محاضرات في علم الاجتماع التطبيقي

علم الاجتماع التطبيقي هو أحد الفروع الحديثة في علم الاجتماع إذا يستخدم النظريات والمناهج الخاصة بعلم الاجتماع في إجراء بحوث تقويمية أو العمل في مجال حل المشكلات الاجتماعية في البيئات التنظيمية وذلك عن طريق النظريات الاجتماعية ونتائج بحوثها، وهناك من يعرف علم الاجتماع التطبيقي بأنه استخدام المعرفة السوسيولوجية في حل المشكلات الاجتماعية إذ يدرس هذا الفرع مدى إمكانية وضع حقائق علم الاجتماع والنظرية الاجتماعية في مجال التطبيق العملي ومحاولة الارتقاء بالنظم والأوضاع القائمة ومحاولة معالجة المعتل منها، ويدخل في إطار هذا العلم الدراسات المتعلقة بالتنظيم والتنسيق والمسح الاجتماعي والرقابة الاجتماعية والتخطيط الاجتماعي والهندسة الاجتماعية والخدمة الاجتماعية، وما إلى هذا من الأمور التي ينطوي عليها الإصلاح الاجتماعي.

إذا فعلم الاجتماع التطبيقي علم يهدف إلى التعجيل بعمليات التغيير الاجتماعي لتحقق التقدم الاجتماعي المنشود داخل أي مجتمع، حيث يتم توظيف آليات البحث الاجتماعي في الميدان الواقعي لتعزيز الإطار النظري بما فيه المصطلحات والمفاهيم والنصوص النظرية، ووفقا لذلك يعمل علماء الاجتماع التطبيقي في مجالات متعددة تشمل تنظيم المجتمع، والصحة البدنية والعقلية، والعمل الاجتماعي، والتدخل وحل النزاعات، والتنمية المجتمعية والاقتصادية، والتعليم، وتحليل السوق، والبحوث، والسياسات الاجتماعية، وعلى الرغم من اعتبار علم الاجتماع التطبيقي فرعا حديثا من فروع علم الاجتماع إلا أننا يمكننا رصد العديد من الاسهامات المبكرة لدى علماء الاجتماع الكلاسيكيين أمثال أوجست كونت وإميل دوركايم وكارل ماركس وماكس فيبر تدخل في نطاق دراسات علم الاجتماع التطبيقي خاصة تلك القضايا والمشكلات التي لم يكتفي هؤلاء العلماء بمعالجاتها على المستوى النظري فقط بل حاولوا دراستها واختبارها في الواقع الاجتماعي المعاش.

وتأتي محاولة الزميلة الفاضلة دكتورة رشيدة فرين زموش في نطاق علم الاجتماع التطبيقي حيث تحاول أن تقدم لنا عبر هذا الكتاب في مجال التسيير عامة والتسيير الرياضي بصفة خاصة لطلاب شعبة الاقتصاد الرياضي لكي تمكن الطلاب الدارسين من فهم وتعلم ميكانزمات  التعامل مع مختلف الجماعات والطبقات الاجتماعية في إطار التغير الاجتماعي الذي شهده المجتمع الجزائري، وهو ما يتطلب التعرف على الأدوار والمراكز ومكانتها في البناء الاجتماعي وذلك من أجل تمكين الطلاب في شعبة التسيير والاقتصاد الرياضي  من شغل المناصب القيادية والتسيير الفعال للمؤسسات التي يعملون بها.

وقد خرج الكتاب في ستة محاور أساسية تناول المحور الأول الجماعات الاجتماعية، من حيث تعريفها، وسماتها، وأنواعها، وتصنيفاتها، والروابط داخلها، والمشكلات التي تواجهها، وأسبابها، وأنواعها، وهياكل جماعات العمل، والسلوك التنظيمي، ونظريات الإدارة العلمية، والعلاقات الإنسانية، والسلوكية.

وجاء المحور الثاني لمعالجة العلاقات الاجتماعية، من حيث ماهيتها، وأسس تكوينها، وأنواعها، وطبيعتها، والإرهاصات النظرية في دراسة العلاقات الاجتماعية، ومدرسة العلاقات الانسانية، والعلاقات الاجتماعية والتفاعل الاجتماعي من حيث مقتضياته، وأهدافه، والعوامل المساعدة فيه، وأساليب قياسه.

وأتى المحور الثالث لمعالجة الطبقات الاجتماعية، من حيث المفهوم والتصورات النظرية للطبقة الاجتماعية، نظرية الصراع، والنظرية البنائية الوظيفية، وتقسيم الطبقات، والتفاوت الطبقي، والتركيب الطبقي في الوطن العربي، والطبقات الاجتماعية المهنية ومستويات تكوينها.

وجاء المحور الرابع لمعالجة التغير الاجتماعي، من حيث المفهوم وعلاقته بالمصطلحات الأخرى، كالتقدم، والتطور، والتحديث، والتحضر، والنمو، والتنمية، والإصلاح، والثورة، والتخلف، والتراجع، والتردي، وخصائص ونظريات التغير الاجتماعي، ومستويات التغير الاجتماعي، وعوامله، ومعوقاته، وعملائه، ومراحله.

وأتى المحور الخامس لمعالجة الاتجاهات، من حيث تعريفها، وتكوينها، وخصائصها، ووظائفها، وأنواعها، والتعصب، وتغيير الاتجاهات، وقياسها.

وجاء المحور السادس والأخير لمعالجة الأدوار والمراكز الاجتماعية، من حيث مفهوم الدور الاجتماعي، وتعلم الأدوار، ومعايير اختلاف الأدوار، وتعددها، وحركيتها، واستعمالاتها، ونظام الدور، ولعبه، وتوقعاته، ومحدداته، والمراكز الاجتماعية، وأنواعها، والمركز والمكانة الاجتماعية، والدور والمكانة الاجتماعية.

ويتميز الكتاب بالثراء المعرفي ويعد مخطوطا رفيع المستوى يعبر عن تمكن الدكتورة رشيدة من أدواتها النظرية والمنهجية، حيث يشكل الكتاب إضافة علمية متميزة في مجال علم الاجتماع التطبيقي، يمكن تطويرها مستقبلا عبر نماذج واقعية في كل محور من محاور الكتاب المختلفة.

د. محمد سيد أحمد

المفكر والكاتب والأكاديمي المصري