يعدّ النمو الاجتماعي للطفل من الموضوعات الهامة التي تقع في دائرة اهتمام عدد من العلوم الانسانية مثل علم النفس وعلم الاجتماع والتربية وعلم النفس الاجتماعي، وإذا أضفنا إلى الموضوع فلسفة النشاط البدني والرياضي فإن الدائرة تتسع لتضم التربية الرياضية وعلم النفس الرياضي وعلم الاجتماع الرياضي، ودراسة مثل هذا الموضوع يتطلب باحثا متميزا يتمتع بمعرفة موسوعية حتى يتمكن من سبر أغواره والإلمام بكل جوانبه من أجل الوصول لإضافة حقيقية للمعرفة العلمية المتوفرة، ولا نبالغ إذا قلنا أن هذا الموضوع يتطلب فريق بحثي كامل من عدة تخصصات من أجل دراسته.

وإذا سلّمنا بما توصلت إليه المعرفة العلمية الحديثة بأن الإنسان كائن اجتماعي، فإن عملية نموه الاجتماعي تتم عبر مراحل نموه المختلفة، وبالطبع تأتي مرحلة الطفولة في مقدمة المراحل التي تشهد عملية النمو الاجتماعي، وترتبط عملية النمو بعدد من العمليات أهمها فلسفة نشاطه البدني والرياضي.

وبقراءة المخطوط يتضح مدى قدرة الباحثة الدكتورة رشيدة ڤرين/ زموش على معالجة الموضوع بكفاءة على المستويين النظري والمنهجي، بالإضافة إلى قدرتها على تطبيق نموذجها الفلسفي التربوي على الواقع، ممّا مكّنها من الوصول إلى نتائج تمثل إضافة حقيقية للمعرفة العلمية في مجال النمو الاجتماعي للطفل في مرحلة الطفولة المتأخرة.

وقد جاء الكتاب في ثلاثة فصول أساسية بخلاف المقدمة والخاتمة، وقد تناول الفصل الأول فلسفة التربية، حيث أوضحت الباحثة أهمية النظرية الفلسفية في العملية التربوية، وقدمت عرض وافي للنظريات الفلسفية المختلفة وعلاقتها بالنظريات التربوية.

وجاء الفصل الثاني ليعالج التربية البدنية والرياضية باعتبارها أساسيات لتحقيق مطالب النمو الاجتماعي لأطفال مرحلة الطفولة المتأخرة، وتمّ تطبيق ذلك على تلاميذ السنة الخامسة ابتدائي كنموذج واقعي ممثل لهذه المرحلة.

وأتى الفصل الثالث ليحلل قدرة منهاج التربية البدنية والرياضية المطور في الجزائر بالمقاربة بكفاءات تلاميذ السنة الخامسة ابتدائي، وذلك للكشف عن دوره في عملية النمو الاجتماعي للطفل، وهل يقوم بهذا الدور بكفاءة أكبر من مناهج التربية البدنية والرياضية التقليدية.

وتخلص الباحثة في النهاية بأن منهاج التربية البدنية والرياضية المطور لتلاميذ السنة الخامسة ابتدائي بالجزائر والذي يعتمد على المشروعات وحل المشكلات من المناهج التي تعتمد الطرق والأساليب الحديثة في فلسفة النشاط البدني والرياضي والتي تساعد على النمو الاجتماعي للطفل.

ويمكننا القول أن هذا العمل يمثل إنتاجا علميا رفيع المستوى، لباحثة متميزة ومتمكنة من كافة أدوات البحث النظرية والمنهجية، والتي تمثل بإبداعها إضافة حقيقية للمعرفة العلمية العميقة في مجال فلسفة النشاط البدني والرياضي وأثرها على النمو الاجتماعي للطفل.

د. محمد سيد أحمد

المفكروالكاتبوالأكاديمي المصري