قبل أحد الأطراف المتفاوضة، والذي من شأنه الإضرار بالطرف الآخر كقطع التفاوض دون مبرر مشروع بعد أن كانت قد عرفت تقدما كبيرا، واعتقاد الطرف الآخر بحتمية إبرام العقد التجاري الدولي محل التفاوض، ما استلزم معه أن يسود هذه المرحلة مبدآن أساسيان يتوليان ضبط وتأمين العملية التفاوضية، تمثل الأول في حرية التفاوض حول العقد المنشود، والذي مفاده تمكين الطرف المتفاوض من الدخول والانسحاب من المفاوضات في أي وقت يشاء، وعدم إلزامه بإبرام العقد المتفاوض عليه، شرط التزامه بحسن النية في ذلك، وهو المبدأ الثاني، هذا الأخير يتولى ضبط حرية التفاوض بالقدر الذي يتحقق معه التوازن بين مصالح جميع الأطراف المتفاوضة.

هذا ونتيجة لأهمية عقود التجارة الدولية، وحرصا من الراغبين في التعاقد عليها في ضمان إبرامها عند نهاية التفاوض، فكثيرا ما يلجؤون إلى إبرام عقود تمهد لذلك، كإبرام عقد التفاوض فيما بينهم بغية تنظيم عملية التفاوض عليها، كما قد يعمدون إلى إبرام عقد الوعد بالتعاقد، وعقد الوعد بالتفضيل، بهدف الانفراد بأولوية التعاقد حول العقد التجاري الدولي المنشود.

إن عدم تنظيم مرحلة التفاوض على العقود من قبل المشرع الجزائري والعديد من مشرعي دول العالم لا يعني أن هذه المرحلة لا يترتب عنها أي التزامات على عاتق أطرافها، إذ تجد هذه الالتزامات غالبا في حسن النية أو في اتفاق هؤلاء أساسا للالتزام بها خلال مرحلة التفاوض، أما بالنسبة للدول التي تولت تنظيم هذه المرحلة كالمشرع الفرنسي بعد سنة 2016، فإن أساس الالتزام بها صار قانوني، هذه الالتزامات منها ما هو أساسي كالالتزام بالإعلام والالتزام بالسرية، ومنها ما دون ذلك  كالالتزام بالتعاون والالتزام بحظر المفاوضات الموازية، إذ يترتب عن الإخلال بها قيام المسؤولية في جانب المخل بها، التي قد تكون تقصيرية في بعض الحالات، وعقدية في حالات أخرى.

من خلال ما سبق قد جاء هذا الكتاب لبيان ماهية عقود التجارة الدولية من حيث بيان مفهومها، أنواعها، والهيئات المكلفة بها، بالإضافة إلى بيان ماهية التفاوض عليها، وحدوده القانونية، والمبادئ الناظمة له، والعقود الممهدة لإبرام عقود التجارة الدولية، بالإضافة إلى تحديد الالتزامات الواقعة على عاتق المتفاوضين خلال التفاوض عليها، حيث تم تقسيمه  إلى ثلاث فصول، فصل تمهيدي متعلق بماهية التفاوض وعقود التجارة الدولية، وفصل أول خاص بتنظيم التفاوض على عقود التجارة الدولية، في حين خصص الفصل الثاني لبيان الآثار الناتجة عن التفاوض على هذه الأخيرة.