تفصيل

  • الصفحات : 182 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2024،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الأولى ،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-891-2.

المحاضرة الأولى: علم البلاغة (مفهومه ونشأته وتطوره وفروعه)، آراء أهل المشرق والمغرب.

تمهيد:

ارتبط ظهور الدراسات اللغوية عند العرب بالقرآن الكريم؛ إذ منذ اللحظات الأولى لنزوله أثار في الجزيرة العربية حركة فكرية ولغوية كبيرة؛ ألهمت العقول، وأسرت القلوب؛ حيث جاء بقيم دينية، وأخرى لغوية كان من شأنها أن تَتَمثَّل أبرز مظاهر الإعجاز الربّاني في كلام الله تعالى. فتوجّهت إليه نظرات الاهتمام البالغ في محاولة استجلاء أسرار إعجازه، وخصائص نظمه.

من هذا المنظور، تبوّأت اللغة العربية منزلة رفيعة في ظلّ القرآن الكريم، فأصبحت الشغل الشاغل لأبنائها، ولغير أبنائها من العجم – على تباين تخصصاتهم ودقّتها – من مفسرين وفقهاء ولغويين ونحويين وبلاغيين وغيرهم. لأجل هذا كلّه، لم تحظ أيّة لغة من اللغات، منذ خلق الله  تعالى  الإنسان بما حظيت به اللغة العربية من العناية المستمرّة على ممرّ الأجيال والعصور. وتبدو هذه العناية فيما ظهر من مؤلفات، وعلوم متنوعة محور بحثها النص المقدّس. كعلوم اللغة بفروعها: النحو والصرف، والعلوم الشرعية، كعلم التفسير والناسخ والمنسوخ، وعلم البلاغة بفروعه: المعاني والبيان والبديع. فما مفهوم البلاغة؟ وما هي مراحل نشأتها؟ وما هي فروعها؟ وغيرها من الأسئلة نحاول الإجابة عنها من خلا ل العناصر الآتي ذكرها:

أولا: تعريف البلاغة لغة واصطلاحا:

  • لغة:

هي  الوصول والانتهاء، ” يقال:  بلغ الشيء أي وصل إليه، وانتهى إليه، وتبلّغ بالشيء  وصل على مراده، والبلاغ ما يُتبلّغ به، ويتوصّل إلى الشيء المطلوب، بلغت الغاية إذا انتهيت إليها، مبلغ الشيء منتهاه، رجل بليغ: حسن الكلام فصيحه، يبلغ بعبارة لسانه كنه ما في قلبه، وبَلُغَ : صار بليغا، وتبالغ به الفرح والحزن: تناهى….  “.(1)

  • اصطلاحا:

إذا ما جئنا إلى تعريف البلاغة اصطلاحا، ألفينا مفاهيم عديدة، نكتفي بذكر أهمها:

  • يعرّفها ” الجاحظ ” بقوله: ” كل من أفهمك حاجته من غير إعادة، ولا حُبسة، ولا استعانة فهو بليغ “.(2)
  • ويرى ” فخر الدين الرازي ” أنّ: ” البلاغة بلوغ الرجل بعبارته كنه ما في قلبه مع الاحتراز عن الإيجاز المُخلّ، والإطالة المُملّة “.(3)
  • ويعرّفها ” الخطيب القزويني ” بقوله: ” فأمّا بلاغة الكلام فهي مطابقته لمقتضى الحال مع فصاحته  “.(4)
  • وتتلخّص البلاغة من منظور ” عبد القاهر الجرجاني (5)في أنّها ” لا تكون في الحديث الملفوظ أو المكتوب، وأنّها لا تفصل بين العلم والذوق، ولا بين المعنى والمبنى، فالكلام كائن حي؛ روحه المعنى وجسده اللفظ “.(6)
  • بهذا فالبلاغة: هي تأدية المعنى الجليل واضحا بعبارة صحيحة فصيحة، مؤثّرة في النفس. ولا تخرج البلاغة عن معنيين: “ الأول بلاغة المتكلِّم، وهي ملكة يقدر بها على تأليف كلام بليغ، والثاني بلاغة الكلام، وهي مطابقته لمقتضى الحال، وقيل البلاغة وهي تنبّئ عن الوصول والانتهاء، يوصف بها الكلام والمتكلِّم فقط دون المفرد “.(7)

ثانيا: تعريف الفصاحة لغة واصطلاحا:

  • لغة:

تطلق الفصاحة على معانٍ عديدة؛ من بينها نذكر: البيان والظهور، والخلوص والنقاء من الشوائب؛ أفصح الصبح: إذا أضاء، أفصح الأعجمي: إذا أبان، أفصح فلان عما في نفسه: إذا أعرب عنه، فصُح اللبن وأفصح: إذا أخذت عنه الرغوة، يوم مفصح: لا غيم فيه،….

  • اصطلاحا:

هي عبارة عن الألفاظ البيّنة الظاهرة المتبادرة إلى الفهم، والمألوفة في الاستعمال، وبتعبير آخر: هي الخلو من العيوب التي تلحق الكلمة أو الكلام أو المتكلم، والعيب إما أن يمسّ مادتها/ حروفها، أو صورتها/ صيغتها، أو دلالتها.

ثالثا: مقاييس الفصاحة عند العرب:

  • فصاحة الكلمة: سلامتها من أربعة عيوب: تنافر الحروف، غرابة اللفظ، الكراهة في السمع، مخالفة القياس.

1_ تنافر الحروف:

فهو يؤدي إلى ثقل في السمع، وصعوبة في الأداء، وذلك لتقارب مخارج الحروف. ولا ضابط لمعرفة الثقل والصعوبة سوى الذوق السليم والحسّ الصادق.

  • أمثلة توضيحية:

الصمعمع ( صغير الرأس )، الظّش ( الموضع الخشن )، هعخع ( نبات ترعاه الإبل )، المثغنجر ( السائل من ماء، أو دمع ).