تفصيل

  • الصفحات : 127 صفحة،
  • سنة الطباعة : 2024،
  • الغلاف : غلاف مقوى،
  • الطباعة : الأولى ،
  • لون الطباعة :أسود،

مقدّمة

بسم اللّه الرحمن الرّحيم، والصّلاة والسّلام على أشرف المُرسلين، وبعد:

يعدّ الأدب من أكثر الفنون تعبيرا عن الحالات الإنسانيّة، والقضايا الكونيّة؛ نظرا لاتّصاله العميق بالحياة والوجود، فمُنذَ القِدم ظهرت الكثير من الأجناس الأدبيّة الّتي صوّرت، وعبّرت عن الأوضاع والظّروف الإنسانيّة المُؤلمة والمُفرحة.

ويحتلّ أدبنا العربيّ المُعاصر مكانة مرموقة بين باقي الآداب العالميّة الأخرى، فقد احتفى بمختلف أجناسه الشّعرية (الشّعر العموديّ، شعر التّفعيلة قَصيدة النّثر)، والنّثرية (الرّواية، القصّة، المسرحيّة…) بمُواكبة التّحوّلات التّاريخيّة، والسّياسيّة، والاجتماعيّة، والفكريّة الّتي طرأت على بُنية المُجتمع العربيّ، وقد استفاد الأدب العربيّ المُعاصر من مختلف التّقنيات والأساليب الفنيّة، والنّظريات الفلسفيّة للمَدارس الغربيّة المُختلفة، كما أسهمت عوامل محليّة وأجنبيّة في بلورة وظهور، وتطوّر الأدب العربيّ المُعاصر.

ونَهدفُ من خلال هذا المقياس إلى تعريفِ الطّلاب بأهمّ الفنون الأدبيّة المُعاصرة، وإجلاء ملامحَ التّطوّر والتّجريب الظّاهرة عليها، إضافة إلى تعريفهم بالتّجارِب الأدبيّة المهمّة جدّا الّتي حقّقت تميّزا وحُضورا كبيرا، وكان لها التّأثير البارز في تشكيل الذّاكرة الأدبيّة العربيّة المُعاصرة، وصارت أنموذجا حيّا للأجيال.

فالمُحاضرات المُقدَّمة ضمن مقياس “نصّ أدبيّ مُعاصر” مُوجّهة لطلبة السّنة الثّانيّة، تخصّص دراسات نقديّة، تُتيحُ لهم امتلاك معلومات وكفاءات مُتعدّدة، كما تُثري معارفهم، وتُغني لغتهم وأسلوبهم، وتثقّفهم بأهمّية هذه الفنون الأدبيّة في حياتنا اليوميّة، وكيفيّة التّعامل مع أبرز القضايا والموضوعات المُعالجة وإسقاطها على الحياة اليوميّة، إضافةً إلى توسيع مداركهم الأدبيّة والفنيّة.

ومن أهمّ التّساؤلات المَطروحة حول هذا المِقياس تتمثّل في: ما هي العوامل الّتي أسهمت في ظهور الأدب العربيّ المُعاصر؟ وما هي التّحوّلات الفنيّة والمَوضوعاتيّة الّتي طرأت على مختلف الأجناس الشّعرية والنّثريّة؟ ومَن هم أبرز أعلام الأدب العربيّ المُعاصر؟ وما هي أبرز القضايا الّتي تطرّقوا إليها في كتاباتهم؟

وقد حَاولنا من خلال مُحاضراتنا الأربعة عشر الإجابة عن هذه التّساؤلات بالوصف والتّحليل، والتطرّق إلى أهمّ النّقاط المُتّصلة بمُفردات المقياس، ففي المُحاضرة الأولى المُعنونة ب الشّعر العربيّ المُعاصر مَدخل تاريخيّ  تطرّقت فيها إلى تقديم عرض تاريخيّ لمفهوم الشّعر العربيّ المُعاصر، وإبراز أهمّ خصائصه، ومدارسه، وأعلامه، أمّا المُحاضرة الثّانيّة فكانت مُخصّصة لموضوع “قصيدة الشّعر العموديّ“، تناولت فيها تطوّر القصيدة العموديّة في العَصر المُعاصر، وأبرزت ملامح الحداثة والتّجريب فيها، من خلال عرض تجارِب شعريّة مُعاصرة في القصيدة العموديّة.

وفي المُحاضرتين الثّالثة والرّابعة المعنونتين ب الرّواد والتّجربة الشّعرية الجديدة، عرّجت إلى موضوع قصيدة التّفعيلة (الحرّ)، وإبراز العوامل الّتي أدّت إلى ظهورها، وأهمّ خصائصها الفنيّة والموضوعاتيّة، كما أبرزت الصّراع الّذي وقع حول الرّيادة التّاريخيّة لشّعر التّفعيلة.

أمّا المُحاضرتين الخامسة والسّادسة الموسومتين ب الحداثة الشّعرية، فقد أبرزت فيهما مفهوم الحداثة، وأسباب ظهورها في الوطن العربيّ، كما قدّمت أهمّ روّاد الحداثة في الوطن العربيّ، وأبرزت ملامحَ الحداثة في شعرهم.

كما سارت المُحاضرة السّابعة الحداثة الشّعرية في الجزائر على نفسِ النّهج، حيث قدّمت فيها لمحة عن الشّعر الجزائريّ الحَديث، وعَرضت نماذجَ شعريّة، وأبرزت الجوانب الحداثيّة فيها.

أمّا المُحاضرة الثّامنة، فقد خصّصتها لموضوع قصيدة التّفعيلة في الجزائر، فقد أبرزت فيها أنّ الشّعر الجزائريّ الحرّ قد تأثّر بحركة شعر التّفعيلة في العراق، والمشرق العربيّ، وقد وظّفت نماذجَ شعريّة حرّة تميّزت بطابعها الثّوريّ التمرّدي شكلا ومضمونا.

وفي المُحاضرة التّاسعة، تناولت مفهوم قصيدة النّثر، وعوامل ظهورها في الأدب الحديث والمُعاصر، وخصائصها الفنيّة والجماليّة، وأبرز روّادها، كما تطرّقت إلى قصيدة النثّر في الجزائر، وحلّلت مجموعة من المقاطع الشّعرية.

وكان لفنّ القصّة حضور بارز في المُحاضرتين العاشرة والحاديّة عشر حيث خصّصتهما لموضوعي القصّة، والفنّ القصصيّ: الأعلام والاتّجاهات وعرضت فيهما مفهوم القصّة وعناصرها، وأسباب ظهورها في الوطن العربيّ نشأتها وتطوّرها، وأهمّ الأعلام والاتّجاهات، فهذا الفنّ – رغم تغييبه- بدأ في الازدهار مُؤخرا.

وللرّواية مكانتها الكبيرة في المشهدِ الأدبيّ اليوم، فهي ديوان العصر، وأكثر مقروئيّة، واحتفاء نقديا وإعلاميّا، لهذا خصّصت لها مُحاضرتين، المُحاضرة الأولى الرّواية العربيّة، أبرزت فيها مفهوم الرّواية، وظهور الفنّ الرّوائيّ وعوامل نشأته في الوطن العربيّ، كما خصّصت جزئيّة للرّواية الجزائريّة ونشأتها وتطورّها. أمّا مُحاضرة الرّواية العربيّة المُعاصرة أعلامها“، فعرضت فيها أهمّ التّجارب الرّوائيّة الرّائدة في الوطن العربيّ، وبيّنت أهمّ القضايا والمَوضوعات الّتي شغلت بالَ الرّوائيين، ودفعتهم إلى الكتابة.

أمّا المُحاضرة الأخيرة فخصّصت ل “المسرح العربيّ المُعاصر وقَضاياه قدّمت فيها مفهوم المسرح، ودورُه في التّعبير عن الحياة، وأهمّ المشاغل والهُموم والقضايا القريبة من النّاس، كما عرَضت تجارِب مسرحيّة بارزة في بعض الأوطان العربيّة.

وقصدَ الوصول إلى النتائج المرجوّة، والإحاطة بأهمّ الفنون الشّعرية والنثريّة المُعاصرة اعتمدت على المنهج الوصفيّ والتّحليليّ، فالمنهج تمظهر في وصف الظواهر الأدبيّة، أمّا المنهج التّحليليّ فقد برز في تحليل النماذج الأدبيّة وإبراز سماتها الجماليّة، والفنيّة، والموضوعاتيّة، كما وظّفت المنهج التّاريخيّ الّذي برز في التّأريخ لظهور، ونشأة الفنون الأدبيّة (الشّعرية، والنّثريّة).

وقد اعتمدت على مجموعة من المصادر والمراجع المهمّة في إعداد بحثي لإثرائه علميّا ومعرفيّا، فالمصادر تمثّلت في الدواوين الشّعرية، أمّا المراجع فمنها: كتاب “قضايا الشّعر المُعاصر” ل “نَازك الملائكة”، وكتاب “القصّة القصيرة” ل “عبد الله الرّكيبي”، وكتاب “التّجريب في القصّة القصيرة” ل “شعبان عبد الحكيم محمّد”، وكتاب “رؤيا الحداثة الشّعرية نحو قصيدة عربيّة حديثة” ل “محمّد صابر عَبيد”، وكتاب “الأدب الجزائريّ الجديد التّجرِبة والمآل” ل “جَعفر يايوش”، وكتاب “المسرح العربيّ المُعاصر قضايا ورُؤى وتجارِب” ل “عبد الله أبو هيف”.

ورَغم الصّعوبات الّتي واجهتني، إلّا أنّني حاولت جمع المادّة العلميّة  والإحاطة بأهمّ الجوانب المتّصلة بالمُحاضرات؛ لإفادة الطّلبة، وجعلهم يتّصلون بأدبهم المُعاصر، ويتعرّفون على مُميّزاته، ومقوّماته الفنيّة، وأبرز قضاياه. وأرجو أن أكون قد وُفّقت في تقديم هذه المُحاضرات المُتعلّقة بمقياس “نصّ أدبيّ مُعاصر”، الّذي يفتح دائما منافذَ البحث والدّراسة أمام الباحثين.

كما أتقدّم بوافر الشّكر والتّقدير إلى لجنة القراءةِ المُوقّرة الّتي ستقوم بقراءة هذا البحث العلميّ، وتتعقّبه بالمُلاحظات والانتقادات البنّاءة، راجيةً من الله أن يكون إضافة مهمّة للباحثين والطّلبة في تخصّص الأدب العربيّ.