مقدمة:

اكتسب علم السكان أهمية بالغة سواء في الماضي أو الحاضر نظرا للعلاقة بين المجال الاقتصادي والاجتماعي وتأثيره على مختلف جوانب التنمية.

فمثلا نلاحظ عموما أن  بلدان العالم وخاصة المتقدم منها شهدت انتقالا ديموغرافيا تجسد في تباطؤ وتيرة تزايد عدد السكان مما افقدها فئة مهم في المجتمع ألا وهي فئة الشباب والتي تعد القوة العاملة في المجتمع، وفي المقابل نجد بلدان العالم النامي تشهد انفجارا سكانيا تسعى إلى التخفيض منه من خلال رفع سن الزواج وسياسة تحديد النسل وغيرها من القوانين،بغية تفادي مختلف المشاكل التي تنجم عن الحجم الكبير للسكان كالبطالة والفقر وغيرها من مشاكل التنمية المختلفة. فالنمو السكاني يؤثر على الموارد الطبيعية وبالتالي يؤثر على الاقتصاد مما يضطر إلى اتخاذ إجراءات وسياسات من اجل مراقبة ومتابعة موارد المجتمع والاستفادة منها. فعلاقة السكان بالتنمية أو بمستوى العيش نال الاهتمام من خلال كتابات والمفكرين الأوائل مثل كونفوشيوس وأفلاطون وغيرهم ثم جاءت بعدها نظريات سكانية ساهمت في تفسير هذا العلم.

وعليه جاء الكتاب متضمنا مواضيع متعلقة بعلم السكان، حيث يتمكن القارئ خاصة طلبتنا سنة أولى جذع مشترك علوم اجتماعية، والمهتمين بدراسات علم السكان من اكتساب كم من المعلومات العلمية، وقد قسم الكتاب على خمسة فصول، بدأنا بمدخل تاريخي لعلم السكان تناولنا من خلاله التعريف بعلم السكان أهميته والعوامل التي ساهمت في تطور هذا العلم والكتابات الأولى حوله، ثم تناول الفصل الثاني علاقة علم السكان بالعلوم الأخرى كعلم الإحصاء والاقتصاد والتاريخ وعلم الاجتماع وغيرها، وبعدها عرجنا إلى الفصل الثالث الذي خصص لأهم الملامح النظرية حيث شكلت دراسة هذا الجانب محورا مهما في الفكر السكاني، فقد تناولنا نظرية مالتوس ثم النظرية الطبيعية وأهم روادها كما تناولنا النظرية الاجتماعية،ثم بعد ذلك تناول تفاصيل الفصل الرابع أهم وسائل وتقنيات الملاحظة في الديموغرافيا، لنعرج في الأخير إلى الفصل الخامس الذي احتوى تقريبا بشكل معمق المؤشرات السكانية، حيث تطرقنا إلى عدة ظواهر سكانية كظاهرة الخصوبة وظاهرة الوفاة وظاهرة الزواج  كما تناولنا ظاهرة الهجرة هاته الأخيرة التي تعتبر في معادلة النمو السكاني مصدر غير طبيعي في التغيير الطارئ على حجم السكان وإطارا مهما يفسر على ضوئه أي تغير يطرأ على حجم السكان في أي مجتمع، كل ذلك بالتطرق للجانب النظري لها وصولا إلى المعادلات الرياضية والطرق المستخدمة في دراستها. وقد تم الاعتماد على الكثير من المراجع من أجل تقديم هذا الكتاب في شكله النهائي.