تفصيل

  • الصفحات : 192 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2024،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الأولى ،
  • لون الطباعة :أسود،
  • ردمك : 978-9931-08-877-6.

مقـدمـة

أصبحت العلاقة المتبادلة بين الأنشطة الاقتصادية والتدهور البيئي من المواضيع الهامة التي تلقى اهتمام العديد من الباحثين في تخصصات علمية مختلفة، والتي تبحث في تحليل مظاهر التلوث التي تُصيب العديد من الأنماط الجغرافية ومتابعة تطورها الزمني وانعكاساتها على الأنظمة البيئية والاقتصادية والاجتماعية، الأمر الذي يجعل من البعد المكاني ضرورة لوصف العديد من المشاكل البيئية بشكل واقعي.

وتُمثل العلاقة بين الإنسان والبيئة محور التفكير الجغرافي في محاولة لفهم مدى قدرة الإمكانات الجغرافية في تحقيق التنمية المستدامة باعتبار هذا النوع من التنمية يتمتع بنجاح مكاني واسع وفي مناطق جغرافية مختلفة متخذًا محورًا زمنيًا خطيًا أحادي الاتجاه موجهًا نحو المستقبل يراعي حاجيات الأجيال الحالية والأجيال القادمة.

تندرج التنمية المستدامة ضمن الدراسات الجغرافية في إطارها المكاني فهي توجه أساسي للقرن 21 على مقاييس مختلفة تقوم على رؤية “فكر عالميًا، واعمل محليًا”، ليبرز دور الجغرافية بمفهومها الواسع والشامل في توظيف أساليبها ومناهجها للانتقال من فكرة التنمية والتركيز على الاستدامة.

وتشكل المدينة إطارًا مكانيًا مناسبًا لممارسة التنمية المستدامة فهي من المراكز المهمة التي بإمكانها التأثير على مختلف العلاقات المكانية في إطار “الإنسان-البيئة”، وقد حققت العديد من الأبحاث والدراسات مفهوم “المدينة المستدامة” كامتداد مفاهيمي يمكن من احتضان العديد من القواسم المشتركة بين الجغرافية والتنمية المستدامة، وهذا هو هدف هذا الكتاب الذي نقدمه تحت عنوان “الجغرافية دعامة الاستدامة: من أجل تعزيز المدن المستدامة” في محاولة لإبراز طبيعة العلاقة القائمة بين الجغرافية ببعدها المكاني والدور الإنساني في علاقة تأثير وتأثر مع الأبعاد البيئية والاقتصادية والاجتماعية للتنمية المستدامة، مركزًا على المدينة كنسق حضري بإمكانه الكشف عن تطور أنظمة الفكر الجغرافي وتقييم مستواها.

يتألف الكتاب من 06 فصول مهمة متكاملة ومترابطة.

يتناول الفصل الأول تقديم علم الجغرافية من حيث مفهومه الواسع والشامل تبعًا للاتجاهات الفكرية الجغرافية المتعدّدة والمرتبطة بالتطور العلمي الذي عرفه علم الجغرافية عبر الزمن وتزايد أهميته العلمية على أكثر من صعيد، إلى جانب إبراز أهداف علم الجغرافية والمكانة العلمية التي تدعم بها باقي العلوم الأخرى، والتي تعززها المدارس الجغرافية المتميزة التي تجمع بين “الحتم البيئي” و”الإمكانية” و”الاحتمالية” والمدعمة بتيارات جغرافية متنوعة تمثلت في التيار الكمي، والتيار الراديكالي والتيار السلوكي الجغرافي.

أما الفصل الثاني فقد ركز توضيح مفهومين هامين، يتعلق الأول بـ “التنمية” من حيث مفهومها وخصائصها وأهدافها الأساسية والثانوية تبعًا لمبادئها، إلى جانب توضيح مداخل التنمية وأبعادها الاقتصادية والاجتماعية، مع إبراز دور الفاعلون في التنمية، أما الثاني فهو “الاستدامة” فبعد إعطاء مفهومها لغة واصطلاحًا وكذا مفهومها الشامل تم الإشارة إلى سماتها الرئيسة من الجوانب الاجتماعية والثقافية، والبيئية، بالإضافة إلى مرتكزاتها القائمة على السلطة الرشيدة والمؤسسات ومراكز البحث وكذا المجتمع الواعي على مستويات مكانية متباينة، والتي لا بد من ممارستها ضمن استراتيجية واضحة الأهداف والتوجهات.

وقد ركز الفصل الثالث على مفهوم التنمية المستدامة في بعدها الجغرافي مع الإشارة إلى خصائصها المتعددة كالاستمرارية والمشاركة وتنظيم استخدام الموارد والاهتمام بقدرات الإنسان والحفاظ على التوازن البيئي وبناء المؤسسات المدنية وتطويرها، إلى جانب توضيح أهداف التنمية المستدامة وفق منظوري التدرج والتوازن وكذا مقوماتها الأساسية القائمة على الإنسان، والطبيعة، ورأس المال، والتكنولوجيا، دون نسيان مكوناتها ومبادئها تبعًا للجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية حسب مؤشراتها المتعددة والموزعة على ثلاثة مجموعات، ليتضح بعدها علاقة الجغرافية بالتنمية المستدامة.

واهتم الفصل الرابع بالتنمية الحضرية المستدامة باعتبارها أداة للتطور الناجح مشيرًا إلى مفهومها، وأهميتها، ومبادئها وعناصرها الأساسية التي تجمع بين النظم البيئية الطبيعية والنظم الاجتماعية في إطار العلاقة بين الإنسان والبيئة، وكذا أهدافها، ودوافعها ومؤشراتها والأدوات والأساليب المستخدمة لتحقيقها.

بينما الفصل الخامس تناول المدن المستدامة من حيث مفهومها، وخصائصها، ومبادئها ومؤشراتها لان المدينة المستدامة في الهدف والطموح من تحقيق التنمية الحضرية المستدامة وهي الوعاء المكان الحاضن لها، إلى جانب بيان بنيتها وفق أبعاد الاستدامة والأولويات التي تطمح لتحقيقها ضمن استراتيجيات المدن المستدامة على مختلف المقاييس.

في حين ركز الفصل السادس على الاهتمامات الحيوية للمدن المستدامة خاصة تلك المتعلقة بالتنوع البيئي، والارتقاء بنوعية الحياة للسكان، إلى جانب الاهتمام بتحقيق العدالة والاندماج الاجتماعي وذلك ضمن مستويات مكانية متباينة للتنمية الحضرية بالمدن المستدامة تنطلق من البناية، فالحي المستدام إلى المدينة ككل مع الاستناد إلى بعض التجارب الأجنبية.

وقبل أن نختم هذه المقدمة، وكما اعتدنا دائمًا أن نطمئن القارئ بأننا نرحب بأية ملاحظات يمكن الاهتداء إليها في طبعة لاحقة.

نسأل الله الخير والصلاح، ومن الله التوفيق.

المؤلفان.